تواصل أسعار الخضروات والفواكه ارتفاعها مع اقتراب عيد الفطر المبارك ، ما يحول دون استطاعة المصريين شراء احتياجاتهم الضرورية في العيد في ظل الأزمات الاقتصادية المتلاحقة التي يعايشونها في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي .
الخبراء من جانبهم أرجعوا ارتفاع أسعار الخضروات والفواكه إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج الزراعي ، ومنها الأسمدة والتقاوي والعمالة الزراعية وتكاليف الطاقة، مؤكدين أنه يتم استيراد ما يزيد على 70% من تقاوي الخضر من الخارج، على خلاف المحاصيل الحقلية الحبوب، التي تحقق مصر فيها اكتفاء ذاتيا بنسبة 100% تقريبا.
وقال الخبراء إن "قرارات حكومة الانقلاب بتوجيه محاصيل الخضر إلى سوقي أكتوبر والعبور وإغلاق الأسواق الفرعية في المراكز والقرى ، كان سببا في ارتفاع الأسعار ، مطالبين بضرورة إعادة فتح هذه الأسواق وفرض رقابة صارمة على التجار والوسطاء الذين يرفعون الأسعار على المستهلكين".
وشددوا على ضرورة إيجاد حل جذري لمشكلات تسويق محاصيل الخضر فمن ناحية يشتكي المزارعون من انخفاض أسعار بيع حاصلاتهم ومن ناحية أخرى يشتكي المواطنون من ارتفاع أسعار الخضر في الأسواق المحلية بشكل مبالغ فيه، وقالوا إن "أصابع الاتهام تشير إلى الوسطاء من تجار الجملة والتجزئة، حيث يحقق هؤلاء أرباحا تتخطى 40% كونهم حلقة الوصل بين المنتج والمستهلك".
إغلاق الأسواق
من جانبه أكد مجدي أبو العلا، نقيب فلاحي الجيزة، أن سبب ارتفاع أسعار الخضر أن معظم البذور مستوردة من الخارج، وبالتالي ترتفع أسعار المنتج النهائي من الخضر، كما أن تمركز بيع الجملة لمحاصيل الخضر في سوقي أكتوبر والعبور وإغلاق الأسواق الفرعية في المراكز والقرى ، كان سببا في ارتفاع أسعار الخضر نظرا لارتفاع تكاليف الشحن والنقل للحاصلات الزراعية إلى تلك الأسواق.
وطالب أبو العلا في تصريحات صحفية بضرورة إعادة فتح الأسواق بالقرى والمراكز، بإشراف أجهزة المحافظات، بحيث يكون توزيع الخضر لا مركزي وبأقل تكلفة ممكنة والحد من ظاهرة الوسطاء، مؤكدا أن اقتصار بيع الخضر في الأسواق المركزية يترتب عليه ارتفاع الأسعار نظرا لبعد المسافة بين الزراعات وتلك الأسواق، وكذلك تعطب مئات الأطنان يوميا من محاصيل الخضر بسبب الشحن والنقل لمسافات كبيرة تتخطى مئات الكيلو مترات.
وشدد على ضرورة إنتاج بذور الخضر محليا، خاصة أن تقاوي محاصيل الخضر يتم استيرادها من الخارج بأسعار مرتفعة للغاية، وهو ما يؤثر بدوره على المنتج النهائي متمثلا فى محاصيل الخضر، مشيرا إلى أن إنتاج تقاوي الخضر بمعرفة الباحثين المصريين يضمن ملاءمتها للأحوال الجوية في مصر وكذلك طبيعة التربة، بخلاف التقاوي المستوردة التي في كثير من الأحيان تكون حاملة للأمراض والفطريات وتكون نسبة الإنبات فيها ضعيفة.
وأوضح أبو العلا، أن هامش الربح في منظومة تسويق محاصيل الخضر حاليا يحققه الوسيط وليس المزارع، لافتا إلى أن التجار والوسطاء يشترون المحاصيل قبل بدء موسم الحصاد، من خلال تعاقد أو اتفاق مسبق مع المزارعين، ومن ثم التحكم في السوق والبيع بأسعار مخططة سلفا من قبل كبار التجار.
رقابة صارمة
وأكد مصطفى محمد، عضو الجمعية العامة للخضر، أن ارتفاع أسعار الخضر سببه التجار ولا دخل للمزارعين فيه، موضحا أن التاجر يشتري المحصول من المزارع بأقل الأسعار ، بينما يبيعه في الأسواق وللمواطنين بأسعار مضاعفة، وفي الوقت الذي يشتكي فيه المزارعون من خسائر متلاحقة، يحقق التجار أرباحا مضاعفة.
