من سد الخراب وحتى كرة القدم.. إثيوبيا تهزم  مصر ولاعزاء للمصريين /

- ‎فيأخبار

 

 

أثارت هزيمة المنتخب المصري الأول لكرة القدم 2 صفر 

​​​​ في تصفيات الأمم الأفريقية المقررة في ساحل العاج، 2023، شجونا مريرة لدى المصريين، قلبت أحزانا وشجونا  ، خاصة في ضوء الانكسارات المصرية العديدة أمام أثيوبيا في عهد السيسي.

ومن المرارات التي تجرعها المصريون، اضطرت الجماهير المصرية لتهنئة أثيوبيا،

بالفوز التاريخي الذي حققه منتخبها على حساب نظيره المصري بهدفين مقابل لا شيء لأول مرة منذ 33 عاما، في الجولة الثانية للمجموعة الرابعة بالتصفيات المؤهلة إلى نهائيات كأس الأمم الأفريقية.

 

وكتبت صفحة "إثيوبيا الأكبر" في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" تغريدة قالت فيها "إثيوبيا تنتصر، المنتخب الإثيوبي يفوز على نظيره المصري بهدفين نظيفين، وألف مبروك إثيوبيا وهاردلك منتخب مصر، مع نشر صور للمباراة التاريخية".

 

وانهالت التعليقات الجماهيرية المصرية، تهنئ إثيوبيا على الانتصار التاريخي لها على مصر، وتحول منتخب مصر الأول إلى مصدر سخرية واسعة من جانب جماهير الكرة المصرية، في أعقاب الخسارة المدوية أمام إثيوبيا.

وأطلقت الجماهير عبر موقع التدوينات "تويتر" "وسما" ساخرا لأول مرة في تاريخ المنتخب، حمل اسم "منتخب الضحك" للسخرية من الأداء الهزيل للاعبين والأسوأ في تاريخ مباريات الفراعنة بالألفية الثالثة.

وتصدّر الوسم "ترند" في موقع "تويتر" وانهالت خلاله التغريدات الغاضبة من جانب الجماهير، وكتب مغرد "أحلى منتخب ضحك ولا إيه" وكتب آخر "منتخب الساجدين بـ2 محترفين بس كان بنيم أفريقيا كلها من المغرب دلوقتي الوضع تبدل والمحترفون في أقوى دوريات العالم وبنيم أفريقيا كلها من الضحك على مستوانا"، وكتب مغرد "فساد ومصالح ومجاملات نتيجتها الطبيعية الفضيحة، طهروا الفساد أو انتظروا الأسوأ".

 

 

 

 

 

الهزيمة الأولى

وكانت أثيوبيا قد انتصرت على مصر عبر سنوات من استيلاء السيسي على الحكم، بعدما أجبرته على توقيع اتفاقية المبادئ المتعلقة بسد النهضة في مارس 2015، والذي بمقتضاه خسرت مصر حقوقها التاريخية بنهر النيل ، ومنححت أثيوبيا حق التصرف في مياه النيل وحجزها خلف سد النهصة ، الذي يحرم مصر سنويا  أكثر من 20 مليار متر مكعب من حصتها المائية ، وهو ما يكلف مصر نحو 25 مليار دولار لتعويض حصة مياه النيل، عبر مشاريع تحلية مياه البحر وتحلية مياه الصرف الصحي ليعاد استخدامها أكثر من ثلاث مرات.

عبر سنوات الملء المستمرة ، عجزت مصر عن إلزام أثيوبيا بتوقيع اتفق ملزم يحفظ حقوق مصر المائية، معلنة تمسكها ببنود اتفاقية المبادئ، التي وقعها السيسي بنفسه وتخلى عن النص التاريخي الموقع من خمسينيات القرن الماضي، والذي حافظ على حقوق مصر التاريخية،  بينما لايملك السيسي سوى لطم الخدود على حقوق مصر  وعلى الرغم من أن جميع التقديرات الاستراتيجية والعسكرية ، تؤكد أن أخر فرصة لمعالجة  تعنت أثيوبيا إزاء سد النهضة ، هو 15 يونيو الجاري، حيث يمكن أن يكون الخيار العسكري متاحا، وبعد ذلك حيث الملء الثالث للسد ، سيمكن السد من تحصين نفسه عسكريا، لأن أي عمل عسكري ضده سيغرق السودان تماما ويهدد أجزاء واسعة من مصر، في صورة تسونامي مائي ، فيما لا يزال السيسي متمسكا بخيار  السلمية، وهو ما يمثل قمة الخنوع لأثيوبيا، رغم صفقات الأسلحة المتراكمة في مخازن الجيش والمتواصلة رغم الأزمة الاقتصادية الطاحنة.

