مراقبون وخبراء: الناتو الشرق أوسطي.. “جيش عربي” تقوده تل أبيب

- ‎فيتقارير

 

 

تمخض اجتماع سيد البيت الأبيض جوزيف بايدن مع أعراب الثورة المضادة في الرياض في 16 يوليو 2022، عن خيانة عظمى اجتمع عليها المتحكمون بعدة دول عربية، بينهم الانقلابيون في مصر، فصدق عليهم قول دونالد ترامب "أتعامل مع يهود وليسوا عربا".
الخيانة كانت ناتو عربي ، أي جيش عربي واحد بقيادة الصهاينة، بهدف معلن من الإعلام الأمريكي والصهيوني، وهو حماية هذه الدول من التهديدات الإيرانية ، فالصواريخ البالستية والطائرات المسيرة الإيرانية تثير قلق دول المنطقة، ولا سيما تلك التي تعرضت لهجمات".
وأكد المراقبون أن السيسي نفذ ضمن الإملاءات الصهيونية الأميريكية الاتفاق الإبراهيمي الذي لعبت فيه مصر الدور المحوري في إعادة جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية، التي ستلزم بتوقيع اتفاقية البحر الأحمر مع إسرائيل، لتأمين الملاحة في البحر الأحمر وخليج العقبة ودعمها بإطلاق فكرة حلف شمال الأطلسي العربي.
وأشاروا إلى أن الانقلاب لعب دورا محوريا في الخطوات الأولى للتعاون العسكري في سيناء، وفي إتمام حلم صفقة القرن الصهيوني، فمصر لا تعارض تبادل الأراضي بين مصر وغزة في سيناء، كما أن الأردن يمارس دورا مشابها مع الضفة الغربية في صحراء النقب لإعلان دولة فلسطين دولة منزوعة السلاح.

شر محض
وتكاد تجمع القوى الإسلامية في المنطقة أن هدف الحلف العسكري الحقيقي هو دعم دولة الاحتلال وإدخالها ضمن المنظومة الخليجية والعربية، والقضاء على القضية الفلسطينية، واستنزاف المنطقة بجميع مواردها، كما فعل من قبل ترامب فأخذ مئات المليارات، ولم يفعل شيئا لصالح العرب ولا استجاب لمطالبهم، بل كانت كل صفقته لصالح العدو المحتل  " بحسب ما أكد الشيخ علي قرة داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
وأضاف "القرة دغي" أن الحلف في حقيقته شر محض للعرب والمسلمين، وهو حقا حلف ضرار وتفريق وإرصاد، ولذلك يحرم قطعا الدخول فيه، بل يجب منعه بجميع الوسائل المتاحة، وكلي يقين بأن الحلف حتى لو ولد رسميا فسيولد سقطا ميتا لا قيمة له ،يرفضه الشرع والشعوب العربية والمسلمة رفضا قاطعا".
واعتبر أن الحلف العسكري الذي يترقب له نهاية مثل نهاية صفقة القرن التي انتهت إلى لاشيء دور جديد من التنازل والانحدار بشكل خطير ، مما دفع بالقضية الفلسطينية نحو التراجع، وجعل الوعود والتهديدات العربية غير مستقرة، ولم تعد لها مصداقية مؤثرة في الغالب".
وأوضح أن التحالف لو تم سيعد أخطر خطوة على الإطلاق لخدمة العدو المحتل، وللإضرار بالقضية الفلسطينية، إذ أن ذلك يجعل المحتل مندمجا في المنطقة ،ومهيمنا على القرار بحكم قدراته العسكرية والاقتصادية والتقنية، وعلاقاته الاستراتيجية بأمريكا، وسيصبح الاقتصاد الخليجي الكبير في خدمة هذا المشروع الخطير".
وأبان أن من بيانات خطورته؛  القضاء على فكرة إعادة الحقوق الفلسطينية، والأراضي المحتلة بما فيها المسجد الأقصى والقدس الشريف إلى أهلها، وإحداث شقاق كبير داخل العالم العربي على أساس هذا الحلف، يضاف إلى بقية الاختلافات والتمزقات العربية، وإحداث شقاق بين مجموعة الدول المنضمة إلى " الناتو العربي " وبين بقية الدول العربية والإسلامية ،وبخاصة الدول الجارة، وتعرض المنطقة للدمار الشامل و لآثار أي حرب تقع بين إيران والكيان الصهيوني، وإحداث مزيد من  الشقاق وفقدان الثقة بين الشعوب العربية وحكامها، لأن معظمهم لا يقبلون بهذا الحلف الجائر، وإعطاء المبررات لإحياء وتقوية الجماعات المتطرفة مثل داعش والقاعدة ونحوهما، وتضرر المنطقة بهذا الحلف أمام مصالحها المرتبطة بالصين وروسيا وغيرهما.

