مع دخول عام جديد، تستمر المعاناة التي يعيشها آلاف العمال في مصر بعد إغلاق نحو 8 آلاف مصنع خلال السنوات العشر الأخيرة، فضلا عن معاناة مستمرة للمصريين العالقين بدول الخليج لاسيما في الكويت والسعودية.
ونظم عمال مستشفى بلطيم العام بمحافظة كفرالشيخ إضرابا عن العمل؛ احتجاجا على القرار الصادر بفصل ٥٠ عامل أمن لتقليل العمالة بالمستشفى وتعيين شركة أمن خاصة تابعة لجهة سيادية.
وقال مراقبون إن "ذلك يعد انتهاكا صارخا لحقوق العمال وفصلا تعسفيا لهم، وجاري رصد وتوثيق تبعات الاعتصام وتعامل مجلس الإدارة مع العاملين المعتصمين".
وأوضح العمال أن إضرابهم كأفراد أمن عاملين بمستشفى بلطيم يأتي أولا اعتراضا على الراتب الشهري الذي تمنحه الشركة ابتداء من الشهر الحالي وهو 1200 جنيه بدلا من 2000 جنيه، والاستغناء عن 50 عاملا من العمال الحاليين.
وفي مايو 2019، أحال محافظ كفر الشيخ 51 موظفا بمستشفى بلطيم المركزي للتحقيق، منهم 46 موظفا لتركهم العمل دون سند قانوني، و5 موظفين لتغيبهم عن العمل، مكلفا وكيل وزارة الصحة بالتحقيق في مخالفات مستشفى بلطيم المركزي لتحقيق الانضباط الإداري وتقييم أداء العاملين، وذلك بناء على تقرير إدارة التفتيش بمديرية التنظيم والإدارة.
وتبين من التحقيق أن الاتهامات كيدية حيث تصاريح الخروج معتمدة التوقيع، مع عدم وجود سجل للتصاريح بقسم شئون العاملين لكي يثبت فيه التصاريح، كما تبين عدم وجود سجل للتأخيرات حيث ما زالت المستشفى تستخدم السجلات الورقية.
عمال "يونيفرسال"
ولفتت "الشبكة المصرية لحقوق الإنسان" في تقرير لها أن 3000 عامل بشركة "يونيفرسال للصناعات الهندسية" يعانون أوضاعا كارثية، حيث رصدت استمرار معاناة العاملين بالشركة بسبب عدم حصولهم على مرتباتهم منذ سبتمبر الماضي، إضافة إلى مستحقاتهم المالية والحوافز المتأخرة، في ظل الأزمات المالية والاقتصادية المتتالية، وخصوصا أزمة ارتفاع الأسعار التي يعيشها الشعب المصري حاليا.
ولفتت إلى أن الإخفاقات المتكررة من الشركة في منح العمال مستحقاتهم المالية، ضاعفت من حجم المعاناة وأدخلتهم جميعا في ضائقة مالية، أثرت سلبا على أوضاعهم المعيشية لدرجة تهديد العاملين بالشركة ، حيث هدد أحد العاملين في مصنع المغذية، في أغسطس الماضي بقتل زوجته وأبنائه الأربعة، بسبب تراكم الديون ومعاناته المالية المستمرة .
وكانت إدارة الشركة فصلت 70 عاملا تعسفيا بسبب رفضهم للإجراءات التعسفية وحرمانهم المتكرر من مستحقاتهم المالية.
يذكر أن الدائرة العمالية الثانية (عمال) كلي جنوب قضت في نهاية ديسمبر الماضي برفض دعاوى شركة يونيفرسال والحكم بعودة 15 من العاملين بالشركة للعمل مع صرف مستحقاتهم المتأخرة، وهو القرار الذي لم يتم تنفيذه حتى الآن، رغم مرور أكثر من أسبوعين على صدور الحكم.
تظاهر واعتصام وإضراب
وتعرض العمال خلال 2022، لعديد من المشكلات واجهوها بالإضراب والاعتصام والتظاهر، ومنها تحركات عمال الشركة المصرية لتصنيع المواد الغذائية (آيس مان) والبالغ عددهم 520 عاملا، قدموا شكاوى إلى مكتب عمل ثاني مدينة أكتوبر، ضد إدارة الشركة لتأخرها في صرف رواتبهم.
ودأبت الشركات ومنها "آيس مان" على تأخير صرف الأجور، وهو ما دفع العمال للتقدم بعدد من الشكاوى.
كما فصلت إدارة شركة النيل للمواد العازلة (بتونيل) ممثلي العاملين بالشركة وإيقاف العمل بجميع أقسام الشركة، في محاولة منها لإرهاب عمال الشركة وإثنائهم عن المطالبة بحقوقهم الاقتصادية والسعي لإنشاء منظمتهم النقابية المستقلة.
وحرر ممثلو العمال المفصولين محضر إثبات الحالة رقم 2286 لسنة 2022، بينما تابعت الإدارة تصعيدها، فأصدر مدير عام الشئون الإدارية بالشركة قرارا بإيقاف 14 عاملا عن العمل.
وفي أبريل الماضي، انتحر أحد عمال في شركة "يونيفرسال للأجهزة الكهربائية" تاركا رسالة أنه لم يعد قادرا على تلبية احتياجات أسرته ولهذا أقدم على الانتحار.
وواجهت جحافل الأمن المركزي اعتراضات سابقة لشركة يونيفرسال وشركة لورد بالإسكندرية رغم مشروعية الإضراب كحق أصيل للعمال كفلته المواثيق والمعاهدات الدولية واعتراف قانون العمل المصري بحق العمال في الإضراب السلمي في المادة 192 منه.
وقال مراقبون إن "معاناة العمال زادت مع موجات ارتفاع الأسعار المتواصلة المتزامن مع رفع أسعار الكهرباء والوقود وبدء التخلي عن دعم المواد التموينية الضرورية والخبز، وسط تقارير دولية، لفتت إلى أن ارتفاع الأسعار قد يؤدي إلى خروج مظاهرات جديدة وعدم استقرار في عدة دول بالمنطقة ومنها مصر".
وتوقف رصد "دار الخدمات النقابية والعمالية" لأحداث العام الماضي فيما رصدت حلال 2021، 8041 انتهاكا لحقوق العمال في مصر، حيث سجل انتهاك تأخر صرف الراتب أعلى المعدلات، إذ يمثل 35.9% من إجمالي الانتهاكات بواقع 2891 انتهاكا، يليه عدم وجود دار حضانة والذي مثل 27,2% من إجمالي الانتهاكات بواقع 2190 انتهاكا.
كما شهد العام 2021/ 254 حالة فصل تعسفي، بينها 253 حالة في القطاع الخاص، ورصدت كذلك دار الخدمات النقابية والعمالية 2891 حالة تأخر في صرف الرواتب.