أكدت ورقة بحثية بعنوان "التداعيات الاجتماعية المحتملة للغلاء ، قراءة في الحالة المصرية" وجود 7 تداعيات خطيرة لموجة الغلاء وارتفاع الأسعار في مصر بهذه الصورة غير المسبوقة.
وقالت الورقة التي نشرها موقع الشارع السياسي إن "الموجة تحمل كثيرا من التداعيات السلبية الشديدة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي؛ أبرزها ارتفاع معدلات التضخم وتراجع القوة الشرائية لعشرات الملايين من المصريين، وركود الأسواق وتفاقم الديون".
وأضافت أن هذه التداعيات تبرهن على فشل النظام في إدارة موارد الدولة، فمصر حاليا تعتمد على القروض والمساعدات وزيادة الرسوم والضرائب، أما أخطر التداعيات الاجتماعية فهي زيادة معدلات الفقر وسقوط عشرات الملايين تحت خط الفقر، وأمام الجوع يتجه الناس إما إلى الثورة والاحتجاج أو الجور على حقوق الآخرين ، وبالتالي تزداد معدلات الجريمة ويتفكك المجتمع في ظل انشغال الأجهزة الأمنية بأمن النظام على حساب أمن الوطن والمواطن".
وتابعت أن "تفشي اليأس والإحباط يدفعان لارتفاع معدلات الانتحار والطلاق والتفكك الأسري والتسول، وهو ما تؤكده الأرقام الرسمية والبحوث والدراسات المتخصصة".
وأكدت أن الانقلاب يعجز عن وضع حلول جذرية لهذا الأمراض والأزمات المزمنة. فمصر ــ تحت حكم الجيش ــ تغرق والجنرالات يتشبثون بالسلطة والمجتمع يتفكك وينهار، والتحولات الدولية تعصف بالجميع دون توقف ولن يسلم من هذه العواصف إلا الأمم والشعوب الحرة المتماسكة التي تحكمها نظم رشيدة اختارتها الشعوب فاستعدت لهذه الأوضاع الشديدة فحققت اكتفاءها من الطعام وبنت اقتصادها على أسس قوية وصحيحة".
وحذرت من أنه "ما لم يتدارك الجيش هذه الأوضاع المقلوبة وغير العادلة فإن الشعب قد ينفجر ضده في أي لحظة، والأمور للأسف تمضي في هذا الاتجاه تدفعها سياسات النظام وإخفاقاته الكثيرة في كافة الملفات والقطاعات".
وحاولت الورقة رصد التداعيات والإجابة عن هذه التساؤلات الملحة حول مستقبل البلاد في ظل هذه الانعطافة الحادة في الوضع المالي والاقتصادي في مصر في ظل تداعيات تفشي كورنا من جهة والغزو الروسي لأوكرانيا من جهة ثانية والتعويم الجزئي للجنيه من جهة ثالثة.
معدلات الفقر
واسترشدت الورقة ببيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، حول معدلات الفقر في مصر، حيث تراجعت من 32.5% في 2018، إلى 29.7% في 2020، (نحو 30.6 مليون فقير).
واسترشدت تاليا بما نشرته صحيفة اقتصادية مصرية بالتزامن مع إعلان نتائج الفقر تقريرا مفاده أن النتائج قد تأخر إعلانها بضعة أسابيع، نظرا لاعتراض جهة سيادية على النتائج، ومطالبتها بـتحسين النتائج، ورغم قيام جهاز الإحصاء بتحسين النتائج فقد طلب الجهاز السيادي تعديل نتائج معدلات الفقر مرة ثانية، أي أن النتائج المُعلنة قد تم تحسينها مرتين.
وأشارت إلى تقديرات للبنك الدولي أن نسبة الفقراء في مصر أو أولئك الذين يقبعون على خط الفقر تزيد عن نحو 60%، بما يعني أن نحو 62 مليون مصري باتوا فقراء.
وأكدت أن "معدلات الفقر الرسمية ملعوب فيها وأن الاستثمارات الأجنبية في مصر لم تشهد ارتفاعا يعزز من تراجع مستويات الفقر، بل إن الحكومة خفضت مخصصات الدعم وفقا لأرقام الموازنة في سنوات 2019 و2020، فكيف يتراجع الفقر في ظل هذه الحقائق؟
وأوضحت أن تقديرات البنك الدولي تقترب من النسب الصحيحة للفقر، حيث إن الجائحة قد تكفلت بانخفاض دخول نحو 91% من القوة العاملة بمصر؛ وفقا لأحدث دراسات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في يناير 2022، حيث أوضحت الدراسة أن انتشار فيروس كورونا أثر على دخل الأفراد المشتغلين بنسبة 91.3% في حين أن 0.5% فقط زادت دخولهم بسبب الوباء".
معدلات الجريمة
وأشارت الورقة في هذا التداعي إلى مؤشر الجريمة العالمي “نامبيو” سنة 2018، وأن هناك نحو 92 ألف بلطجي في مصر، كما ارتفع عدد المسجلين خطر بنسبة 55% حسب إحصائية رسمية صادرة عن وزارة الداخلية سنة 2017م.
وقالت إن "تقديرات أخرى فعدد البلطجية في مصر وأرباب السوابق يصل إلى نحو 500 ألف بلطجي في سنة 2018م".
كما كشف «نامبيو» أيضا عن رصد 1360 حالة قتل بزيادة بنسبة “130%”، و925 حالة سرقة بالإكراه بزيادة 350%،بخلاف حالات السرقة العادية بزيادة نسبتها 400%، بينما ارتفعت سرقة السيارات بنسبة 500%، و66 حالة اغتصاب و467 هتك عرض.
معدلات الانتحار
ولفتت الورقة إلى ارتفاع معدلات الانتحار وأن مصر تأتي بالمركز 129 عالميا في مستوى سعادة الشعوب، ضمن قائمة احتوت على 148 دولة، كما احتلت مصر المرتبة الأولى عربيا من ناحية معدلات الانتحار، بحسب إحصاءات منظمة الصحة العالمية، متفوقة في ذلك على دول تشهد نزاعات مسلحة وحروبا أهلية، حيث شهد عام 2019 وحده انتحار 3022 شخصا.
وقالت إن"خطط حكومة الانقلاب تشير إلى عدم الجدية في معالجة الظاهرة من ناحية، ويفتح الباب من ناحية أخرى أمام اجتهادات المنظمات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني في تقدير حالات الانتحار".
معدلات الطلاق والتفكك الأسري
وقالت الورقة إنه "خلال السنتين الأخيرتين ارتفعت معدلات الطلاق في مصر على نحو ملحوظ؛ وأعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، ارتفاع عدد حالات الطلاق إلى 255004 حالات عام 2021 مقارنة بعام 2020، حيث كان 222036 حالة بنسبة زيادة 15%، وبلغت مساهمة المرأة في قوة العمل 15.2% من إجمالي قوة العمل فقط، كما بلغ معدل البطالة للإناث 16%".
تكريس الطبقية
وقالت الورقة إن "موجات الغلاء المتتابعة تسببت في تكريس الطبقية في مصر على نحو كبير؛ وقد ساهمت السياسات النيوليبرالية التي يتبناها النظام في العصف بعشرات الملايين من المصريين تحت خط الفقر، في الوقت الذي تتمتع فيه قلة قليلة بمعظم المكاسب والعوائد الاقتصادية؛ ترتب على ذلك وجود أغلبية ساحقة من الفقراء وقلة من الأثرياء بل فاحشي الثراء.
وأرشدت الورقة إلى أن نحو 80% من ودائع البنوك مملوكة لنحو 2.5% فقط من المجتمع. وبحسب البنك المركزي فقد قفزت الودائع غير الحكومية لدى القطاع المصرفي خلال أربع سنوات نحو 88%، مسجلة 4.7 تريليون جنيه بنهاية يونيو 2021، مقابل 2.5 تريليون جنيه في نفس الشهر من عام 2017.
وساقت عدة أدلة على "انعدام العدالة في توزيع الثروة وتكريس سياسة اللا مساواة، ساهم في ذلك عدم وجود ضريبة تصاعدية على هذه الودائع أو ضريبة على العوائد منها، مما يفاقم هذه الثروات في شكل الودائع، بينما يتحمل الفقراء كل تداعيات البرنامج الاقتصادي المؤلمة".
التسول
وقالت إن "الغلاء الفاحش وارتفاع الأسعار ترتب عليه زيادة معدلات التسول وأعداد المتسولين مع سقوط ملايين المصريين تحت خط الفقر وعدم قدرتهم على الوفاء باحتياجاتهم الأساسية من الطعام والملبس والمأوى؛ وتقدر دراسة صادرة عن المركز القومي للبحوث الجنائية عدد المتسولين بحوالي 41 ألفا".
وأضافت أن عدد الأطفال الذين يتم استخدامهم في عمليات التسول حوالي “1.5” مليون طفل بحسب إحصائية كشفها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بحسب موقع “دوت مصر” التابع لجهاز المخابرات العامة سنة 2017.
الانفجار الاجتماعي
وقالت الورقة إنه "وفقا لتقديرات موقع جيوبوليتيكال فيوتشرز، فإن الاحتجاجات الجماهيرية تكاد تكون حتمية في مصر وشمال إفريقيا إذا ارتفت أسعار الغذاء إلى مستويات جديدة تفوق قدرة ملايين الفقراء، مضيفة أنه استنادا إلى مؤلفات جاك غولدستون عالم الاجتماع السياسي الأميركي والأستاذ بجامعة جورج مايسون، فإن هناك احتمالات قوية لحدوث تمرد وانفجار اجتماعي جراء ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع أسعار الغذاء".