كتب- هيثم العابد:
لا جديد تحت شمس الانقلاب، فالدولة المدنية التي أقسم عبدالفتاح السيسي حانثا أنه "لا والله ما حكم عسكر"، سقطت في وحل الجنرال حتى النخاع وعسكر مفاصلها حتى النخاع، فتمخضت حركة المحافظين الجزئية عن 10 لواءات من أجل 11 محافظا، ضمن حزمة قرارات شملت تعيين نواب من القوت المسلحة في الحقائب الوزارية.
قائد الانقلاب يمتلك عقلية غير قادرة على الابتكار أو التماهي مع منحني التاريخ الذي لفظ الحكومات الفاشية أو الزعامات الخالدة، فقرر أن يستنسخ دولة الخمسينيات بذات الوجه القبيح دون رتوش أو تعديلات، ومنح بسخاء كافة المناصب القيادية في الدولة إلى أهله وعشيرته وقام بحشو كل الحقائب التي يتولاها مدني ببطانية عسكرية هي صاحبة القرار في تسيير عمل الهيئة أو المؤسسة.
وعلى ضوء القرارات الأخيرة، لم تمتلك الأذرع الإعلامية النص الذي يمكن أن تدافع من خلاله عن تلك القرارات الفاشية، ولم يكلف القابع على رأس الشئون المعنوية نفسه عناء توزيع الـ"إسكريبت" على فضائيات الانقلاب بعدما تيقن أن ترسيخ أركان الحكم العسكري وصل لحافة عدم المحاسبة أو المراقبة أو الانتقاد.
الإعلامي المقرب من الأجهزة الأمنية إبراهيم عيسى- عبر برنامجه على فضائية "القاهرة والناس"- سخر من حركة المحافظين الجديدة، مشددا على أن حدوتة تمخض الجبل التي تتكرر مع كل حركة محافظين حيث يتم التبشير بتعديلات واسعة ثم تتقلص ويتم الترويج لرؤية جديدة فتنتهي إلى منهج معتق في القِدم.
وتهكم عيسي على الحركة الجديدة التي اعتمادها السيسي مؤخرًا، مشيرًا إلى أنها "منزوع عنها النفتالين قبل قليل، بعدما استدعاها العسكر من خزين البضاعة القديمة للحكومة، وتم تقديمها حتى دون حتى محاولة إضفاء أية رتوش جديدة عليها أو منحها صبغة خادعة".
وأضاف: لا بد على الشعب أن يجيب على سؤال حيوي، هل الهدف بعد "الثورة" هو تغيير أشخاص أم تغيير منهج؟، موضحًا على أنه لا خلاف على أن هناك شخصًا قادرٌ بالفعل على إحداث طفرات، ولكن بوجه عام لا يمكن استيعاب تغيير أخطاء الماضي والاستعانة بذات الوجه ثم نعود لنتحدث عن فساد المحليات وخراب البنية التحتية.
وشدد الإعلامي المثير للجدل أن المحافظات والمحليات هما آفة الفساد في مصر، بعدما عششت في مفاصلها الخراب والقمامة، وعلى الرغم من ذلك لم يكلف النظام نفسه عناء تغيير ذات الوجوه واعتاد إنتاج نفس المنهج الذي تسيطر عليه قلة الحيلة والبلادة، وسط تجاهل شكاوي المواطنين من نفس الأزمات على مدار سنوات طويلة.
وأوضح أن قائد الانقلاب اعترف على رؤوس الأشهاد بأن مصر باتت "على الحديدة" ومع ذلك لم يقرر تغيير الواقع الذي آل بالدولة للوصول إلى تلك الحالة من الانهيار، واستعان بذات الطريقة في اختيار قيادات المرحلة.
واعتبر عيسي أن هذا الواقع المأساوي هو النتاج الطبيعي لاختيار أحمد زكي بدر وزيرا للتنمية المحلية، حيث أسند 10 محافظات لجنرالات العسكر من أصل 11 شملتهم حركة التعديلات، وهو ما يعكس الأداء العتيق لحكومة "أبو قديمة"، متسائلا ما هي المؤهلات التي على أساسها تم اختيار المحافظين وما هي الأسس والخبرات السابقة التي تم الاستناد إليها لتوليتهم مهمة العمل الجماهيري، باستثناء السمع والطاعة والانصياع التام لأوامر القيادات دون مناقشة أو مراجعة.
وأكد أن زكي بدر زاد الطين بلة بعدما برر تلك الحركة بأن المدنيين رفضوا، بينما الواقع أن الأجهزة الأمنية لا يمكن أو توافق على شخص صاحب عقل خلاق أو مبتكر، وإنما توافق فقط على أهل الثقة والجنرالات وعناصر الأمن من أهل السمع والطاعة والسيطرة الأمنية، مشيرا إلى أنه بالمقابل هل يجد أحد المسئولين الإجابة على سؤال لماذا تلك الـ11 محافظة التي شملها التغيير من أصل 27، وهل الـ16 المتبقية هي أقل فسادًا، ولماذا تمت الإطاحة بلواءات والاستعانة بلواءات، مشددًا على أنه لا ينتظر إجابة لأنها قرارات دون معايير.
وكانت حركة المحافظين الجديدة، قد طفح عليها لواءات الجيش والشرطة، حيث ضمت 10 لواءات من بين 11 محافظًا جديدًا، وهم: محمد عبد القادر عبد الظاهر، رئيس هيئة ميناء البحر الأحمر، محافظا للإسكندرية، واللواء أحمد حلمي الهيامتي، مستشار الطرق بالقوات المسلحة، محافظا للسويس، واللواء عادل محمد إبراهيم الغضبان، قائد تأمين قوات المجرى الملاحي، محافظا لبورسعيد، واللواء مجدي فؤاد حجازي، مساعد وزير الدفاع، محافظا لأسوان، واللواء خالد محمد سعيد، القائد السابق لمدفعية الجيش الثالث، لمحافظة الشرقية.
كما شملت عددًا من لواءات الشرطة، أبرزهم كمال الدالي، مدير مصلحة الأمن العام السابق، محافظا للجيزة، وأحمد ضيف صقر، رئيس مباحث أمن الدولة السابق بمحافظات أسوان والمنيا والسويس، محافظا للغربية، والسيد إبراهيم عبد النبي نصر، أحد قيادات جهاز الأمن الوطني، محافظا لكفر الشيخ، ورضا محمد محيي الدين فرحات، محافظا للقليوبية.
ولم يكتف قائد الانقلاب بعسكرة مناصب"المحافظين"، وإنما قام أيضًا بتعيين 5 نواب جدد لوزراء التعليم العالي، والتربية والتعليم، والصحة، والإسكان، والاتصالات، أبرزهم اللواء محمد نبيل المعداوي، نائبًا لوزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وهو المدير السابق لسلاح الإشارة، وممثل وزارة الدفاع بمجلس إدارة الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات.