أثارت مفاوضات نظام الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي مع صندوق النقد والبنك الدولي للحصول على قرض جديد انتقادات خبراء الاقتصاد ، محذرين من أن السيسي يتعمد توريط البلاد في مستنقع الديون ورهن سيادة مصر وقرارها في أيدي الأجانب.
وتساءل الخبراء أين تذهب تلك الأموال وأين ذهب رز الخليج؟ مشيرين إلى أن القروض التي سيحصل عليها نظام السيسي خلال العام 2022 ستصل إلى نحو 73 مليار دولار إضافية من خلال مبيعات السندات منها نحو 30 مليارا ستذهب للوفاء بديون سابقة وبذلك ستتراكم الديون أكثر وأكثر.
وأرجعوا ارتفاع الديون إلى عدة أسباب، أهمها الاتجاه نحو الإنفاق غير المنظم عبر الإنفاق على مشاريع غير اقتصادية وغير إنتاجية وبدون جدوى اقتصادية، مثل تفريعة قناة السويس والعاصمة الإدارية الجديدة وغيرها من الطرق والكباري، التي تأتي ضمن البنى التحتية التي لا تخدم الاستثمار أو الإنتاج في البلاد.
وقال الخبراء إن "السيسي يزعم أنه أنفق 400 مليار دولار على مشاريع البنية التحتية، مؤكدين أن تلك الأموال لم تنعكس على الاقتصاد المصري أو على المستوى المعيشي للمواطن، لأنها توجه إلى أهداف استهلاكية بالدرجة الأولى ومشاريع غير إنتاجية".
وأكدوا أن مشروعات السيسي الفنكوشية لم تحفز الاستثمار ولا الصادرات ولم تتمكن دولة العسكر من توفير احتياجاتها الأساسية لخفض الواردات ، فما زالت مصر تستورد نحو 70% من احتياجاتها من السلع تامة الصنع ومن مكونات ومستلزمات إنتاج.
أقساط الديون
يشار إلى أن الدين الخارجي ارتفع بنسبة 17% على أساس سنوي إلى 157.8 مليار دولار في نهاية مارس الماضي مقارنة بنحو 134.8 مليار دولار في مارس 2021 وزاد الدين الخارجي بنحو 8.1 مليارات دولار خلال الربع الأخير من العام الماضي، كما زاد بنحو 12.272 مليار دولار خلال الربع الأول من العام الحالي.
وبحسب تقرير للبنك الدولي، ارتفعت قروض صندوق النقد الدولي لمصر بنسبة 55% على أساس سنوي عام 2020 لتصل إلى 20.4 مليار دولار.
ووفقا للنشرة الإحصائية الشهرية التي يصدرها البنك المركزي المصري بلغ الدين العام المحلي 4742 مليار جنيه في يونيو 2020.
وكشفت أرقام الموازنة العامة للعام المالي الحالي عن زيادة كبيرة في أعباء الدين العام لتصل نسبتها إلى 110% من إجمالي الإيرادات العامة لدولة العسكر .
وبحسب البيان المالي للموازنة العامة للعام المالي 2022-2023 بلغت قيمة فوائد الدين العام المحلي والخارجي الواجب سدادها خلال العام المالي الحالي 690.2 مليار جنيه.
وبلغت قيمة الأقساط الواجب سدادها من الدين العام المحلي والخارجي عن نفس العام 965.5 مليار جنيه، ليصل إجمالي أعباء الدين إلى تريليون و655.7 مليار جنيه.
وكشف البيان أن إجمالي الإيرادات العامة المتوقعة خلال العام المالي الحالي الذي بدأ في يوليو الجاري تبلغ تريليون و517.9 مليار جنيه، أي أقل بقيمة 137.8 مليار جنيه من أعباء خدمة الدين.
كارثية
حول مأساة ديون السيسي توقع تقرير صدر مؤخرا عن وكالة "ستاندرد آند بورز" العالمية للتصنيف الائتماني، أن يصل إجمالي الديون السيادية لمصر مع نهاية العام الحالي 2022 إلى 391.8 مليار دولار أمريكي، بعد أن كان 184.9 مليار دولار فقط عام 2017.
