15 مليار جنيه فساد مالي بـ”العاصمة الإدارية” أطاح بـ”الفار” و”عابدين” والمخابرات تفرض حظرا على التداول

- ‎فيتقارير

في ظل أزمة خانقة تضرب مصر من نقص الدولار، ونفاذ الاحتياطي النقدي الأجنبي بالبنك المركزي المصري، أما الموجود بالبنك فهو خارج عن ملكية الدولة المصرية، وهو ما يصل لنحو 30 مليار دولار، أغلبهم ودائع، تسحب في أي وقت، مع ضرورة سداد مصر مطلع العام الجديد 2023 نحو 28 مليار دولار فوائد ديون، يواصل السيسي سفهه في الإنفاق على مشاريعه الفنكوشية التي تبتلع أموال المصريين بلا جدوى اقتصادية، يمكن تاخيرها لعقود دون أن تتاثر حياة المواطن بشيء.

حيث كشفت صحيفة الدستور التابعة لمخابرات السيسي مؤخرا، عن مشروع جديد يقيمه السيسي بالعاصمة الإدارية الجديدة، وهو بناء الكاتدرائية الثانية بالعاصمة، وتحمل اسم مار مرقس، وذلك على الرغم من وجود كاتدرائية ميلاد المسيح، التي افتتحها السيسي مع مسجد الفتتاح العليم، وحملت اسم ميلاد المسيح والتي تتسع لنحو 9 آلاف مصل.

ويأتي مشروع الكاتدرائية الجديدة بالعاصمة لتبتلع مليارات الجنيهات، وسط أزمة اقتصادية خانقة  تضرب المصريين، وذلك على الرغم من عدم حاجة العاصمة لكل تلك المساحات من دور العبادة، حيث إن نسبة الإشغال بها ما زالت دون المستوى، وسيستمر شغورها لسنوات عديدة ، وهو ما يمثل إهدارا للمال العام وسط رفض وزارات الدولة الإنفاق على التعليم وتحميل المعلمين مصاريف طباعة الأوراق الامتحانية، ورفض إصلاح المدارس التي تسقط أجزاء منها على الطلاب، بجانب عدم توافر الأجهزة الطبية بالمستشفيات أو الأدوية التي يحتاجها المريض.

ووسط مناشدات المختصين والاقتصاديين والوزراء السابقين، كالدكتور جودة عبد الخالق، بضرورة وقف البناء في العاصمة الإدارية، وتوجيه الإنفاق نحو حياة المواطنين من غذاء وصحة وزراعة وصناعة، لتجاوز الأزمة المالية الضخمة التي تمر بها مصر ، وتهدد بإفقار أكثر من 90% من المصريين وتجويع عموم الشعب.

 

حظر نشر لتغطية فساد بـ 15 مليار جنيه

فيما كشفت مصادر برلمانية وسياسية، فرض الأجهزة السيادية في الدولة المصرية حظرا شاملا على تناول مشاريع العاصمة الإدارية بالبرلمان وفي الإعلام المصري، سواء بالتقييم أو النقد.

فلم يتم تقديم أي طلبات إحاطة حول مشروع العاصمة الإدارية الجديدة في وقت تفيد فيه معلومات عن إجراء تحقيقات مع عدد من المسؤولين في المشروع بسبب شبهات تورط بالاستيلاء على أموال عامة.

وكان آخر طلب إحاطة حول جدوى المشروع قد تقدم به عضو في البرلمان في عام 2017، وكان موجها إلى وزير الإسكان مصطفى مدبولي، بشأن الدراسات الهندسية والإنشائية التي جرى الاستناد إليها في اختيار موقع تنفيذ المشروع، فضلا عن دراسات الجدوى المتعلقة به، والجدول الزمني لتنفيذه.

وتساءل النائب السابق محمد عبد الغني، عضو تكتل (25 – 30) آنذاك، عن مصادر تمويل مشروع العاصمة الإدارية، وعما إذا كان سيتم الاعتماد على القروض الحكومية من الدول الأجنبية في تنفيذه؟ إضافة إلى تأثير سبل التمويل على الوضع الاقتصادي المصري، والدين الخارجي، في ظل عجز الموازنة غير المسبوق بتاريخ البلاد، ومنذ ذلك التاريخ وبعد انتخاب برلمان جديد، لا يضم أعضاء تكتل (25 – 30) لم يوجه أي سؤال للحكومة حول المشروع.

 

أزمة تسويق ومخالفات مالية

وتواجه جهود حكومة الانقلاب لتسويق مشروعات العاصمة الإدارية خليجيا ودوليا أزمة كبرى في ظل شكوك تحوم حول استكمال المشروع خلال مدى زمني قريب، بعد تباطؤ العمل به نتيجة العقبات التي تواجهها الحكومة بسبب الأزمة الاقتصادية ونقص السيولة الدولارية، وما أكدته شخصيات اقتصادية عملت على دراسات جدوى متعلقة بمشروعات استثمارية خاصة بالمشروع، من أنه يواجه انتقادات كبيرة مرتبطة بعدم أهميته في الفترة الراهنة بعدما أجهد موازنة الدولة.

