بسبب فشل المنظومة التعليمية.. المصريون ينفقون 47 مليار جنيه على الدروس الخصوصية

- ‎فيتقارير

 

 

 

مع اقتراب العام الدراسي الجديد الذي من المقرر أن يبدأ أول أكتوبر المقبل ، اشتعل ماراثون الدروس الخصوصية في كل محافظات مصر، وانتشرت إعلانات حجز الدروس في الشوارع والميادين وعلى مواقع التواصل الاجتماعي ، بل إن بعض الطلاب انتظموا في الدروس منذ بداية شهر أغسطس الماضي، ويطرح المعلمون وأصحاب السناتر بضاعتهم من دروس ومذكرات وملخصات يقدمها وحش الكيمياء وخبير الفيزياء وجبرتي الرياضيات وغيرهم.

ورغم مزاعم وزارة التربية والتعليم بحكومة الانقلاب أنها تعمل على القضاء على الدروس الخصوصية ، وأنها توفر بدائل للطلاب مثل قناة «مدرستنا» والمنصات التعليمية ومجموعات التقوية في  المدارس، إلا أن الواقع يشير إلى فشلها في منع الدروس الخصوصية في ظل انهيار المنظومة التعليمية في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي .

 

كانت نتائج بحث الدخل والإنفاق، التي أعلنها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء قد كشفت أن متوسط إجمالي ما تنفقه 26 مليون أسرة في جميع محافظات الجمهورية على الدروس الخصوصية ومجموعات التقوية يصل إلى 47 مليار جنيه، بنسبة تمثل 37.7% من إجمالي الإنفاق على قطاع التعليم.

 

 

غلاء الأسعار

 

حول مافيا الدروس الخصوصية قالت دعاء الهواري  ولية أمر  إن  "إعلانات الدروس الخصوية تثير استياء الأهالي بسبب الحالة المادية المتدهورة في  ظل غلاء الأسعار" .

وتساءلت ، كيف نستطيع إدخال أطفالنا في الوقت الحالي للدروس الخصوصية التي بدأت بالفعل في  شهر أغسطس الماضي في وقت لا نستطيع شراء احتياجاتنا اليومية ؟.

وطالب محمود ممدوح، ولي أمر، المعلمين بتأجيل موعد بدء الدروس الخصوصية لشهر أكتوبر مع بداية العام الدراسي الجديد

وقال إن "الدروس تحتاج إلى تكلفة ومصاريف إضافية، ولا نعلم كيف سنوفرها في ظل الظروف الاقتصادية الحالية التي نعيشها".

 

رسائل تليفونية

 

وكشفت سلوى راضي ولية أمر أنها تسلمت رسالة على هاتفها من مدرس اللغة العربية، يعلن فيها عن بدء حجز الدروس الخصوصية لطلاب المرحلة الابتدائية داخل أحد المراكز  .

وقالت  "عند ذهابي للمركز رأيت عشرات الطلاب يتزاحمون أمامه، حيث لا تظهر معالم المكان بسبب اللافتات المعلقة على جدرانه، بالإضافة إلى الشوارع الرئيسية والجانبية بأسماء المعلمين لجذب أكبر عدد ممكن من الطلاب، بدءا من المرحلة الابتدائية وحتى الثانوية.

وأوضح شوقي غريب ولي أمر أن أولياء الأمور يبحثون عن مدرسين للدروس الخصوصية، للاعتقاد السائد أنه شيء لا مفر منه ومضطرون إليه حتى يحصل أبناؤهم على درجات التفوق، ليتمكنوا من الالتحاق بالجامعات والكليات التي يريدونها .

 

وقالت حنان عياد، ولية أمر، إن "الدروس الخصوصية تعمل على تأسيس أطفالها وتدعم تفوقهم في المستقبل".

وأشارت إلى أنها فور علمها ببدء تسجيل أسماء الطلاب لحجز الدروس الخصوصية، بحثت عن أمهر المعلمين والحجز معهم قبل الزحام الذي يبدأ مع بداية العام الدراسي .

