أزمة الدولار تعصف بالمصريين وتدفع بعشرات الآلاف لجحيم البطالة.. ..خراب للصناعات والشركات والمحافظات تئن

- ‎فيتقارير

 

ثمن جديد يدفعه المصريون  في زمن الانقلاب لأزمة شح الدولار وانهيار الجنيه المصري، حيث تتسارع الكثير من القطاعات الإنتاجية المهمة في الدولة للإغلاق ووقف العمل والإنتاج، إثر ضعف القوة الشرائية للجنيه وانصراف المواطنين ، مضطرين لتقليص الإنتاج لتكدس المنتجات وعدم الإقبال عليها من قبل المواطنين.

ورصدت خلال الفترة الأخيرة العديد من المؤسسات الرقابية، انضمام مئات الآلاف من العاملين لطوابير البطالة، وفي مقدمتهم العاملون بصناعة الأثاث، إثر تفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية التي تشهدها مصر على وقع شح الدولار، الذي سبب تعثر الكثير من المشروعات وتعطل الإنتاج، ما دفع الكثيرين إلى الانضمام إلى صفوف العاطلين من العمل، بينما الدولة عاجزة بالأساس عن خلق وظائف جديدة، ليطاول الوضع المتدهور مدنا إنتاجية طالما كانت على مدار عقود طويلة محصنة من البطالة.

 

انهيار صناعة الأثاث

ومن تلك المراكز التي تعد نموذجا لوقف الإنتاج وإغلاق المصانع، ما يحدث بقلعة صناعة الأثاث في  محافظة دمياط.

 

فعلى وقع تعطل استيراد المواد الأولية من أخشاب وغيرها من مستلزمات الإنتاج بسبب أزمة الدولار، تكدست المنتجات بلا تشطيب وتراجع التصنيع وأصاب  الشلل المبيعات.

ومدينة دمياط التي كانت محصنة من البطالة، طوال العقود الماضية، لما تملكه من مشروعات إنتاجية واسعة لصناعة الأثاث والأسماك والتعهيد، سقطت في مستنقع البطالة، وتراجعت قدرتها على خلق الوظائف.

ووفق تصريحات ت للنائب في برلمان السيسي ضياء داود، فإن  بروز مشاكل صناعة الأثاث تعود إلى توقف الواردات خلال العام الماضي، مشيرا إلى أن 90% من مكونات الصناعة تعتمد على استيراد الأخشاب واحتياجات التشغيل من الخارج، وفي ظل ندرة الدولار والخامات خفضت الورش العمالة من داخل المحافظة والمحافظات المحيطة بها.

كما لم تلتزم الحكومة خطط زراعة الأشجار الخشبية التي طرحها المستثمرون والخبراء من قبل لزراعة 10 ملايين شجرة، قادرة على تشغيل 100 ألف مصنع، بالإضافة إلى عدم قدرة المصنعين على جلب تكنولوجيا إنتاج متطورة تستطيع المنافسة بها في الأسواق العالمية.

لافتا إلى أن أزمة الدولار أدت إلى وقف صادرات الأثاث إلى تونس والجزائر وسورية والدول التي كانت سوقا تقليدية للأثاث المصري، وفي الوقت ذاته، لم توظف طاقات المحافظة، في دعم صناعة الصيد، رغم هيمنتها على 64%، من طاقة أسطول الصيد المحلي.

            ضعف إنتاج الوظائف

 

وأظهر تحليل طلب الوظائف ، مؤخرا أن التذبذب الشديد سمة عامة لإنتاج الوظائف، سواء على مستوى القطاعات أو المناطق المنتجة للوظائف، باستثناء بعض الحالات الفردية، وتُعَد المشكلة أقل حدة بالنسبة إلى الموظفين مقارنة بالعمالة الفنية.

من الأثاث للطباعة للسيارات ومئات المجالات

 

 

ورصد التقرير نفسه تراجع الطلب على جميع أنواع الوظائف ذات الصلة بإنتاج السيارات وتجارتها وقطع غيارها، ولا سيما ميكانيك وكهرباء السيارات، متأثرة بتوقف استيراد السيارات الجديدة بشكل شبه كامل، وارتفاع أسعار السيارات المستعملة بنسب تصل إلى 70% خلال عام واحد، ما أدى إلى ركود شديد في حركة البيع والشراء.