ووصف التقرير ديون السيسي بـالكارثية، مشيرا إلى أن مصر في زمن الانقلاب تستحوذ على 0.6% من إجمالي الديون التجارية في العالم، وهي نسبة مرتفعة إذا قورنت بعدد من الدول المماثلة لمصر، أو إذا قورنت بالاقتصادات الناشئة بشكل عام.
وأكد أن حجم الدين العام يتجاوز الـ 90% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يعد مؤشرا خطيرا، خاصة أن صندوق النقد الدولي نفسه يعتبر أن الحدود الآمنة عالميا تدور حول الـ 60% فقط.
تقلبات الأسواق
من جانبه طالب حسن حسين، رئيس لجنة البنوك والبورصة بجمعية رجال الأعمال،حكومة الانقلاب بضرورة إعادة النظر في سياسة الاقتراض الخارجي في ظل الأوضاع الراهنة ، مؤكدا أن مصر في زمن الانقلاب تعد من أكبر الدول المقترضة على المستوى الدولي .
وكشف حسين في تصريحات صحفية أن مختلف الجهات الدولية تؤكد أن حجم اقتراض نظام الانقلاب خاصة الخارجي يفوق المستوى المطلوب.
وحذر من أن الاقتراض عبر السندات الدولية يعرضنا لتقلبات الأسواق، كما أن خروج الأجانب من الأسواق الناشئة يهدد الاعتماد عليها حاليا وأن الاقتراض عبر السندات الخارجية يجعلنا خاضعين لتقلبات الأسواق الدولية، وكذلك لسياسات الدول الخارجية
وأشار حسين إلى أن عمل اتفاقيات قروض مباشرة وكذلك اتفاقيات قروض من بعض الحكومات مباشرة يسمح بالخروج من التأثيرات الناجمة عن هذه التقلبات وهبوط السوق الثانوي للسندات للمشترين، كما يجعلنا في منأى عن التأثر بالأزمات الدولية المختلفة كالحرب الجارية بين أوكرانيا وروسيا وتقلبات الأسعار الناجمة عنها.
وطالب بالتوسع في الاقتراض الداخلي كبديل عن الخارجي وتوجيه الأموال لتمويل مشروعات محددة وليس لسد عجز الموازنة، مؤكدا صعوبة الاعتماد على السندات الدولية خلال هذه المرحلة، في ظل اتجاه أغلب الاستثمارات الأجنبية للخروج من الأسواق الناشئة باعتبارها ذات مخاطر مرتفعة.
مزاعم الانقلاب
وأكد زياد بهاء الدين، أستاذ الاقتصاد بالجامعات المصرية، أنه لا مخرج من الأزمة الاقتصادية التي ورطنا فيها نظام الانقلاب إلا بإعادة النظر في أولويات الإنفاق العام وبمزيد من الإنتاج والتشغيل.
وانتقد بهاء الدين في تصريحات صحفية مزاعم حكومة الانقلاب بأن وضع الدين الخارجي ليس سيئا بالمقارنة بدول أخرى وأنها سوف تقوم بخفض نسبة الدين العام إجمالا إلى الناتج المحلي خلال الـ ٤ سنوات المقبلة من ٨٥٪ إلى ٧٥٪ دون تحديد آليات لتحقيق هذا الهدف.
وشدد على أنه لا مخرج من هذه الورطة إلا بإعادة النظر في أولويات الإنفاق العام من جهة، وبمزيد من الإنتاج والتشغيل والنمو الاقتصادي من جهة أخرى.
وأوضح بهاء الدين أن الأهم من القيمة المطلقة للدين العام هو نسبته إلى الاقتصاد القومي، مشيرا إلى أنه إذا كانت قدرتنا على تقليل قيمة الدين صارت محدودة فإن الأمل هو زيادة حجم الاقتصاد القومي، أي زيادة الاستثمار الذي لا بديل عنه للنهوض بالاقتصاد الوطني.
وحذر من أن موضوع الدين العام كان ولا يزال واحدا من أكثر المواضيع المثيرة للقلق في الملف الاقتصادي الوطني، وهو بالتأكيد جدير بأن يكون محل اهتمام ومتابعة لما له من آثار وعواقب وخيمة على مستقبل البلد.