25 مليون مريض نفسي بمصر وإهدار 50 مليار سنويا على الدجل والشعوذة

- ‎فيتقارير

 

في ذكرى اليوم العالمي للصحة النفسيةالتي توافق 10 أكتوبر من كل عام؛ نظمت مجموعة "سلامتك تهمنا"، التي تتألّف من صحفيين وناشطين عاملين في المجتمع المدني بمصر، إطلاق أولى حملات التوعية بأهمية الاهتمام بالصحة النفسية للعاملين في قطاع الصحافة والمجتمع المدني بوصفهم  يتعاملون مع ملفات حساسة  حسب طبيعة عملهم؛ الأمر الذي يؤثر على صحتهم النفسية. وأفاد مطلقو الحملة في بيانهم بأنّها تستهدف "دقّ ناقوس الخطر حول غياب الدور المؤسسي في توفير الرعاية النفسية للعاملين في المؤسسات الصحافية، بل وعدم توفير بعضها بيئة عمل آمنة، لا سيّما للنساء، وتنادي بضرورة رفض الوصم المجتمعي، وكذلك الفردي الخاص بتلقّي العلاج النفسي، مع توفير خدمة نفسية مهنية غير منحازة دينياً ولا أخلاقياً".

الأهم في رسالة الحملة أنها تدق ناقوس الخطر بشأن ما يعانيه عشرات الملايين من المصريين من مشاكل تهدد صحتهم النفسية في ظل ظروف غير مسبوقة ومعانا نحو (70%) على الأٌقل من الغلاء وفحش الأسعار والسلع لا سيما السلع الغذائية التي تمثل ضرورة للحياة.

 

"25" مليون مصاب نفسيا

وفي أكتوبر 2020 قدر دكتور محمود الوصيفي، أستاذ الطب النفسي بجامعة المنصورة، عدد المصابين بالاكتئاب والأمراض النفسية في مصر بنحو 25 مليون شخص تقريبا. وقال الوصيفي، في لقاء افتراضي مع عدد من الصحف، برعاية شركة جانسن عن "مرض الاكتئاب مثل مرض الضغط والسكر"، إن نحو 25% من السكان الذي يبلغ عددهم نحو 100 مليون نسمة، يعانون من الأمراض النفسية. وأضاف أن ثلث هؤلاء المرضى يتم علاجهم بسرعة ولا يصابون به مجددا، والثلث الثاني يصابون به بشكل متكرر على فترات زمنية مختلفة، والثلث الأخير يكون الاكتئاب مزمنا. وأوضح إن كل الأشخاص يصابون بالحزن، وهذا طبيعي، لكن إذا استمر هذا الحزن لمدة تتجاوز الأسبوعين، مصحوبا باضطرابات في النوم، والشهية للطعام، فهذا يعني الإصابة بالاكتئاب. ولفت إلى أنه لا توجد مناعة لهذه الأمراض، فالجميع معرض للإصابة بها "قد يصاب بها المهندس والطبيب، ولا تعني الإصابة قلة الإيمان إطلاقا فقد يكون إيمان المريض أقوى من الطبيب".

