كتب – هيثم العابد:
جولة جديدة من الفشل الكبير تمخضت عنه جلسة المفاوضات الثلاثية الـ11 بين القاهرة والخرطوم وأديس أبابا حول سد النهضة الجاثم على منابع النيل، بعدما أظهرت دبلوماسية السيسي بلادة غير مسبوقة في إدارة الملف الذي يهدد الأمن القومي وقبلت بالجلوس إلى طاولة مباحثات بينما البناء يشتد وينمو في إثيوبيا، وتفرغ وزير خارجية الانقلاب لمعركته الفاصلة مع "ميكرفون" فضائية "الجزيرة" التابعة لدولة قطر "الشقيقة".
فشل بعضه فوق بعض هي الحصيلة النهائية لدولة سلم قائد الانقلاب لخصمه صك البراءة في معركة البقاء ومنحه بسخاء توقيع الاعتراف ببناء السد في اتفاقية الخراب، لم يكن أمام وفد المفاوضات سوي انتظار الفتات الإثيوبي واستجداء وقف بناء "النهضة" حتى الوصول إلى صيغة تفاهم تحفظ ماء وجه العسكر أمام الشعب المنكوب.
وعلى الرغم من فشل رفقاء سامح شكري في تجاوز المربع صفر، إلا أن رأس الدبلوماسية المصرية لم يلتفت إلى حملات السخرية التي صاحبت الجولة الماضية على وقع الانتصار البطولي في معركة الميكرفون، بل وربما تجاهل تصريحاته حول قطر الشقيقة والمصالح العربية المشتركة والأهداف العليا لدول الجوار، وبحث بعين خبيرة في غزوات "المايك" عن بوق قناة الجزيرة ليطيح به مرة أخرى لتصبح النتيجة "2-0".
الإعلامي المثير للجدل إبراهيم عيس- عبر برنامجه على "القاهرة والناس"- سخر من الحديث عن براعة المفاوضين المصريين على طاولة السد الإثيوبي، متسائلاً: لو كانوا فاشلين ما هي المحصلة التي كان يمكن أن تأول إليها سير المباحثات.
وشدد عيسى على أن المفاوض الإثيوبي والسوداني أكثر براعة وكفاءة في الخروج بأكبر المكاسب من المباحثات والاستثمار في عامل الوقت لكسب موقعة الأمر الواقع، مطالبا بالكشف عن أحد التنازلات التي قدمها الجانب الإثيوبي في ساحة التفاوض أو حتى محاولة إبداء مظاهر التواضع أمام الاستجداء المصري المبتذل.
وأوضح الإعلامي المقرب من الأذرع الإعلامية أن اللافت في جولة المفاوضات والتي باتت ربما روتينًا مصاحب لتلك المباحثات الثلاثية، هو ظاهرة "سامح شكري والميكرفون"، مشيرًا إلى أن الوزير حول الأمر إلى بطولة ورمز في ظل حرصه ومعاونيه على إبعاد "مايك الجزيرة" في مشهد مثير للشفقة.
وأكد عيسى أن ممارسات الوزير تثقل الدبلوماسية المصرية بشكليات تصل إلى درجة من درجات أوهام البطولة وأوهام المواقف، مشيرًا إلى أن شكري أقدم على تلك الفعلة من قبل ولاقت ردود أفعال صاخبة سواء تلك المؤيدة أو المعارضة بينما اتخذت "الجزيرة" موقف المتفرج لتراقب كيف يمكن لـ"ميكرفون" أن يهز تلك الدولة الكبيرة.
واختتم مذيع "القاهرة والناس" حديثه بالتأكيد على أن أفعال الوزير الانقلاب تأخذ مصر إلى "تحت" بعدما حول معركته وبطولاته إلى الإطاحة بميكرفون قناة فضائية، متسائلا كيف سيكون تعامل شكري مع القناة القطرية في المحافل الأممية وهل سيتعامل بذات المنطق الفج مع القنوات العبرية لتصبح بطولة جديدة أم يتركه ليبارك المنافقون الدبلوماسية الراقية.