وقد أعلنت أثيوبيا مرارا وتكرارا إنها لن توقف أعمال السد بل أعلنت عن تنفيذ نحو 20 مشروعا مائيا على مجرى النيل دون تشاور مع مصر، وقد بدأ عمل التوربينات لتوليد الكهرباء بالسد دون أي مشاورة أو تنسيق مع مصر، رغم الضغوط الدولية والأوربية والأمريكية، ورغم محاولات الوساطة الإماراتية والأمريكية  بلا جدوى، وهو ما يعظم الضربة الثانية التي تلقتها مصر على يد السيسي، الذي خرج ضاحكا ومستهزأ ممسكا بيد آبي أحمد رئيس الوزراء الأثيوبي، قائلا "أقسم بالله  العظيم إني لن أضر بشعب مصر" وهو شغل بداوة سياسية لا قيمة له في علم السياسة أو إدارة شئون الدول، والغريب أن يخرج إعلام المخابرات ليطنطن بعناوينه البراقة ، خلاص السيسي حلها ، والغريب أن إعلام المخابرات يصر على تجاهل المخاطر المحدقة بمصر إثر تراجع كميات المياه ، وفقدان نحو نصف  مساحة أراضي دلتا مصر القابلة للزراعة.

 

الهزيمة الثانية

 

وتجلت الهزيمة الثانية، حينما شكلت أثيوبيا مع الجزائر وجنوب أفريقيا ونيجيريا تكتل الأربعة الكبار في أفريقيا، والذي يضطلع بتشكيل وصياغات السياسات الاستراتيجية بالقارة الأفريقية، وهو ما يعني انسحاب مصر من القارة التي كانت طوال عقود الفضاء الاستراتيجي التقليدي لمصر لممارسة نفوذها وأدوارها السياسية والاقتصادية، منذ عهد عبد الناصر.

وقد تجلى انحسار الدور المصري، في انسحاب العديد من الدول الأفريقية المجاورة لأثيوبيا من اتفاقتها مع نظام السيسي، كأوغندا التي انسحبت من عقد مناورات عسكرية برية مع الجيش المصري، بعد رسالة غاضبة من أثيوبيا، والصومال التي رفضت إدخال مصر مساعدات إنسانية واقتصادية للصومال على متن طائرة عسكرية، وطلبت نقل المساعدات على متن طائرة مدنية، وهو ما مثل قمة الانتصار الأثيوبي، وعلى نفس المسار تراجعت دول عدة عن تمتين علاقاتها مع مصر، ومنها جنوب أفريقيا والكونغو وتنزانيا والسنغال، والاكتفاء بدور المراقب من بعيد وعدم الضغط على أثيوبيا.

وخلال الأشهر الماضية راهن نظام السيسي العسكري العاجز على الحرب الأهلية التي وقعت بين النظام الأثيوبي والتيجراي، ولكن انتصر أبي أحمد، وتراجعت قوة التيجراي، بفضل طائرات مسيرة قدمتها الإمارات حليف مصر لآبي أحمد وقد حُسمت الحرب لصالحه، بينما ظل السيسي يمني النفس بهزيمة آبي أحمد، دون جدوى مضيعا حقوق المصريين المائية، مفضلا أن يسقيهم مياه الصرف ومياه البحر، على أن ينفذ عملية عسكرية ضد السد، لإنقاذ الأمن القومي المصري من مخاطر الإفقار والجوع والعطش.