لكنه يمثل نصف الشعب .. حول ثرثرة السيسي عن إقصاء «فصيل واحد»

- ‎فيتقارير

في  ديسمبر 2013 بعد الانقلاب العسكري بنحو 5 شهور، أجرت النوافذ الإعلامية للنظام العسكري والأحزاب والموالية له استطلاعات رأي كل على نافذته حول شخصية العام في العالم العربي، حيث طرحت أسماء الرئيس الشهيد محمد مرسي الذي كان وقتها مخطوفا من جانب الجنرالات الخونة في الجيش، كما ضمت القائمة زعيم عصابة الانقلاب عبدالفتاح السيسي، والمرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي وآخرين.

على موقع "المصري اليوم"  حصد الرئيس مرسي 52% من الأصوات فيما ذهبت 43% من الأصوات لزعيم الانقلاب. ولم يحصل حمدين صباحي على اكثر من 1% من مجموع الأصوات. كما أظهر استطلاع آخر حول نفس الموضوع على صحيفة "المصريون" الالكترونية تقدم الدكتور محمد مرسي في استطلاع شخصية العام ليحصد 90% من الأصوات تقريباً في حين حصل السيسي على 5 %  فقط من مجموع الأصوات التي بلغت 61061 صوت حتى يوم الاثنين 23 كانون الأول/ديسمبر. وعلى بوابة  الوفد كانت نتائج الاستطلاع مذهلة وصادمة لمعسكر الانقلاب؛ حيث تفوق الرئيس مرسي بنحو 83%  من الأصوات في حين حصل السيسي على نحو 13% فقط، أما الباقون ومن بينهم صباحي والمؤقت  عدلي منصور، فلم يحصلوا على أصوات مؤثرة وكان أقلهم صباحي الذي لم يحصل سوى على أقل من (وحد في المائة).    

في السياق ذاته أجرت بوابة الشروق الالكترونية استطلاعاً للرأي حول الاستفتاء على الدستور الذي أعدته لجنة تأسيسية معينة من  الجيش غالبيتها من العلمانيين والمؤيدين للجيش، أظهر ان 60% سيقاطعون الاستفتاء،  من مجمل عدد الأصوات المشاركة فيه 11037 صوتًا، وقال 28.1% منهم أنهم سيصوتون بـ"نعم"، وقال 11.4%  أنهم سيصوتون بـ"لا".

تذكرت نتائج هذه الاستطلاعات مع تصريحات جنرال الانقلاب في ذكرى الانقلاب 03 يوليو2022م، وحديثه حول دعوة كل المصريين إلى ما يسمى بالحوار الوطني باستثناء "فصيل واحد" في إشارة إلى الإخوان. العجيب أن الإخوان هم الفصيل الذي فاز بثقة الشعب في كل الاستحقاقات الديمقراطية النزيهة بعد ثورة 25يناير، وهم الفصيل الوحيد الذي وصل إلى السلطة بانتخابات حرة نزيهة؛ بينما غيرهم اغتصب الحكم اغتصابا بأدوات العنف والبطش والإرهاب. هذه حقيقة وليست رأيا.

على كل حال، هذه الاستطلاعات لا تؤكد فقط حالة الانقسام المجتمعي الحاد، بل تؤكد أيضا أن القاعدة الشعبية للإسلاميين  والرئيس مرسي تزايدت وحظيت بتعاطف شعبي واسع في ظل حملة العنصرية والكراهية التي دشنها جنرالات الانقلاب من العسكر والعلمانيين والكنيسة على الإسلاميين بعد الانقلاب. قد يقول قائل: "هذه استطلاعات رأي إلكترونية ويمكن  توجيه الأنصار إليها من أجل تعزيز نسبة فريقهم على حساب خصومه، وهذا كلام صحيح ويمكن توجيهه للطرفين على حد سواء. لكنه في النهاية مؤشر على حجم الانقسام الذي لا يختلف عليه اثنان، والذي لا يزال قائما حتى اليوم ومعه مصر تنزف وتواصل النزيف حتى دخلت على يد  السيسي ونظامه "عرفة الإنعاش".

بعد ستة شهور، وتحديدا في إبريل 2014م، أجرى مركز "بيو" الأمريكي المتخصص في استطلاعات الرأي استفتاء حول توجهات الرأي العام في مصر بعد مرور سنة على الانقلاب، وهي الفترة التي كان يحظى فيها السيسي بأعلى شعبية له وسط زفة إعلامية متواصة تصفها بالمنقذ! الذي أنقذ مصر من "الفاشية الدينية" الممثلة في الإخوان (الفصيل الوحيد الذي وصل إلى السلطة بالديمقراطية وأصوات الشعب).  الاستطلاع الذي أعلنت نتائجه في 22 مايو 2014م،  أكد عمق الانقسام وحدته داخل المجتمع المصري.