وكان المسح القومي للصحة النفسية الذي يستهدف قياس معدل انتشار الاضطرابات النفسية بالجمهورية لعام 2018، قد أظهر أن 25% من المصريين (25 مليون مصري) يعانون من الأعراض والاضطرابات النفسية بمعنى أن كل 1 من كل 4 أشخاص من المفحوصين لدية عرض أو اضطراب نفسى. بحسب المسح فإن الاضطرابات الأكثر انتشارا هى اضطرابات المزاج (اضطرابات الاكتئاب على وجه التحديد) والتي بلغت 43.7% وبلغت اضطرابات تعاطى المخدرات 30.1٪. وأكد أن نتائج المسح أقل من النتائج حول تواتر الاضطرابات النفسية فى المجتمع التى تم الكشف عنها فى معظم الدراسات فى جميع أنحاء العالم، كما أنها تختلف عن الدراسات المحلية الأخرى وخاصة فى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث اضطرابات القلق هى الأكثر انتشارا.  وأضاف أن 0.4 % من الذين يعانون من اضطرابات وأعراض نفسية فقط يلجئون للعلاج، لافتا إلى أن النسبة منخفضة للغاية مقارنة بالذين لديهم مشاكل أو اضطرابات نفسية 25٪. وكشف المسح، عن أن انتشار الاضطرابات النفسية أكثر فى المناطق الريفية من المناطق الحضرية، وهو ما يشير إلى الحاجة لتوجيه تخطيط الخدمات النفسية إلى المناطق الريفية. التي تعد الأكثر فقرا من المناطق الحضرية. واعتبر المسح، الوضع الاجتماعى والاقتصادى أحد عوامل الخطر لحدوث الاضطرابات النفسية التى هى اكثر انتشارا فى المجتمعات الاجتماعية والاقتصادية المصنفة "منخفضة جدا" وتكون الأمراض النفسية أكثر ظهورا فى فئة العمال غير المهرة فى مصر، وتشير هذه النتيجة إلى أن عدم وجود مهنة محددة يرتبط بمزيد من المعاناة الصحية النفسية .  وأوضح أنه بدراسة عوامل المخاطر الأخرى وجد أن هناك تاريخا عائليا للاضطرابات النفسية هو واحد من أكثر العوامل توافقا مع المرض النفسي وممارسة الأنشطة الاجتماعية يرتبط بشكل كبير مع انخفاض انتشار الأمراض النفسية.

بالطبع هذه الأرقام (25 مليون مريض نفسي مصري) كانت قبل تفشي جائحة كورنا وتداعيات الغلاء الفاحش بعد الغزو الروسي لأوكرانيا؛ معنى ذلك أن أعداد المرضى النفسيين في مصر ترتفع عن هذا الرقم بكثير وقد تصل إلى نحو 40 مليون مصري لكن غياب أي أرقام رسمية يجعل هذه الافتراضات ظنية أو ترجيحية وليست يقينية.

 

50 مليارا تهدر على الدجل و الشعوذة سنويا

ويحذر الطبيب المتخصص في أمراض النفس، من عدم وجود وعي كاف في مصر بكيفية التعامل مع الأمراض النفسية. ورغم التطور الكبير في العقدين الأخيرين، إلا أن إحدى الدراسات، التي صدرت قبل عدة سنوات من المركز القومي للبحوث، أشارت إلى أن 70% من المصريين يترددون على المطببين الشعبيين عند الإصابة بأحد الأمراض النفسية، وقالت أيضا إن 63% من المصريين يؤمنون بالخرافات، و11% من المشاهير سواء السياسين أو الاقتصاديين، وأيضا الفنانين. ويوجد نحو مليون مصري على الأقل يعتقدون بأنهم مصابون بمس من الجن. ولفت الوصيفي إلى أن قيمة ما يصرفه المصريين على الجدل والشعوذة سنويا، قد يصل إلى 50 مليار جنيه، وكانت قبل 10 سنوات -وفقا لدراسة المركز- 10 مليارات جنيه، "زادت من 3 إلى 5 أضعاف". وبسبب هذا الوضع، تعاني مصر من قلة عدد الأطباء النفسيين، بحسب الوصيفي. وقال إن عدد الأطباء بصفة عامة يبلغ 250 ألفا، والأطباء النفسيين يمثلون نحو 1% منهم، أي أنه لن يتجاوز 1000 طبيب مقابل 300 ألف دجال ومشعوذ.

ووفقاً لتعريف منظمة الصحة العالمية، فإنّ الصحة النفسية هي "حالة من الرفاه النفسي تمكّن الشخص من مواجهة ضغوط الحياة، وتحقيق إمكاناته، والتعلّم والعمل بشكل جيّد، والمساهمة في مجتمعه المحلي. وهي جزء لا يتجزأ من الصحة والرفاه اللذَين يدعمان قدراتنا الفردية والجماعية على اتّخاذ القرارات وإقامة العلاقات وتشكيل العالم الذي نعيش فيه. والصحة النفسية هي حق أساسي من حقوق الإنسان. وهي شديدة الأهمية للتنمية الشخصية والمجتمعية والاجتماعية والاقتصادية".