 

النظام الجديد

 

وأكدت داليا الحزاوي، مؤسس ائتلاف أولياء أمور مصر، أن الطلاب يبدأون مبكرا في حجز مقاعدهم في  الدروس الخصوصية للعام المقبل، لأن هناك تخوفات الطلاب وأولياء الأمور من عدم قدرتهم على التكيف مع النظام الجديد للتقييم إلا من خلال الدروس الخصوصية سواء في السناتر أو البيوت، وكذلك الحجز المبكر يضمن للطالب الحصول على مكان لدى المدرسين المشهورين.

وقالت داليا الحزاوي في تصريحات صحفية إن "الدروس الخصوصية أصبحت واقعا في ظل تراجع دور المدرسة وأيضا مجموعات التقوية المدرسية" .

ونصحت أولياء الأمور باختيار المدرس المناسب للأبناء من خلال عدة معايير منها : الاستعانة بآراء الدفعة القديمة في المدرس، وعدم الاكتفاء برأي  طالب أو اثنين ، بل يجب توسيع دائرة السؤال حتى تستطيع الوصول لرؤية صحيحة، وأن تهتم بمعرفة هل المعلم أثناء المراجعات والامتحان كان يتواصل سريعا مع الطلاب، أم أن علاقته مجرد علاقة مادية فقط وتنتهي بانتهاء الحصص؟.

وطالبت داليا الحزاوي بتفعيل مجموعات التقوية بالمدارس، لمكافحة الدروس الخصوصية، وأن تكون بسعر تنافسي مناسب لولي الأمر، وكذلك الاهتمام بجذب المعلمين الأكفاء، والرقابة على الأداء حتى يكون هناك استفادة من مجموعات التقوية.

 

تواطؤ الأحياء

 

وقال الخبير التربوي الدكتور مصطفى كامل  "المشكلة ليست في غلق مراكز الدروس الخصوصية ، وإنما تكمن في بُعد الطالب عن المدرسة، ولذلك يجب أن تعالج من جذورها بتغيير المناهج ووضع خطط لجذب الطلاب للمدرسة، بالإضافة إلى تعديل المرتبات وأجور المعلمين وتأهيل المعلم تأهيلا جيدا، وتفعيل قانون تجريم الدروس الخصوصية، وقيام الأحياء بدورها في غلق مراكز الدروس الخصوصية، مؤكدا أن هناك تواطؤا من الأحياء مع أصحاب المراكز لحصولهم على نسبة من الأموال التي  يحصلون عليها".

وأوضح «كامل» في تصريحات صحفية أن الهدف الأساسي من العملية التعليمية هو بناء عقلية الطفل، وتطوير المجتمع ، ولكي يتحقق ذلك يجب أن تحتوي  المناهج الدراسية على عادات وتقاليد وأفكار وثقافة المجتمع، ثم يبدأ دور أساتذة المناهج في  تنقية هذه المفاهيم وتطويرها وتنظيمها ، حتى تأخذ شكل المنهج الدراسي المعروف والذي يشمل (الكتاب المدرسي والأنشطة الصفية والأنشطة اللاصفية) ثم يأتي دور الأكاديمية المهنية للمعلمين في تدريب وتأهيل المعلمين، على أن تقوم الإدارات التعليمية المتمثلة في قسم التوجيه والمتابعة بدورها، وبذلك تكتمل الصورة.

وأعرب عن أسفه لتخلي وزارة تعليم الانقلاب عن هذا الفكر المنهجي المنظم، مما أدى إلى ظهور فجوات خطيرة متمثلة في التسرب الدراسي وعزوف التلاميذ عن المدرسة، وتنصل ولي الأمر من دوره في التربية والمتابعة، ومن هنا بدأت فكرة الدروس الخصوصية تنتشر بشكل كبير، ودعمها المعلمون بسبب مرتباتهم الضعيفة .