قال الخبير الأمريكي في شؤون مصر والشرق الأوسط، روبرت سبرنجبورج، إن مصر تواجه انهيارا اقتصاديا، وفرص الخروج من الأزمة باتت محدودة، مشددا على أن "فكرة الخصخصة القائمة على بيع كل ما يتسنى لك من أجل الحصول على عملات أجنبية ليست استراتيجية اقتصادية، والعالم يعرف ذلك وتعرفه وكالات التصنيف، وهذه المقاربة هي بالضبط مثلما حدث في لبنان في عام 2018، وضعوا استراتيجية سياسية لا اقتصادية". ويرى في حوار مع فضائية "مكملين" مساء الإثنين 27 يونيو 2022م، أن خصخصة عشرات القطاعات المصرية الحكومية، يؤكد أنه لا يوجد في مصر اقتصادي يمكنه تقديم بديل للنموذج الاقتصادي الحالي وذلك لأن الاقتصاديين العاملين للحكومة هم صيارفة وليسوا اقتصاديين في الحقيقة، ووظيفتهم هي السعي للحصول على عملات أجنبية".
وأضاف "سبرنجبورج": «الحوار الوطني الذي أعلن عنه السيسي مؤخرا "هو أكثر حوار وطني بائس رأيته في حياتي»، لافتا إلى أنه مجرد لقطات لإظهاره وكأنما يقوم بشيء من أجل إخراج مصر من أزمتها الماحقة، وهي محاولات تفتقد إلى المصداقية، أو القدرة على إقناع المستثمرين والسوق في قدرته على إدارة مصر وإخراجها من الأزمة الحالية.
لكن أخطر ما ذكره الخبير الأمريكي المتخصص في شئون مصر والشرق الأوسط، أن «هناك بلا ريب أناس داخل النظام نفسه يعتقدون أن هذا الرجل (السيسي) غير قادر على إخراج مصر من الوحل الذي توجد فيه حاليا، ولذا إذا ازدادت الأمور سوءا يصبح السؤال كالتالي: ماذا عساها تكون ردود أولئك الذين يملكون خلعه من الداخل؟ (..) ولا بد أن هذا الأمر يقلق السيسي، وسوف يحتاج لأن يقضي وقتا أطول يتحسب من الانقلاب وفي التأكد من أن أجهزة مخابراته يقومون بما يلزم من أجل حمايته وهذا سيزيد من صعوبة الأمر عليه».
ويعد سبرنجبورج أحد أهم الخبراء العالميين البارزين في الشأن المصري وله العديد من المؤلفات عن مصر، وعمل مديرا لمركز الأبحاث الأمريكي في مصر حتى 2013 وأستاذا لشؤون الأمن القومي في كلية الدراسات العليا البحرية الأمريكية ومديراً لبرنامج الشرق الأوسط بمركز العلاقات المدنية العسكرية.
وحول دور المؤسسة العسكرية في حماية السيسي ونظامه من الانهيار، يرى "سبرنجبورج" أن "الجيش المصري مجرد رمز لقوة الدولة أكثر من كونه قوة عسكرية فاعلة، وهذا مفهوم لدى أصدقاء مصر بأن السيسي يعتمد على العسكر لأجل دعم نظامه السياسي، وهذا يعني أن الجيش هو مفتاح بقاء نظام السيسي في الحكم، ومن يريد ذلك فعليه دعم هذا النظام العسكري، وبعض هذا الدعم يأتي من المنظومة الاقتصادية في مصر، وبعضه يأتي في شكل عقود للتسليح حتى تبقى ضمن القوى العسكرية الأكبر في العالم، ولذلك مصر الآن في قائمة الخمس الأولى في سوق التسلح العالمي، وهذا أمر عجيب في ظل تدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي بالبلاد"، وأضاف أن "هذه ظاهرة تستحق الملاحظة إذا ما أخذنا بالاعتبار أن مصر من البلدان ذات الدخل المتوسط الأدنى..حيث لم يوجد في التاريخ على الإطلاق بلد آخر ذو دخل متوسط منخفض أنفق مثل هذا الكم الهائل من المال على الأسلحة كنسبة من أصوله الإجمالية".
وعلى الرغم من أهمية الجيش لبقاء السيسي، إلا أن سبرنجبورج يعتقد أن من المهم ملاحظة أن هذا الجيش لم يفعل شيئا مؤثرا خارجيا أو داخليا، "فلم يتدخل في اليمن أو في ليبيا ولم يفلح في إخماد التمرد في سيناء ولم يتمكن من الاستقلال ذاتياً عن موردي السلاح الذي يحصل عليه من الخارج". وأضاف الباحث في الشؤون المصرية أن مصر "بدأت في الحصول على طائرات إف 16 في الثمانينيات. وحتى اليوم مازالت عالة على المقاولين الأمريكيين في صيانة تلك الطائرات على الرغم من اتفاق تم التوصل إليه في الثمانينيات يقضي بأن تقود مصر وتنفذ برامج التدريب اللازمة لصيانة هذه الطائرات ولكنها مازالت غير قادرة على القيام بذلك". وتابع: "ومثلما هو الحال في الاعتماد على الفنيين العسكريين الأمريكيين. هذا هو الحال أيضا مع طائرات رافائيل، من حيث الاعتماد على الفنيين الفرنسيين، وكذلك الأمر مع الإيطاليين في حالة اثنتين من سفنهم، وكذلك مع الروس في حالة طائرات السوخوي .. وهكذا"، معتبرا أن هذا يدل على أن "الجيش المصري لم يزل عالة على العالم الخارجي في عملياته، وهذا يجعل من المستحيل على القيام بأي عمليات عسكرية مهمة بدون دعم من أولئك الشركاء الأجانب.