مع الارتفاع الجنوني في الأسعار وعدم قدرة ملايين المصريين على الحصول على احتياجاتهم اليومية الأساسية ، حذر خبراء نظام الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي من تصاعد الغضب الشعبي واندلاع ثورات تعمل على إسقاط عصابة العسكر .
وأكدوا أن أكثر من 70 مليون مصري يعيشون تحت خط الفقر وفق بيانات البنك الدولي وهؤلاء لا يحصلون على ما يكفيهم من الغذاء ولا يستطيعون الإنفاق على أسرهم ولا أبنائهم في مراحل التعليم المختلفة ، مشيرين إلى أن هناك الملايين عجزوا عن سداد مصروفات الدراسة لأبنائهم في المدارس الحكومية ، رغم أنها مبالغ لا تذكر مقارنة بمصروفات المدارس الخاصة .
وطالب الخبراء نظام الانقلاب بزيادات كبيرة في الأجور والمرتبات والمعاشات تواكب الارتفاع في الأسعار حتى يتمكن رب الأسرة من تلبية احتياجات أسرته وتوفير الحماية الاجتماعية للمهمشين والفقراء بما يكفي احتياجاتهم اليومية، مؤكدين أن تداعيات الأزمة الاقتصادية وارتفاع الأسعار يقودان مصر إلى مستنقع مظلم .
وأشاروا إلى تزايد معدلات الانتحار بسبب الفقر والحرمان ، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات الجريمة مشددين على ضرروة دعم الطبقات الفقيرة ومساندتها في التصدي لتداعيات الأزمة الاقتصادية قبل فوات الآون .
دائرة التسول
من جانبه قال الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية، إن “أكثر ما يحتاجه محدودو الدخل، والأسر الأكثر احتياجا، في الوقت الحالي، بل وفي الأوقات الاقتصادية الحرجة بشكل عام، هو الدعم الغذائي، لأنه يأتي على قمة أولويات الحياة الأساسية”.
وحذر صادق في تصريحات صحفية من خطورة التأخر في إيصال الدعم الغذائي، حيث يترتب عليه مخاطر جسيمة لكل من الأفراد والمجتمع إذ يلجأ هؤلاء إلى توفير احتياجاتهم بطرق غير مشروعة، مما يترتب عليه اتساع دائرة التسول، والخروج عن القانون، بما يعرضهم للمخالفات والمساءلة .
وأشار إلى أن الأخطر من ذلك إذا نشبت مشادات أو اشتباكات بين أفراد أو جماعات سوف تؤدي إلى زيادة معدلات الجرائم في المجتمع ، مشددا على أن هذه أمور أصبحت ملموسة وموجودة بالفعل في السنوات الأخيرة .
التكافل الاجتماعي
وطالبت الدكتورة هالة يسري، أستاذ علم الاجتماع، بمركز بحوث الصحراء، رجال الأعمال والشركات الكبرى العمل على احتواء هذه الكوارث التي تهدد المجتمع المصري وتوجيه مبادرات لمساعة الفئات الفقيرة في هذه الظروف الخطيرة التي تواجه البلاد ، مشيرة إلى أن لوبي رجال الأعمال حصل على الكثير من دولة العسكر ولا يزال يحصل على مزايا عديدة.
وقالت د.هالة في تصريحات صحفية إن “التكافل الاجتماعي يعد أحد أهم أدوات المصريين في محاربة الأوضاع الاقتصادية الحرجة التي تفرضها ظروف قهرية سواء محلية أو عالمية”.
وأشارت إلى أن بعض رجال الأعمال يقومون بدورهم الاجتماعي في احتواء هذه الفئات بالفعل إلا أن جهودهم تتم بصفة فردية غير منظمة، مما يجعل أثرها ضعيفا وتكاد تكون غير محسوسة، وهو ما يجعل المجتمع بحاجة إلى مزيد من التنسيق لتوجيه مجتمع الأعمال ورجال الصناعة والشركات الكبرى لتنظيم عملية المسئولية الاجتماعية بشكل أفضل.
وشددت د.هالة على ضرورة أن تكون هناك مؤسسية لتنظيم عطاء رجال الأعمال والصناعة لتنظيم المسئولية الاجتماعية واحتواء الفقراء في ظل فشل دولة العسكر في توفير الحماية الاجتماعية لهم وتسببها في انهيار الاقتصاد المصري .
