مقتل المذيعة شيماء جمال على يد زوجها المستشار أيمن حجاج نائب رئيس مجلس الدولة ووكيل رئيس نادي القضاة، كان أكثر بشاعة من مقتل الطالبة نيرة أشرف، سواء على مستوى الجريمة والإعداد لها والمتورطين فيها؛ ورغم ذلك كان الإعلام يسلط الضوء أكثر على جريمة نيرة أشرف. ومؤخرا أصدر النائب العام قرارا بحظر النشر في القضية لأن التحقيقات كشفت عن تورط قضاة آخرين في الجريمة؛ ساعدوا القاضي القاتل في الاختباء والتخفي عن العدالة. كما كشفت التحقيقات عن تورط نجلة القاضي الكبرى والتي كانت تشرف على عملية هروب والدها من العدالة استغلالا لمنصبها الحساس وسلطاتها المطلقة بوصفها تعمل بجهاز المخابرات العامة.
الأمر على هذا النحو هو إدانة مباشرة للسلطة القضائية؛ ويبرهن على أن حصول العدالة في مصر قد جرى اختراقها على نحو واسع خلال العقود الماضية؛ وعن طريق الرشاوي والمحسوبية والوساطات والتوريث اعتلى منصة العدالة مجموعات واسعة من اللقطاء وضعاف النفوس؛ فاغتصبوا منصبا حساسا ليس لهم بينما تم إبعاد الجديرين لأنهم فقراء وليس لهم ظهر يستندون إليه في دولة تنهار وتدار بمنطق عصابات المافيا.
وكانت صحيفة "عربي 21" قد حصلت على وثائق ومستندات رسمية تفيد بتورط قاضيين آخرين في القضية، بالإضافة إلى نجلته الكبرى التي تعمل بجهاز المخابرات العامة المصرية، حيث إن القاضي الأول متهم مع المستشار القاتل في عملية تهريبه من العدالة ومن ملاحقة الأجهزة الأمنية، والقاضي الثاني متهم بإخفاء المتعلقات والمشغولات الذهبية الخاصة بالمجني عليها، بخلاف تورط نجلة المستشار القاتل التي تعمل في جهاز المخابرات في عملية تهريبه من العدالة ومن ملاحقة الشرطة أيضا.
القاضي الأول الذي ساعد حجاج على الهروب هو المستشار "إيهاب تمام أحمد إسماعيل – 46 سنة – نائب رئيس مجلس الدولة، كشفت التحقيقات عن قيامه بمساعدة القاتل حجاج في الهروب إلى محافظة السويس بعد ارتكاب الواقعة. وبذلك يكون قد ارتكب جنحة إعانة جاني بجناية عقوبتها الإعدام شنقا على الفرار من وجه القضاء. وقد نصت المادة 144 من قانون العقوبات، على: "كل من أخفى بنفسه أو بواسطة غيره شخصا فر بعد القبض عليه، أو متهما بجناية أو جنحة، أو صادرا في حقه أمر بالقبض عليه، وكذلك كل من أعانه بأي طريقة على الفرار من جهة القضاء مع علمه بذلك، يعاقب بالسجن من 3 سنوات لـ 7 سنوات، لو كان من أخفاه حكم عليه بالإعدام".
المستشار الثاني المتورط في القضية هو "حسين محمد إبراهيم الغرابلي" والذي أقر خلال التحقيقات أن المتهم الأول المستشار أيمن حجاج نائب رئيس مجلس الدولة قام عقب قتل زوجته الإعلامية شيماء جمال، بتجريدها من الحلي "المشغولات الذهبية" التي كانت ترتديها الضحية المجني عليها، قام بإعطائها إلى زميل له في العمل يدعى "المستشار عادل عطية الله رسلان أحمد نائب رئيس مجلس الدولة"، وذلك لكي يقوم الأخير باستبدال المشغولات الذهبية إلى جنيهات ذهبية، ويتخلص بذلك من المشغولات الذهبية الخاصة بالمجني عليها ومشغولاتها.
أما نجلة القاضي القاتل أيمن حجاج التي تعمل في جهاز المخابرات العامة، فهي متورطة في قضية تهريبه من العدالة ومن الشرطة وقت هروبه، ويجري التحقيق معها في القضية. فنجلة القاضي الكبرى كانت على تواصل مع زميل والدها الذي قام بتهريبه واخفائه في محافظة السويس، وأنها من كانت تشرف على عملية التنقل بين المحافظات لتهريب والدها من الشرطة، مستغلة منصبها في جهاز المخابرات العامة.
لهذه الأسباب قرر النائب العام حظر النشر في القضية لأنها ببساطة إدانة لأكبر أجهزة الدولة السيادية (القضاء والمخابرات) فكثير من الذين يعملون في هذه الأجهزة التي يفترض أنها تحمي القانون وتحرسه هم أول من ينتهك القانون ويدوس عليه دون خوف أو اكتراث؛ فبعضهم قتلة وبعضهم لصوص وبعضهم زناة وعاقون للخمر دون وخز من ضمير أو خوف من الحساب في الدنيا أو حتى في الآخرة. ولهذا فإن حظر النشر في هذه القضية هو بحد ذاته إدانة لنظام السيسي كله وإدانة للمرحلة كلها.