مع قدوم فصل الشتاء تحتاج الكثير من الأسر إلى شراء بعض الأدوية والمضادات الحيوية التي ترتفع مبيعاتها بشكل ملحوظ، خاصة أدوية الزكام والبرد والربو، بالإضافة لبعض مستحضرات فيتامين C للوقاية من الإصابة بنزلات البرد، لكن فوجئ المصريون بسبب سياسات نظام الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي وخضوعه لإملاءات صندوق النقد والبنك الدولي بارتفاع أسعار هذه الأدوية هذا العام بنسبة تتجاوز الـ 30% ما تسبب في أزمة كبيرة للعديد من الأسر ، خاصة تلك التي لا تسمح لها إمكاناتها المادية بشراء الدواء .
كانت شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية، قد كشفت عن زيادة جديدة في 100 صنف من الأدوية داخل مصر، بناء على أسعار حددتها هيئة الدواء المصرية .
هيئة الدواء
وأكدت الغرفة في بيان لها أن هذه الأدوية تشمل المضادات الحيوية وأدوية البرد ومستحضرات التجميل والعديد من الأدوية الأخرى، وذلك بعد دراسات واسعة ومخاطبة الشركات العالمية للتأكد من ارتفاع أسعار خامات الأدوية، والتأكد من ارتفاع تكلفة الشحن على الشركات بحسب مزاعم هيئة الدواء المصرية.
يشار إلى أنه في شهر أكتوبر الماضي اعتمدت هيئة الدواء المصرية، زيادات جديدة على أسعار عدد من الأصناف الدوائية، بنسب وصلت إلى 25%، بعدما تقدمت الشركات بطلبات رسمية لمراجعة أسعار هذه الأدوية في خضم الأزمة الاقتصادية الراهنة، والسعى لضمان توفيرها بالسوق المصري كما شهدت أسعار الأدوية ارتفاعا جديدا مطلع شهر يناير الحالي عقب تراجع الجنيه أمام الدولا لتصل قيمة الدولار إلى أكثر من 27 جنيها في البنوك و33 جنيها في السوق السوداء .
الجهاز المناعي
من جانبه شدد الدكتور أمجد الحداد استشاري الحساسية والمناعة بهيئة المصل واللقاح، على ضرورة الحفاظ على جهاز مناعي متوازن ليس بالإكثار من تناول المضادات الحيوية ولكن بالاعتماد على منظومة غذائية صحية ومتكاملة ، موضحا أن مصطلح "إزاي أزود مناعتي" يقصد به الأطفال وليس كبار السن والبالغين، لأن الشخص البالغ وصل لمرحلة مناعية تكون فيها كل أجهزته اكتملت، بما فيها الجهاز المناعي الذي هو عبارة عن منظومة من عدة أجهزة .
وقال الحداد في تصريحات صحفية "تقوية المناعة للكبار مصطلح غير طبي، ولكن يمكن الحفاظ على الجهاز المناعي بأدوية تحت إشراف طبي، لافتا إلى عدم وجود أي داع لتناول المضادات الحيوية للوقاية من الأمراض أو من الانفلونزا ونزلات البرد".
وحذر من أن فرط استخدام المضادات الحيوية يؤدي إلى قتل البكتيريا النافعة في الجهاز الهضمي، لافتا إلى أن نمو البكتيريا الضارة هو ما يؤثر على مناعتنا.
أسعار مرتفعة
وقال الدكتور كريم كرم عضو المركز المصرى للحق في الدواء، إن "هناك ارتفاعا في أسعار الأدوية يتراوح بين 30% إلى 40 %، لافتا إلى أن السوق المصري به 86% من الإنتاج المحلي والباقي مستورد، ولكن معظم الخامات مستوردة" .
وأكد "كرم" في تصريحات صحفية أن بعض المواطنين يقبلون على تناول الفيتامينات لتقوية جهاز المناعة في بداية فصل الشتاء، والتي يزيد استهلاكها بنسبة 60% في هذه الفترة عن باقي أشهر السنة، وذلك بسبب انتشار الأمراض والفيروسات، إلى جانب بعض المستلزمات مثل لصقات الظهر أو الكريمات.