رجال الأعمال
وأكد الدكتور طلعت عبد القوي، رئيس الاتحاد العام للجمعيات الأهلية، إن الظرف الاقتصادي الذي فرضته ظروف عالمية ومحلية منها ارتفاع سعر الدولار وقبلها اشتعال الحرب بين روسيا وأوكرانيا فضلا عن جائحة كورونا التي هزت العالم، يجعل المجتمع بحاجة عاجلة إلى تفعيل دور رجال الأعمال والمؤسسات المختلفة في المسئولية الاجتماعية، لحماية محدودي الدخل والأسر الأكثر احتياجا من بطش هذه الظروف الاقتصادية القاسية، وتخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين البسطاء
وقال عبدالقوي في تصريحات صحفية يمكن تفعيل هذا الدور بالصور التالية:
ـ توفير المستلزمات الغذائية سواء وجبات جاهزة أو جافة وتوزيعها على المواطنين الأكثر احتياجا.
ـ توفير قوافل علاجية لدعم الفقراء صحيا والتخفيف عن كاهلهم تكلفة الكشف والعلاج.
ـ توفير ملابس، خاصة ونحن في فصل الشتاء، ويمكن ذلك عن طريق إقامة معارض في القرى والمحافظات.
ـ تقديم خدمات للبنية التحتية، مثل توفير مياه للشرب، وخدمة الصرف الصحي، وتسقيف المنازل، لمن يفتقدون هذه الخدمات.
ـ استغناء الشركات الكبرى عن هامش الربح في منتجاتها وتقديمها للبسطاء من المواطنين بتكلفة إنتاجها.
ـ تحمل مصروفات التعليم لدى الأسر غير القادرة على ذلك فكثير من الأسر لم يسددوا مصروفات أبنائهم الدراسية إلى الآن بسبب الظروف الطارئة ، مما قد يترتب عليه منع الأبناء من التعليم وارتفاع نسبة الجهل.
ـ تقديم دعم مالي أو عيني بأن يكون الدعم من منتجات الشركات والمصانع فإن كان هناك مصنع للمنتجات الغذائية مثلا يمكن أن يقدم كمية من هذه المنتجات للبسطاء من المواطنين ويكون هذا هو الدعم الذي يقوم به صاحب المصنع تجاههم.
العُمال
وقال علاء السقطي رئيس اتحاد مستثمري المشروعات الصغيرة والمتوسطة، إن “المسئولية الاجتماعية لرجال الأعمال والشركات الكبرى تجاه البسطاء من المواطنين، وتحديدا محدودي الدخل، في الأوقات الاقتصادية الحرجة التي تمر بها البلاد، يتحقق بها السلام والاستقرار المجتمعي”.
وأوضح السقطي في تصريحات صحفية أن أول صور الدعم الذي يحتاجه المجتمع في أوقاته الاقتصادية الحرجة ألا يتخلى رجل أعمال أو شركة أو كيان عمل، عن العُمال في مثل هذه الظروف قائلا “محدش يمشي عمال حتى لو مفيش شغل”.
وأشار إلى الحد الأدنى للأجور قائلا، يمكن لرجال الأعمال والشركات الكبرى أن يكون دعمها للبسطاء من المواطنين برفع الحد الأدنى للأجور أو تقديم زيادة استثنائية على خلفية الظرف الذي فرض نفسه.
القلق والخوف
وقال الدكتور محمد هاني، استشاري الصحة النفسية، إن “مشاركة رجال الأعمال ونجوم المجتمع في المسئولية الاجتماعية تجاه المواطنين الأكثر احتياجا وتجاه بلدهم تنعكس بالإيجاب على نفوس المواطنين بما تحققه من تآلف بين الناس وتلاحم وارتباط عاطفي” .
وأكد هاني في تصريحات صحفية ، أن المواطنين الذين يحصلون على الدعم يشعرون بالتراحم الذي يحقق لهم الأمن النفسي ويشعرون بالاستقرار الذي يضمن لهم النجاة من مشاعر القلق والخوف والتوتر بشأن كيف يسدون جوعهم ؟
وأضاف ، أما بقية المواطنين ممن هم ليسوا بحاجة إلى الدعم لأنهم قادرون ماديًا فأنهم يتأثرون أيضا بدور المسئولية الاجتماعية التي يقدمها رجال الأعمال تجاه المواطنين البسطاء، إذ يشعرون بالأمان الاجتماعي وأنهم إذا ما صاروا إلى ما صار إليه هؤلاء من أوضاع اقتصادية قاسية سيكونون بخير”.