وشدد محمد في تصريحات صحفية، على ضرورة أن تكون هناك رقابة صارمة على الأسواق، وضمان بيع الحاصلات الزراعية للمواطنين بأسعار عادلة والقضاء على شبكة الوسطاء والتجار، التي تعتبر السبب الرئيسي في ارتفاع الأسعار بشكل عام.
وأشار إلى أن محاصيل الخضر متوفرة في مختلف المحافظات بكميات كبيرة، ولا يوجد أي مبرر لارتفاع أسعارها بشكل مبالغ فيه، كما أن المزارعين لا يدخرون جهدا في زيادة معدلات الإنتاج وتوفير مختلف السلع والمنتجات للسوق المحلية.
تكاليف الإنتاج
وأكد الدكتور أشرف كمال، الأستاذ بمعهد بحوث الاقتصاد الزراعي، أن ارتفاع أسعار الخضر بشكل كبير، ومنها محصول الطماطم هو حدث استثنائي بسبب الفاصل بين العروتين، موضحا أن الارتفاع بشكل عام في أسعار محاصيل الخضر مقارنة بالأعوام السابقة، جاء بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج واتساع حلقة الوسطاء في الأسواق المحلية.
وقال كمال في تصريحات صحفية إن "الحل الأمثل للتصدي لمشكلات ارتفاع الأسعار والفجوات في مواقيت الإنتاج أو حتى التضرر من اتساع شبكة الوسطاء، هو تفعيل دور القطاع التعاوني الزراعي والجمعيات التعاونية الزراعية، مؤكدا أن بإمكانها تسويق الحاصلات الزراعية من الفلاحين إلى المستهلك مباشرة في النجوع والقرى والمراكز والمدن، وبالتالي يحقق المزارعون أرباحا مرضية وتصل المنتجات الزراعية للمواطنين بأسعار عادلة والقضاء على شبكة الوسطاء التي تعتبر السبب الرئيسي لارتفاع الأسعار".
وأوضح أن تسويق الحاصلات الزراعية دور رئيسي للجمعيات التعاونية الزراعية، المنتشرة في جميع قرى الجمهورية، والتي يمكنها أن تلعب دورا محوريا في ضبط الأسعار من خلال تفعيل منظومة التسويق التعاوني.
وشدد كمال على ضرورة التوسع في إنشاء الصوب الزراعية، حيث أثبتت التجارب العلمية والدراسات، ارتفاع معدلات الإنتاج في الصوب الزراعية ثلاث أضعاف، مقارنة بالزراعات الأرضية، كما أنها توفر ما يزيد على 30 % من كميات الأسمدة والمخصبات المستخدمة في الزراعات الأرضية ، وتوفر أيضا أكثر من 40 % من مياه الري، فضلا عن سهولة إدارتها بما يوفر على المزارعين تكاليف كبيرة في العمالة الزراعية.
محطة تعبئة
وأكد محمود الطوخي، رئيس الجمعية العامة للخضر، أن الارتفاع في أسعار الخضر خاضع للعرض والطلب، موضحا أنه في الوقت الذي يشتكي المواطنون فيه من ارتفاع أسعار منتجات مثل الطماطم والليمون والخيار ، فهناك منتجات زراعية أخرى يتكبد فيها المزارعون خسائر كبيرة بسبب انخفاض سعرها منها البصل والثوم والبطاطس على سبيل المثال.
وأكد الطوخي في تصريحات صحفية أن الجمعية تنفذ حاليا أكبر محطة للتعبئة والتغليف في محافظة البحيرة لتغليف وتعبئة الخضر والفراولة بتكلفة تتخطى 600 مليون جنيه، للمساهمة في ضبط الأسعار وضمان توافر المنتجات والسلع الغذائية على مدار العام وكذلك تصدير الفائض للخارج.
وأشار إلى أن المحطة تسمح للمزارعين بتوريد منتجاتهم وبيعها بأسعار مناسبة بعيدا عن شبكة الوسطاء التي تستأثر بالأرباح على حساب المزارعين والمستهلكين.
وأوضح أن مشكلة الأسعار سببها فجوات بين مواسم الإنتاج بفعل تباعد موعد إنتاج العروات أو تأثيرات التغيرات المناخية، وهي مشكلات مؤقتة.