سياسات حماية الجنيه المنهار…كوارث اقتصادية وتعطيل للإنتاج وشح لمستلزمات الحياة

- ‎فيتقارير

 

 

 

أعلن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي بحكومة الانقلاب ، أن السياسة الحالية للحكومة تستهدف عدم الضغط على العملة الأجنبية، التي تعتبر أساس التعامل في العديد من السلع من القمح والطاقة وغيرها.

 

وأوضح خلال مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء، أن الدولة المصرية اتخذت العديد من الإجراءات، لوقف نزيف مواردنا من العملة الصعبة.

 

وبيّن أن مصر كانت تنظر لزيادة مواردها بشغل غير مسبوق، من خلال زيادة معدلات التصنيع المحلي، ودعم قطاع السياحة والدولة المصرية.

 

ومؤخرا، كشف البنك المركزي وصول صافي الاحتياطات الأجنبية إلى 33.143 مليار دولار في نهاية يوليو 2022 بصفة مبدئية، مقارنة بنحو 33.375 مليار دولار بنهاية يونيو.

 

وتكبد ميزان المدفوعات عجزا كليا بلغ نحو 7.3 مليارات دولار، سجل كله تقريبا خلال أول 9 أشهر من ميزانية 2022-2021 المنتهية في مارس الماضي؛ بسبب تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، بحسب البنك المركزي، بالإضافة إلى ارتفاع فاتورة الواردات في ظل ارتفاع الأسعار العالمية، وتخارج استثمارات الأجانب من محفظة الأوراق المالية، والتي تم سدادها دون أي تأخير، ما أدى إلى تراجع صافي التدفقات للداخل في حساب المعاملات الرأسمالية والمالية.

 

التضييق على الاستيراد كارثة

وأدت سياسات التقشف والتضييق الحكومي على الاستيراد من أجل الدولار والحفاظ على قيمة الجنيه المتراجعة، إلى نقص ملحوظ في السلع الاستهلاكية المستوردة وقطع الغيار وبعض مستلزمات الإنتاج.

وأصبح نقص المنتجات بدءا من الملابس الصيفية إلى السيارات المستوردة  أمرا شائعا في الأسواق، حسبما ورد في تقرير لوكالة بلومبرغ الأمريكية.

 

واعتمدت سيسات الحكومة التضيقية على الاستيراد، على تفعيل منظومة التسجيل المسبق للشحنات التي سيبدأ تطبيقها بصورة إلزامية، وأدت هذه الإجراءات لفرض قيود كبيرة على الاستيراد، ثم عادت الحكومة بعد ذلك بأشهر باستثناء السلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج من هذه القيود.

 

وتعاني مصر من فجوة تمويلية كبيرة في الدولار، جراء تداعيات الحرب الأوكرانية التي قللت إيرادات مصر من العملة الأجنبية سواء لتراجع السياحة الروسية ، أو بسبب هروب مستثمري الأموال الساخنة من الاقتصادات الناشئة؛ حيث كانت مصر وجهة مفضلة لهم ولكنها لم تعد كذلك.

ومع توسع الدولة المصرية في الاقتراض الخارجي خلال السنوات الماضية، باتت تعاني من صعوبة في كيفية توفير الدولارات اللازمة لتمويل الاستيراد وفي سداد الديون الخارجية المتراكمة، في وقت طالت المفاوضات الحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولي الرامية للحصول على قرض جديد، وذلك على ما يبدو بسبب شروط الصندوق القاسية التي تخشى الحكومة أن تؤدي إلى تفاقم التضخم في البلاد وزيادة معاناة المواطنين.

 

وفي وقت سابق، قال صندوق النقد الدولي إن "مصر بحاجة إلى تحقيق تقدم حاسم في الإصلاحات المالية والهيكلية" وأشار المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي إلى "استمرار هشاشة وضع مصر جراء أعباء الدين العام المرتفعة ومتطلبات التمويل الإجمالي الكبيرة".

 

كما أضاف المجلس في بيان أن "الإصلاحات يجب أن تعزز أيضا تنمية القطاع الخاص وتقلص دور الدولة".

فيما المؤسسات الدولية ترى أن الجنيه يجب أن يتراجع.

وتُقدر مؤسسة "غولدمان ساكس" المالية الأمريكية أن مصر قد تحتاج لحزمة بقيمة 15 مليار دولار من صندوق النقد الدولي للوفاء باحتياجاتها التمويلية خلال السنوات الثلاث المقبلة، لكن وزارة المالية أكدت أن المبلغ المطلوب أقل من ذلك، ويضاف ذلك إلى تعهدات بأكثر من 22 مليار دولار على شكل ودائع واستثمارات من السعودية والإمارات وقطر.

 

وكانت الحكومة قد خفضت الجنيه في مارس 2022 بنحو 17 %  ليتراجع من نحو 15.5 للدولار إلى 18.5 ومنذ ذلك الوقت هبط الجنيه المصري بوتيرة أقل ، حيث بلغ نحو 19 جنيها للدولار، مقابل نحو 20 جنيها في السوق الموازية.

 

وسجل الجنيه مؤخرا من الخسائر في السوق الخارجية، وهي أسوأ سلسلة هبوط متتالية للعملة المصرية منذ ما يقرب من 10 سنوات، في الثلث الأول من شهر أغسطس 2022.

 

وكشفت وكالة "بلومبرغ" الأمريكية، الثلاثاء 9 أغسطس 2022، عن توقعات خبراء اقتصاديين بشأن الجنيه المصري، حيث قالوا إن "العملة المصرية مقوَّمة بأعلى من قيمتها بنسبة 10%، كما تم قياسها من خلال سعر الصرف الفعلي الحقيقي".

 

ومن ضمن الإجراءات الاستثنائية التي اتبعتها الحكومة لتقييد الاستيراد،  ضرورة فتح المستوردين لاعتمادات مستندية، ووضعهم لقيمة تعادل 120 % من قيمة وارداتهم في المصارف بالعملة المحلية على أن توفر الدولة عبر المصارف لهم الدولارات اللازمة لدفع ثمن السلع التي يستوردونها.

 

 وبالتالي لم يعد من حق المستورد شراء الدولارات من السوق الموازية وإيداعها في البنوك لتمويل عملياته الخارجية، الأمر الذي قلل الضغط على الدولار، في هذه السوق، ومنع وجود فارق كبير بين السعر الرسمي وبين السعر في السوق الموازية (السوق السوداء) كما حدث في أزمات الجنيه السابقة وآخرها في عام 2016.

 

 

ولكن هذا يعني وضع الحكومة قوائم انتظار للسلع حسب أولويتها وعدم توفير الدولارات اللازمة لمستوردي السلع التي تراها الحكومة غير أساسية، مما أدى فعليا لحظر استيراد كثير من السلع.