 

ولفت إلى وجود تراجع مزمن في إنتاج الوظائف في المجالات المتعلقة بالطباعة والنشر منذ الربع الثاني، بالتوازي مع ارتفاع أسعار الورق بنسب وصلت إلى 300% خلال أقل من عام.

 

وأرجعت غرفة الطباعة والتغليف في اتحاد الصناعات، السبب الرئيسي لتراجع الطلب على الوظائف في صناعة الطباعة، إلى تراجع الطلب على المنتجات والتغليف، لا إلى ارتفاع أسعار الورق فقط.

 

 

 كذلك تأثرت صناعة النشر تأثرا كبيرا بارتفاع أسعار الورق بشكل كبير نتيجة أزمة الدولار.

المحافظات تئن

 

وفي السياق نفسه، تتزايد أزمات التوظيف والبحث عن عمل في جميع محافظات مصر من القاهرة حتى الصعيد.

وعلى المستوى الجغرافي، استمر تراجع إنتاج الوظائف في الوجه البحري عموما، وخصوصا في مجالي الحرف والتسويق والمبيعات، مثل دمياط، كذلك تراجع إنتاج الوظائف في القاهرة، حتى بعد استبعاد أثر الموسمية العمل الموسمي، ما يعكس عمق المشاكل التي يواجهها مجتمع الأعمال في الدولة.

 

وأشار تقرير مركز الدراسات الاقتصادية، إلى المركزية الشديدة لإنتاج الوظائف، حيث يتركز 87% منها في إقليم العاصمة القاهرة والقليوبية والجيزة.

 

أما في باقي المحافظات، فيتركز إنتاج الوظائف في عاصمة كل محافظة، مستشهدا باستحواذ مدينة طنطا على 62% من إنتاج الوظائف بمحافظة الغربية شمال القاهرة، بالإضافة إلى تراجع إنتاج الوظائف في الإسكندرية ومطروح مع انتهاء موسم الصيف.

 

ولم يقتصر الأمر على الوظائف السياحية فقط في هذه المحافظات، ولكن امتد ليشمل العديد من الوظائف الخدمية، بينما حافظ إقليم البحر الأحمر  وجنوب سيناء على ذات معدل إنتاج الوظائف المسجل في فترة الصيف.

 

التعثر يضرب عموم مصر

 

كما أن التعثر الذي تشهده الكثير من الأعمال يطاول مختلف مناطق البلاد، لتتّسع أخطاره في عواصم المدن الكبرى التي تستحوذ على 87% من فرص التشغيل، بينما تمثل 19% من تعداد البالغين  104 ملايين نسمة.

 

وتتركز 95% من الوظائف المتاحة في محافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية، بما يدفع طالبي العمل إلى هجرة داخلية، تُسهم في زيادة التكدس السكاني والعشوائيات، بالإضافة إلى تركيز أكبر على مناطق جغرافية محددة وقطاعات بعينها تبين أنها تعاني مشكلات مزمنة في إنتاج الوظائف.

مركزية الوظائف 

وتعكس سيطرة عواصم المحافظات، على فرص العمل المتاحة أمام المواطنين، المركزية الشديدة التي يدار بها الاقتصاد، بينما تراجعت قدرة المدن الصناعية والجديدة على توفير فرص عمل لكل التخصصات والأعمار، فيما زحفت حالة الركود تجاه المنشآت الإنتاجية والخدمية.

 

ورصد المركز المصري للدراسات الاقتصادية، في تقرير عن الطلب على الوظائف في مصر، مؤشرات خطرة على التأثر الشديد لتعطل المصانع والشركات على فرص العمل وسط تصاعد أزمة الدولار، وقيود الاستيراد، واعتماد الحكومة على سياسة التشدد النقدي دون وجود إصلاح مؤسسي وهيكلي للاقتصاد الحقيقي في الدولة.

 

وشمل تراجع الوظائف الصناعية في مدن السادس من أكتوبر ، العبور، والعاشر من رمضان، العامرية وبرج العرب.

وهكذا تتشح مصر بطولها وعرضها بوشاح أسود من البطالة والتعطل عن العمل والإنتاج
، ومن ثم تكثر معدلات الانتحار والقتل والعنوسة والأزمات الاجتماعية المختلفة، التي تهدد الاستقرار المجتمعي.