وبعكس ما كانت تروج له وسائل الإعلام الموالية للنظام العسكري، فإن الاستطلاع انتهى إلى النتائج الآتية:

  • أولا: شعبية السيسي لا تتجاوز 54%،  وعارض 43% من العينة إطاحة الجيش بالرئيس المدني المنتخب الدكتور محمد مرسي.
  • ثانيا، أعرب 72% من المصريين  عن عدم رضاهم عن الوجهة التي تسير نحوها بلادهم.
  • ثالثا، عبر 42% عن تصورات إيجابية للرئيس محمد مرسي بينما كان آخر استطلاع أجراه المركز قبيل الانقلاب بأسابيع بلغت 53% مايعني أن وقت الانقلاب كان الرئيس مرسي يحظى برضا أغلبية المصريين.
  • رابعا، كشف الاستطلاع عن تراجع حاد في شعبية المؤسسة العسكرية؛حيث ذكر 56% وقتها أن للجيش تأثيرا جيدا في البلاد بينما اعتبر 45% تاثيره سلبيا، وللتأكيد على هذا التراجع كان استطلاع المركز قبيل الانقلاب بأسابيع كشف عن رضا 72% عن تأثير الجيش بينما رآه 24% سلبيا، وكان استطلاع المركز عقب ثورة 25 يناير قد كشف أن 88% من المصريين عبروا عن رضاهم عن التأثير الإيجابي للجيش مقابل 11% رأوه سلبيا ما يعني أن المؤسسة العسكرية تراجعت شعبيتها في 2014 من 88% إلى 56 فقط ما يؤكد التراجع الحاد في شعبيتها.
  • خامسا، تراجعت الثقة في مؤسسة القضاء المصري، حيث رأى 58% من المصريين أن للقضاء تأثيرا سلبيا على البلاد بنما رأي 41% العكس، وهي نتائج عكس ما جاء في استطلاع المركز قبل ذلك بعام حيث عبر 58% عن ثقتهم في مؤسسة القضاء بينما عبر 41% عن تصورات سلبية عنه.
  • سادسا، رغم الحظر والملاحقة وحملات الدعاية السوداء حازت جماعة الإخوان  على 40% من رضا المصريين بحسب الاستطلاع وهو ما صدم أبواق العسكر والانقلاب وقتها. وأن الذين يعارضون الإطاحة بمرسي هم الأكثر تفضيلا للديمقراطية كنظام للحكم من أولئك الذين يؤيدون الإطاحة به.
  • سابعا، كشف الاستطلاع عن مخاوف المصريين  العميقة بشأن الاقتصاد، حيث رأي (21%) فقط أن الاقتصاد بحالة جيدة بينما رأي (76%) عكس ذلك. كما كشف عن انقسام  بين أولئك الذين يعتقدون أنه سيتحسن في غضون الشهور الـ12 القادمة، ويمثل هؤلاء (31%) والذين يرون أنه سيزداد سوءا ونسبتهم (35%)، أما الذين يعتقدون أنه سيبقى كما هو فتمثل نسبتهم (31%)، ما عبر عن إحباط الشعب ويأسه من نظام 03 يوليو وهو ما تحقق تماما بعد مرور 4 سنوات على هذا الاستطلاع و5 سنوات عن مشهد انقلاب 03 يوليو 2013م.

اليوم في يوليو 2022م، اختفت حالة الانقسام داخل المجتمع، فهناك شبه إجماع  بين المصريين على أن الحكم العسكري دمر البلد وأن  بقاء السيسي يزيد الأوضاع سوءا وخرابا، وأن المنظومة العسكرية التي تحكم البلد منذ سبعة عقود، قد فشلت فشلا ذريعا في إدارة البلاد. فالمصريون لا يجمعون على شيء قدر إجماعهم على كره السيسي وتمنى الخلاص منه كل يوم، والعجيب حقا أن جميع أجهزة الدولة تعلم ذلك. وجميع الإعلاميين الأفاقين الذين يطبلون للنظام ليل نهار يعلمون ذلك علم اليقين، لكنهم أسرى الدوران مع ماكينة الانقلاب حتى تهلك ويهلكوا معها جميعا. هذه سنة الله في الظالمين، ولن تجد لسنة الله تبديلا.