جو بايدن الذي وصل شرم الشيخ لنحو ساعة في طريقه إلى جولة أسيوية يحضر لها من وقت مبكر، حمل معه شيكا على بياض بنحو 500 مليون دولار، ليؤكد أنه شخص آخر منعكس تماما عن “بايدن” يوليو 2020، والذي أكد خلال ترشحه للرئاسة، أن السيسي “ديكتاتور ترامب المفضل”، ضمن انتقاده لسياسة الاعتقالات التي طالت “النشطاء” -غير الإسلاميين- في مصر متعهدًا بعدم “إعطاء مزيد من الشيكات على بياض للسيسي”.
“بايدن” الجمعة 11 نوفمبر/ 2022، يمازح السيسي حتى استلقى على قفاه، بعدما تعلقت زميلته بالحزب الديمقراطي نانسي بيلوسي بيد الديكتاتور، قرر أن يكافئ السفيه عبدالفتاح السيسي بمبلغ 500 مليون دولار (15 مليار جنيه) للإيداع بالملاذات الآمنة للحكام العربي (سويسرا)، تحت زعم “تمويل مشروعات التحول إلى الطاقة النظيفة في مصر”.
وحرمت الولايات المتحدة خلال الشهر الماضي، السيسي من مساعدات عسكرية بقيمة 130 مليون دولار، بسبب مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان. وفي سبتمبر 2021 قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إنه سيتم حجب المساعدة إذا لم تعالج مصر ظروفا محددة أشارت إليها واشنطن، تتعلق بحقوق الإنسان.
إلا أن المرة، لم يكتف رئيس البيت الأبيض بتجاهل الملف، إلا أنه أصر على الإطاحة بملف حقوق الانسان -على الأقل التقرير السنوي للخارجية الامريكية التي تعتبر السيسي دمويا- وقدم مصالح الصهيونية العالمية ومصالح راعيتها واشنطن، بزعم “دعم الأمن والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط، والتطلع لتعزيز التنسيق والتشاور بين الجانبين بشأن مختلف الملفات السياسية والأمنية وقضايا المنطقة”، بحسب بيان مكتب السيسي.
وكما خلا اللقاء الأول من تناول حقوق الانسان ، تطرق اللقاء إلى أربعة ملفات هي: الأمن الغذائي، واضطرابات إمدادات الطاقة وأزمة سد النهضة، وإحياء عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
واتفقت كلمات جو بايدن، هذه المرة مع موقفه من المخلوع مبارك قبل خلعه، فقال إن “الولايات المتحدة تعتبر مصر صديقاً وحليفاً قوياً تعول عليه في المنطقة، معرباً عن التطلع لتكثيف التنسيق والتشاور المشترك حول جميع القضايا الإقليمية والدولية”.
بالمقابل استعرض السيسي أوراقه التي أظهرت مجددا موقف الغرب المنافقة، فأشار بيان متحدثه الرسمي إلى تطرق اللقاء “إلى مستجدات القضية الفلسطينية، وجهود .. الحفاظ على التهدئة بين الجانبين الفلسطيني و”الإسرائيلي”.
أما ورقتهما المشتركة كانت بعنوان “”ملف مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف”، مع الزعم أن بايدن أشاد من جانبه “بنجاح الجهود .. الحاسمة في هذا الإطار وما تتحمله من أعباء”، وإعرابه بحسب الادعاء “عن دعم الإدارة الأمريكية لتلك الجهود، ومؤكداً أن مصر تعد شريكاً مركزياً في التصدي لتحدي الإرهاب العابر للحدود”.
النقطة الثالثة كانت إضافة “المتحدث الرسمي” تناول اللقاء “قضية سد النهضة”، واستعرض مطالب السيسي ب”التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم لملء وتشغيل السد يضمن الأمن المائي لمصر، وذلك وفقاً لمبادئ القانون الدولي لتحقيق المصالح المشتركة لجميع الأطراف، ومن ثم أهمية الدور الأمريكي للاضطلاع بدور مؤثر لحلحلة تلك الأزمة”، بحسب البيان إلا أن البيان خلا من نقل رد فعل بايدن حول الملف!
ويبدو أن السيسي لم يكن في حاجة لاستعراض كذبته التي سبق وطرحها في يوليو الماضي، عندما قال إن “بناء المجتمعات على أسس الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وإعلاء المصلحة الوطنية، هو الضامن لاستدامة الاستقرار ومقدرات الشعوب والحيلولة دون السطو عليها”، وهي الجملة التي سبق وسخر منها رواد السوشيال.
فتش عن المصالح
ووصف مراقبون عنوان اللقاء “تفوق المصالح المشتركة على الشعارات والوعود الانتخابية”، حيث سبق والتقى جو بايدن 16 يوليو برئيس عصابة الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي لأول مرة في السعودية.
ويبدو أن الصهاينة وعلى رأسهم يتسحاق هرتوج الذي أمضى أياما في أحضان السيسي بشرم الشيخ، بعقد الصفقات ويعرض مشروعه الصهيوني التخريبي، فخفف بايدن نقده للسيسي منذ مايو 2021 بعد أن تدخلت المخابرات المصرية لوقف إطلاق النار في غزة.
دراسة
وعن “جولة بايدن الشرق أوسطية” السابقة التي كان من أبرز ما حققته فتح المجال الجوي السعودي أمام الطيران الإسرائيلي، كما أقرت بانتقال تيران وصنافير المصريتين إلى السعودية بعد تنسيق أمني إسرائيلي ـ سعودي ـ أميركي.
وأشار الأكاديمي د. عصام عبد الشافي أستاذ العلوم السياسية في بحث نشره المعهد المصري للدراسات، إلى أن “الأشهر المتبقية من العام 2022، ستعزز من مكاسب هذه الأطراف الثلاثة، إلا أن المستفيد الأكبر هو إسرائيل، وبطبيعة الحال أي مكاسب إسرائيلية متحققة تصب على المدى البعيد في المصالح الأميركية في المنطقة في ظل العلاقات ليس فقط الاستراتيجية ولكن المصيرية بين الطرفين”.
واعتبر مراقبون أن مؤتمر المناخ التطبيعي هو امتداد لهذه الجولة التي مر عليها نحو 4 أشهر، وأولها ضمان أمن الاحتلال الصهيوني، أحد أهم المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة، معتبرا أن الكيان أقرب ما تكون إلى ولاية أميركية خارج حدود القارة الأميركية، ورأس حربة متقدم في هذه الاستراتيجية.
وأوضح أن تقارير استباقية تحدثت عن إدماج إسرائيل في المنظومات الأمنية والاقتصادية في المنطقة، وتسريع معدلات التطبيع بينها وبين دول المنطقة.
وقال “عبدالشافي” إن إدارة بايدن نجحت في دفع الدول الخليجية والعراق لزيادة إنتاجها من النفط لمواجهة ارتفاع الأسعار عالميا، وارتدادات ذلك على أسعار الطاقة في الدول الأوربية وفي الداخل الأميركي، على خلفية العقوبات المفروضة على قطاع الطاقة الروسي بعد الحرب الروسية على أوكرانيا.