خطوة في التطبيع
وفي ورقة قدمها "مركز منهاج للدراسات" على فيسبوك قال إن "التحالف المرتقب يتوقع أن يضم دول مجلس التعاون الخليجي (السعودية والإمارات وقطر والبحرين والكويت وربما عمان) بالإضافة إلى  مصر، والأردن والعراق برعاية أمريكية.
وأضاف أن فكرته "جمع دول الشرق الأوسط في كيان واحد ليست بالجديدة، بل تم طرحها عدة مرات، ولعل أبرزها كانت محاولات ترامب لتأسيس ما يعرف بـ "الناتو العربي" والذي أعلن عنه خلال زيارته للسعودية في عام ٢٠١٧.
وأوضح المركز أنه "يمكن أن يؤتي ثمارا مهمة ل"إسرائيل"  ليس فقط في احتواء النفوذ الإقليمي لإيران، ولكن أيضا، وعلى وجه الخصوص في تعميق اندماج إسرائيل في المنطقة، وإزالة مفهوم الحرب من علاقاتها مع الدول العربية".
وأكد أنه "خطوة كبيرة في التطبيع مع إسرائيل، وإضافة إلى اتفاقيات إبراهام؛ حيث طبعت كلا من الإمارات والبحرين والمغرب وهذا أكثر من كونه استعدادا لأي مواجهة ضد إيران".
ولفت المركز إلى ما كشفته "القناة 12" الصهيونية، من أن الجيش الصهيوني نشر منظومة رادار في عدة دول في الشرق الأوسط بما في ذلك الإمارات والبحرين وذلك ضمن رؤية للتعاون المشترك في مواجهة تهديدات إيران الصاروخية، وخلق منظومة للإنذار المبكر.

فكرة منذ 1958
ونقلت صحيفة “نيزافيستيا غازيتا” الروسية عن الممثل الخاص السابق لوزارة الخارجية الأمريكية، فريدريك هوف، قوله ” تعود محاولات إنشاء نسخة شرق أوسطية من الناتو إلى سبعة عقود، ففي البداية حاولت الولايات المتحدة دون جدوى تجنيد مصر للعب دور قيادي في المنطقة، ثم حشدت المملكة المتحدة دعم نظام العراق الصديق وهذه المبادرة توجت بالانقلاب العراقي في يوليو 1958″ مشيرا إلى أن “الملك عبد الله أعرب عن دعمه لحلف ناتو شرق أوسطي، لكنه حذر من أن المهمة يجب أن تكون واضحة، وهو لم يقدم أي أفكار حول ما يمكن أن تكون عليه المهمة، هذا يثير التساؤل عن مدى تطور المفهوم في الوقت الحالي".
وأعاد الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، الفكرة بعدما جمع للمرة الأولى قادة الدول الخليجية في كامب ديفيد، واتفق معهم على دورية عقد هذه الاجتماعات، والعمل على خلق جبهة واحدة متحدة لمواجهة التحديات المشتركة، سواء كانت إيران أو التنظيمات الإرهابية.

محاولات سابقة
وأشار مراقبون إلى أن محاولات سابقة في تدشين تحالف عسكري مشترك ؛ باءت بالفشل، بداية من حلف بغداد الذي ضم بريطانيا والعراق وتركيا وباكستان وإيران،  لإيقاف المد السوفييتي أثناء الحرب الباردة في عهد فيصل الثاني وفي نفس الفترة الذي ظهر فيه حلف الناتو ومنظمة معاهدة جنوب شرق آسيا.
وأضافوا أن العديد من المنظمات شبه الإقليمية مثل مجلس التعاون الخليجي وبعض التحالفات العسكرية المؤقتة في المنطقة مثل قوة الردع العربية التي أنشأتها الجامعة العربية في 1945 وفشلت في تبني دور عسكري منذ قيامها إلى الآن، ومحاولات وحدوية مثل الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسوريا في عام 1958 والاتحاد العربي بين الأردن والعراق في نفس العام، وتأسيس مجلس التعاون الخليجي عام 1981 عند اندلاع الحرب العراقية الإيرانية و درع الجزيرة عام 2011.
 

بلنكن يرفض الناتو
ونقلت (DW) الإذاعة الألمانية عن فالي نصر، خبير إيران والشرق الأوسط في مدرسة جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة، ومستشار سابق لإدارة أوباما قوله "يريدون الحصول على اعتراف من الدول العربية وإيران هي تذكرتهم لذلك ".
وقال نصر إن "تحذيرات أقوى جاءت من وزير الخارجية الآن أنتوني بلينكن، في مقال عام 2017 ضد ترويج الرئيس دونالد ترامب لـحلف شمال الأطلسي العربي، كتب بلينكن آنذاك أن تحالفا أمنيا عربيا سنيا يمكن أن يدفع الولايات المتحدة إلى الصراع الطائفي بين السُنّة والشيعة".
واضافت ريهام عبدالحميد المحللة السياسية إن زيارة بايدن للمنطقة بداية من الكيان الصهيوني يأتي وفق الرؤية الاستراتيجية الأمريكية التي تضع أمن إسرائيل كأولوية قصوى لأمريكا ومناقشة كل التهديدات الإيرانية وكيفية تحييدها تجاه إسرائيل واستمراره كسيف معلق فوق رقاب المنطقة العربية وخاصة السعودية في معادلة مزدوجة تسعى أمريكا منذ عقد أوباما والتي يعمل الرئيس بايدن الآن على استكمالها.