أحدث بيزنس للجيش والمخابرات.. كيف تم الاستيلاء على مشروع كرة المونديال؟

- ‎فيتقارير

قبل أن تبدأ مباريات كأس العالم في قطر، وغياب مصر عنها، جرى الترويج بصورة مشبوهة لمعلومة كاذبة تزعم أن مصر حاضرة في البطولة عن طريق الكرة التي ستلعب بها الفرق وأن اسمها “الرحلة” وجرى تصنيعها في مصنع “أديداس” بمصر.

كان ملفتا أن من روج لهذه المعلومة الكاذبة ‏سيف الوزيري رئيس مجلس إدارة شركة “استادات” التابعة للمخابرات المصرية وتهيمن على 16 استادا للكرة في مصر على صفحته الرسمية زاعما أن كرة كاس العالم في قطر صُنّعت في مصر.

https://www.facebook.com/SeifElWazery/posts/10160765244994343

ولأن ‏كرة كأس العالم الرسمية صنعت في باكستان، لا مصر، وتسميتها (الرحلة) مأخوذة من الثقافة القطرية، كما قال اتحاد الكرة العالمي (فيفا) تساءل كثيرون عن سبب الترويج لهذه الأكذوبة.

يبدو أن الهدف من ترويج الكذبة كان دعائيا هدفه الترويج للمصنع المصري الذي سرقت شركة المخابرات فكرته من رجل أعمال مصري طرحها قبل 3 سنوات على الشركة الأم “أديداس” ووزارة الرياضة المصرية لكن تم رفضها، وفق مراقبين.

يعزز ذلك قيام الصحف المصرية المملوكة للمخابرات أيضا بترويج نفس الأكذوبة والحديث بفخر عن أن كرة كأس العالم في قطر “صنعت في مصر” وكتبت عليها أيضا “تحيا مصر” الذي بات شعارا مرتبطا بالسيسي ومخابراته.

سيف الوزيري هو رئيس مجلس إدارة شركة بريزنتيشن المصرية، وهي شركة تابعة للمخابرات المصرية أيضا سعت للسيطرة على كل ما يتعلق بالإعلام والرياضة في مصر، ويتردد أن من يتولى الإشراف على هذه المشاريع هو نجل السيسي.

حين هاجم رئيس نادي الزمالك مرتضى منصور، الضابط المصري الأمريكي، المحتجز حاليا في الإمارات شريف عثمان لدعوته للثورة ضد السيسي، وحذرت صحيفة وول ستريت جورنال ووكالة رويترز من احتمال ترحيله لمصر، رد عليه عثمان بهذه المعلومة.

قال موجها كلامه لمرتضى “اسأل سيف الوزيري عني بتاع شركات محمود السيسي” في إشارة لأن سيف الوزيري هو واجهة شركات محمود السيسي نجل السيسي الذي سلمه جهاز المخابرات وإدارة شئون العائلة المالية القائمة على الفساد ونهب رجال الأعمال.

https://twitter.com/SdotOYaHo/status/1586971843986063360

لذا لم تكن مفاجأة أن يتم الإعلان عن أن المشاركين في مشروع شركة “فورد مصر” لتصنيع كور المونديال هم شركة سيف الوزيري الاستخبارية، وجهاز مشروعات الجيش (الخدمة الوطنية) بترخيص من شركة أديداس العالمية، برأس مال 10 ملايين دولار وتكاليف استثمارية من الجهاز المذكور تقدر بـ 22مليون دولار.

كشف هذا الطمع في بيزنس كرة القدم رجل الأعمال المصري عمرو مصطفى كامل، في منشور على فيسبوك في 21 نوفمبر / تشرين الثاني 2022، مؤكدا أنه حاول قبل عامين الحصول على ترخيص لمصنع لإنتاج الكرة بعد اتفاق مع المجموعة الباكستانية فورورد للمعدات الرياضية، لكن وزارة الشباب والرياضة يطالبون بحصة 70 بالمائة في المصنع.

وبحسب كامل، توقفت المحادثات لمنحه الترخيص اللازم لفتح المصنع وتحدث عن البيروقراطية كسبب وحرص على وضع نقاط في تغريدته ، ما يشير لجهات أخرى يخشى ذكرها أضاعت عليه جهدا كبيرا وأموالا مهدرة في هذه العملية.

https://www.facebook.com/amr.m.kamel.58/posts/10160609955931369

ولأن كامل فضحهم وكشف دور وزارة الشباب والرياضة في عرقلة مشروعه لصالح المخابرات التي هي واجهة لأسرة السيسي وبيزنس العائلة عبر محمود السيسي وعباس كامل، نشرت الوزارة منشورا على فيسبوك بتاريخ 22 نوفمبر لمحاولة تبرئة نفسها بزعم “لا نهدف إلى الاستحواذ على استثمارات رياضية، لكننا مهتمون بتوفير البيئة المناسبة لتشجيع الاستثمارات الرياضية وجذب الاستثمارات الأجنبية وتعظيمها”.