وأشار إلى أنه في فصل الشتاء تبدأ الإصابات المتتالية بنزلات البرد، ويلجأ الكثيرون إلى تناول الأدوية دون استشارة الطبيب، وهذا خطأ مؤكدا أن تناول العصائر والفواكه التي تحتوى على فيتامين C أفضل لزيادة مقاومة الجسم للفيروسات.
وأوضح "كرم" أن هناك أدوية شهيرة تستخدم عادة عند الإصابة بدور برد خفيف ويقوم الأفراد بشرائها بمعدل علبتين أو ثلاث على الأكثر في بداية فصل الشتاء ليكونوا على استعداد لتناولها فور ظهور الأعراض، لافتا إلى أن هناك أدوية أخرى مثل المضادات الحيوية الشديدة التي تستخدم لعلاج حساسية الجيوب الأنفية الشديدة والنزلات الشعبية، وهذه الأدوية يجب ألا تصرف إلا بروشتة من الطبيب وتحت إشرافه لخطورتها ".
وأضاف ، أما بالنسبة لأدوية الحساسية المستمرة التي تظهر لبعض الأفراد مع كل شتاء والتي يستخدم لها بخاخات الأنف أو الفم فهي تشترى مع بداية فصل الشتاء بصفة مستمرة ، لأن صاحبها معتاد عليها، لافتا إلى أن المشكلة الحقيقية في زيادة الأسعار هو أن معظم الصيدليات لديها مخزون من الأدوية ورغم ذلك تبيعها بالسعر الجديد الغير مدون على العلبة.
وكشف "كرم" أن ارتفاع أسعار الأدوية يؤدي إلى زيادة الإقبال على شراء الأدوية من أماكن غير مخصصة لذلك كسوق الجمعة، وغالبا ما تكون هذه الأدوية مغشوشة أو معاد تصنيعها في مصانع بئر السلم وهو ما يمثل خطرا كبيرا على صحة المواطنين.
الحرب الروسية
وقال الدكتور علي عوف رئيس شعبة الأدوية بغرفة القاهرة الدوائية، إن "أزمة الحرب الروسية لم تؤثر بشكل كبير على أسعار الدواء في مصر لعدم اعتماد شركات الدواء المصرية على استيراد مدخلات تصنيع من مواد خام أو تعبئة سواء من روسيا أو أوكرانيا، مؤكدا أن أزمة نقص الدولار وتراجع قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية هي التي تسببت في رفع أسعار الأدوية ".
وكشاف عوف في تصريحات صحفية، أن 20 صنفا دوائيا على الأقل شهدت ارتفاعات في أسعارها نتيجة ارتفاع تكلفة التصنيع ومدخلاته عن سعر البيع قبل الزيادة، وبالتالي تعرضت الشركات المنتجة لحجم كبير من الخسائر، إلى جانب ارتفاع أسعار بعض أنواع المكملات الغذائية غير الخاضعة للتسعيرة الجبرية مقارنة بنحو 7 آلاف نوع دواء زادت أسعارها بنسبة 20% خلال عام 2016، وبعد التعويم وفي أول عام 2017، زاد سعر نحو 3 آلاف صنف دواء بنسبة 50% ثم تلا ذلك زيادات خلال العامين الأخيرين .
وأشار إلى أن الزيادات في أسعار الأدوية تخضع لعدة معايير بناء على طلبات ترفعها الشركات الخاسرة أمام لجنة التسعير التابعة لهيئة الدواء المصرية والتي تقرر في ضوء البيانات المتوفرة ، إما الموافقة على زيادة الأسعار أو رفض الطلب بما لا يوازن بين مراعاة مصلحة الشركات وعدم فرض أعباء على المواطنين.
وأوضح عوف أن المواطنين يقبلون على شراء الأدوية المستوردة ذات السعر المرتفع، مؤكدا أن 60 %من الأدوية المبيعة في مصر مستوردة من الخارج نظرا لاعتقاد البعض أن المادة الفعالة أقوى في المستورد عن بديله المصري وهو أمر غير صحيح .