سطوة الباشوات في جمهورية الخوف الجديدة.. لماذا تصالح فرد أمن كمبوند المعادي مع الجاني؟

- ‎فيتقارير

لو قابلت شخصا وصفعته صفعة واحدة، فسوف يرد لك الصفعة، لكنك لو صفعته مائة صفعة ولكمته خمسين لكمة وركلته عشرين مرة، فلن يفكر في الرد أبدا، سيركز جهوده كلها في تجنب الإصابات الأخطر أو الموت، درس تعلمه الطغاة في معاملة الشعوب، لكن الشعوب الغبية لم تتعلم.

وفي واقعة مكررة تحت سحق عصابة الانقلاب للشعب، تنازل فرد أمن كمبوند المعادي أمام محكمة جنايات جنوب القاهرة عن قضية التعدي عليه بالضرب، وأنكر في أقواله أمام المحكمة استعراض القوة أو التلويح بالعنف من المتهم الذي لم يكن سوى أحد بشوات جمهورية الخوف الجديدة.

 

دون مقابل ..!

وقال فرد أمن الكمبوند، إنه "تنازل وتصالح مع المتهم العميد وليد عبد العال "لوجه الله" دون أي مقابل.. "احنا مش بنقبل العوض".

وقبل التصالح بأيام أفاد المجني عليه في شهادته أنه حال مباشرته العمل كفرد أمن على بوابة المجمع السكني استوقف سيارة استقلها أربعة أشخاص طلبوا الدخول إلى المجمع السكني، فاستعلم عن سبب دخولهم، فقرروا دخولهم لأحد العملاء لإصلاح سيارته دون وقوفهم على اسمه، فطلب منهم الاتصال به، فتحدث المتهم إليه هاتفيا وأمره بإدخال المذكورين فسمح لهم، ثم فُوجئ بحضور المتهم لاحقا معهم ونهره لاستيقافهم، وتعدى عليه بالضرب وبالسب، وأحدث إصابات به.

إذن تصالح المجني عليه الذي لم يكن سوى مدني عادي بلا دبابير على أكتافه مع الجاني وهو أحد أسياد جمهورية الخوف الجديدة، تماما كما تصالح أسر حادث الشيخ زايد مع كريم الهواري الذي دهسهم وهو متعاطٍ للمخدرات، وكما قتل خالد الذهبي ابن المطربة أصالة عامل دليفري بالخطأ ثم تصالح بعد دفع الدية، وكما تصالح ابن الملياردير كامل أبوعلي الذي قتل مي إسكندر إسحق وهو مخمور، فنجا بسنة مع إيقاف التنفيذ وغرامة.

تصالح هؤلاء جميعا وغيرهم تحت سياط الرعب والخوف من المجهول، ولأن القاضي والجلاد في الحقيقة نفس الشخص، ونسي المتصالح نصيحة الشاعر الثوري "أمل دنقل" لا تصالح، ولو منحوك الذهب أترى حين أفقأ عينيك ثم أُثبّتُ جوهرتين مكانهما، هل ترى؟ هي أشياء لا تشترى.

يقول الناشط السياسي وليد الحويطي "العميد و ليد عبد العال بس كده الموضوع بسيط و بلاش تشهير إيه يعني العميد يضرب فرد أمن واقف على بوابة الكمبوند 10 أو 15 كف على كم شلوط و كم بوكس وتف عليه وداس عليه بالجزمة ، إيه المشكلة بلاش تشهير".

وتقول الناشطة دينا الحناوي "العميد وليد، مش تقولوا كده من الأول، قلنا الحركات القذرة دي متطلعش غير من الفئة الزبالة دي، ضياع الحق عيني عينك والولد الغلبان مقهور و مغلوب على أمره، أتمنى أنكم تكونوا مستمتعين بالقرف اللي عملتوه في البلد وعايشين فيه".

ويقول أحمد طارق "أكيد طبعا كمية قهر وظلم في البلد دي ، أقسم بالله تصحي الميت من قتلة كريم الهواري إلى فرد أمن الكمبوند ياقلبي لاتحزن تصالح قال!!!

ويقول هشام محمود  "طيب ليه من البداية أصلا هو فرد أمن غلبان ومن حقه يشوف شغله ، والمفروض احترام فرد الأمن من كل الناس في الكمبوند ، لكن صدقني بعد الموقف ده محدش منهم هيعمل حاجة لحد حتى لو حصل جريمة قتل جوه الكمبوند ، أنا أهين نفسي عشان كل واحد ماشي فاتح زرار القميص ولابس سنسلة".

 

جمهورية البشوات

في الثالث من يوليو 2013، قاد السفاح عبد الفتاح السيسي انقلابا عسكريا، ليس فقط ضد الرئيس الشهيد محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب، بل على التجربة الديمقراطية بأسرها وما حققته من إنجازات في رد الكرامة المهدرة للمصريين.

وبالإضافة إلى الفاسدين من كبار رجال القوات المسلحة المصرية، فقد ساهمت عدة أطراف في تهيئة الأجواء لوقوع ذلك الانقلاب، منهم رجال أعمال وإعلاميون وسياسيون ومثقفون وفئة من ذوي الوعي المتدني، فضلا عن قوى عربية وأجنبية رأت في نجاح التجربة الديمقراطية في مصر تهديدا مباشرا لمصالحها.

فمنذ بداية الحكم العسكري في مصر عام 1952، تنظر المؤسسة العسكرية إلى مصر بوصفها ملكية خاصة، تمارس عليها السيادة المطلقة، وتجمع من مواردها ثروات طائلة، وهكذا تكونت إمبراطورية اقتصادية عسكرية بعيدا عن الرقابة والمحاسبة، وفي ظل نظام حكم ديكتاتوري تحميه المؤسسة العسكرية بالتعاون مع أجهزة الأمن الداخلي.