وقال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي إن “حكومته مستعدة لتقديم الدعم والمساعدة للشركة المصرية (شركة المخابرات) المشاركة في تصنيع كرة القدم الرسمية لكأس العالم لكرة القدم في قطر، خلال اجتماع مع ممثلي شركة Forward Egypt لتصنيع المعدات الرياضية 22 نوفمبر 2022”.

وقال سيف الوزيري، رئيس مجلس إدارة شركة الإعلانات الرياضية المملوكة للدولة، في منشور على فيسبوك في 20 نوفمبر إنه “سيتم إنشاء خط إنتاج في مصنع Forward Egypt لتصنيع كرات كرة القدم ليتم تصديرها دوليا مع نقش صنع في مصر وألوان العلم المصري”.

قال أحمد النبوي، نائب رئيس Forward Egypt لموقع المونيتور “يقع المصنع في مدينة الربيكي شرق القاهرة، وتبلغ مساحته حوالي 12 ألف متر مربع أي 3 أفدنة”.

 

باكستانية أم مصرية؟

تاريخيا، تنتج باكستان حوالي 70 بالمائة من كرات كرة القدم في العالم، بما في ذلك كرات كأس العالم المستخدمة في قطر، لكن

لكن في سبيل الترويج لمصنع المخابرات تم توزيع أخبار كاذبة علي كل الصحف المصرية والخليجية أن الكرة الرسمية لكأس العالم 2022 من تصميم شركة Adidas وصُنعت بواسطة Forward Egypt مع أن الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا أعلن في وقت سابق أن ” الرحلة ” سيكون اسم الكرة، وهو سم مستوحى من التراث القطري.

وقد أوضح جاسر السيد، رئيس مجلس إدارة الشركة أنه يعمل باتفاق شراكة مع جهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابعة للجيش، حيث قامت الشركة بجلب التكنولوجيا والماكينات من باكستان، بالتنسيق مع أديداس، ونقل الخبرة منها، باعتبارها دولة رائدة في مجال تصنيع كرات القدم، وتم اختيار توقيت افتتاح المونديال لبدء الإنتاج الفعلي.

و”الرحلة” هي الكرة الأولى في تاريخ بطولة كرة القدم التي تصنع بالأحبار والمواد اللاصقة ذات الأساس المائي، وفي الداخل، يحتوي على مستشعر حركة يرسل البيانات من خلال تقنية شبه آلية لاكتشاف حالات التسلل، تساعد البيانات المسجلة عبر الكرة أيضا في تحديد نقطة الركلة الدقيقة، والتي سيتم نقلها أيضا إلى غرفة التحكم.

وقد اعترف أحمد النبوي، نائب رئيس Forward Egypt أن الشركة تعتمد على خبراء باكستانيين وممثلين عن شركة أديداس العالمية، وأوضح أن المصنع المصري يستورد التكنولوجيا والآلات من باكستان بالتنسيق مع شركة أديداس، مضيفا أن مصر تستهدف إنتاج نحو 3.5 مليون كرة قدم سنويا.

وقال هشام السيد العضو المنتدب لشركة Forward Egypt إن “الشركة المصرية ستسلم المنتج لشركة Adidas التي تقوم بالتوزيع، وأوضح أن المصنع سيواصل عمله حتى بعد انتهاء البطولة ، حيث إن الاتفاق مع شركة أديداس كان قائما على تسويق الإنتاج المصري في الأسواق الأفريقية والأوروبية”.

 

الاستحواذ على ملاعب مصر

وسبق أن استحوذت شركة “استادات” المغمورة على الملاعب الكبرى في مصر وإدارتها دون سابق مقدمات، وهي إحدى شركات “إعلام المصريين” المستحوذة على حقوق الرعاية والإعلان في الدوري المصري للممتاز لكرة القدم، والمرتبطة بالمخابرات.

وحصلت شركة “استادات” على حق إدارة وتسويق واستثمار مجموعة من استادات وزارة الشباب والرياضة في مختلف محافظات الجمهورية، بدعوي تطويرها والاستثمار طويل الأجل.

وتتبع هذه الشركة التي ظهرت فجأة رجل الأعمال محمد كامل المقرب من هاني أبو ريدة رئيس الاتحاد السابق.

ويتولى إدارة شركة “استادات” رجل الأعمال محمد كامل الرئيس السابق لشركة بريزنينتشن الإعلانية التي نالت حقوق رعاية كبريات الأندية المصرية، بالإضافة إلى اتحاد الكرة، حيث تمت إقالته من الشركة نفسها، قبل 3 أشهر.

واستحوذت شركات إعلامية تابعة للجيش والمخابرات في مصر على شركات البث الرياضي والإنتاج الفني وإدارات القنوات التلفزيونية، وذلك ضمن مخططات النظام للسيطرة على المنافذ الإعلامية.

وقال محمد كامل رئيس شركتي برزنتيشن واستادات في المؤتمر الصحفي لتوقيع العقود “اليوم بات لدينا ١٦ استادا تملكهم شركة استادات حتى هذه اللحظة، وأتوجه بالشكر إلى اللواء محمد العصار وزير الإنتاج الحربي لأنه أول من آمن بنا وبفكرة مشروعنا”.