علاوة على مخالفات مالية واسعة تقدر بمليارات الجنيهات والتي كشفت عنها عمليات مراجعة موقف مشروعات العاصمة الإدارية الجديدة، لبحث مصير الكثير منها، وأيضا لعرض بعضها على المستثمرين والصناديق الخليجية، كشفت عن مخالفات مالية واسعة تقدر بمليارات الجنيهات، وبحسب المعطيات فإن هذا الأمر دفع الجهات التي تشرف على عملية المراجعة إلى عرض الأمر على السيسي شخصيا، والذي أمر بدوره بفتح تحقيقات موسعة مع كل المسؤولين المرتبطين بتلك المخالفات، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

 

مخالفات مالية بـ15 مليار جنيه 

التحقيقات التي بدأتها اللجنة التابعة لرئاسة الجمهورية طاولت شخصيات بارزة، وتم استجواب أسماء كبيرة، بينها عسكريون ارتبطت أسماؤهم بالإشراف على مشروعات العاصمة الإدارية ومشروعات قومية أخرى بحكم عملهم، وذلك بناء على ضوء أخضر من السيسي باستجواب أي مستوى قيادي، هذا الأمر تسبب في حالة من الاستياء في دوائر عسكرية، بعد استجواب أعضاء في المجلس الأعلى للقوات المسلحة في إطار التحقيقات الجارية.

ونهاية أغسطس الماضي، أعلن أحمد زكي عابدين بشكل مفاجئ استقالته من رئاسة مجلس إدارة شركة العاصمة الإدارية، التي تعد المسؤول التنفيذي عن كل ما يخص المدينة الجديدة، بعد 5 سنوات قضاها في منصبه، مبررا ذلك بظروف صحية ورغبة في الحصول على بعض الراحة.

وتبع ذلك بعد يومين تقديم اللواء محمد عبد اللطيف مدير عام الشركة استقالته من منصبه، من دون الحديث عن أي أسباب أو تفاصيل متعلقة بالقرار.

كما  جرى الاستماع أخيرا في أكثر من جلسة، لرئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة السابق إيهاب الفار، بحكم منصبه السابق، من دون أن يتم توجيه اتهامات إليه، واقتصر الأمر بالنسبة له على ملاحظات مرتبطة بالإهمال والتقصير في مراقبة الإنفاق المالي للمشروعات التي تنفذها الهيئة، كما شملت جلسات الاستماع في هذا الإطار شخصية عسكرية بارزة تولت منصب الإشراف على عمل هيئة اقتصادية تتولى تنفيذ مشروعات بالعاصمة الإدارية الجديدة.

وتشير المعلومات إلى أن الإطاحة باللواء إيهاب الفار من منصبه أخيرا، لم تكن ضمن الحركة الدورية الخاصة بالقوات المسلحة، ولكنها كانت مرتبطة بشكل مباشر ببدء التحقيقات الخاصة بالمخالفات.

في غضون ذلك، تراجعت حركة البيع بشكل كبير في مشروعات العاصمة الإدارية، بسبب حالة القلق التي سيطرت على المواطنين الذين كانوا يستهدفون الشراء، نتيجة بعض التصريحات الصادرة عن مسؤولين بالحكومة، مثل تصريحات سابقة لوزير النقل كامل الوزير أكد فيها أن المشروعات القومية الجديدة التي بها مكون دولاري كبير ولم يتم البدء فيها، تتم دراستها جيدا قبل تنفيذها والوقوف على الجدوى الاقتصادية لها في هذه المرحلة، وهو ما أثار القلق لدى أصحاب رأس المال.

 

سرية وتكتم إعلامي

والغريب أنه وأمام أحاديث ووقائع الفساد المالي الكبير بالعاصمة الإدارية ومشاريعها الفنكوشية، فرضت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، المملوكة للمخابرات العامة، حالة من السرية والتكتم الإجباري، حيث أصدرت تعليمات للمسؤولين بالمؤسسات الإعلامية التابعة لها، بعدم تناول أي تغطيات أو متابعات لخطة الحكومة والمواعيد المعلنة سابقا لانتقال الوزارات بشكل كامل إلى العاصمة الإدارية الجديدة.

فيما لجأت كثير من الوزارات التي كان مقررا انتقالها للعاصمة، إلى وقف تحركاتها والاكتفاء بنقل عدد قليل لا يزيد عن أصابع اليد، كإجراء شكلي، لعدم اكتمال الأبنية والتجهيزات اللوجستية لانتقال الموظفين، إثر الفساد المالي.

وكان أستاذ الاقتصاد وعضو مجلس أمناء الحوار الوطني، جودة عبد الخالق، والوزير السابق، قد أكد في حوار أخير مع "عربي بوست" إلى ضرورة وقف مشاريع العاصمة الإدارية ، حماية لأموال مصر من الإنفاق السفهي  والبذخ والمشاريع الترفيهية، في وقت يتجرع فيه المصريون الجوع والفقر.

مشددا على ضررة أن تتوقف الحكومة عن القيام بدور المطور العقاري من خلال ما يسمى بالمشروعات العملاقة، ومنها مشروع بناء العاصمة الإدارية الجديدة التي تستنزف أموالا هائلة، دون أي مردود اقتصادي يذكر، وترشيد الاستهلاك، وتخفيض الإنفاق الحكومي، والالتفات إلى تطوير مجالي الزراعة والصناعة، وتشغيل المصانع المغلقة.

وهكذا فإن الخلافات التي تبدو على سطح العلاقة بين السيسي وعساكره، ليست حول قضايا وطنية أو مصالح عسكرية في صالح المصريين، وإنما حول مصالح مالية وفساد، سواء أكان فساد كبار قيادات العسكر والإدارة الهندسية  في مشاريع الأمر المباشر في العاصمة الإدارية والطرق والكباري، أو رفض الجيش طرح شركات وطنية وصافي في البورصة وتقليص التغول العسكري بالاقتصاد المصري ، كما طالب صندوق النقد الدولي، أو حول رفع عمولة الجيش من مشاريع حياة كريمة إلى 40% وهكذا تحولت مصر لغنيمة لثلة فسدة من العسكريين مقابل صمتهم على وجود السيسي بالكرسي، وكله بالطبع على حساب الشعب المصري الفقير.