تحت شعار “التطوير”.. حرمان أطفال الغلابة ومحدودي الدخل من حديقة الحيوان

- ‎فيتقارير

انتقد عدد كبير من المصريين قرار وزارة الزراعة بحكومة الانقلاب غلق حديقتي الحيوان والأورمان لمدة سنة بزعم تطوير الحديقتين، محذرين من المساس بالمباني التاريخية والأشجار التراثية الموجودة بهما.

وأعربوا عن مخاوفهم من رفع أسعار تذاكر حديقة الحيوان التي تعتبر منتزه الغلابة وملاذ البسطاء لقضاء أوقات ممتعة في أحضان الطبيعة وبأسعار في متناول الجميع ، مؤكدين أن الحديقة تعتبر متنفسا لهم ولأبنائهم.

وحذر المواطنون من تحميلهم فاتورة هذا التطوير من خلال رفع أسعار التذاكر ، وهو إجراء من المؤكد أن حكومة الانقلاب سوف تنفذه  ، معربين عن أسفهم لأن عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب الدموي يعمل على حرمان الغلابة من التنزه والتخفيف من متاعبهم وصعوبات الحياة التي تسبب فيها .

وحملوا حكومة الانقلاب مسئولية حالة التردي التي وصلت إليها الحديقة في ظل الإهمال وتوقف أعمال الترميم والصيانة وعدم تنويع الحيوانات التي تعرض الكثير منها للموت بسبب غياب الرعاية الصحية .

وطالب المواطنون بعدم المساس بسعر التذكرة الذي كان دائما في متناول البسطاء، حيث تعتبر الحديقة فسحتهم الوحيدة والمتنفس لقطاع كبير من محدودي الدخل.

يشار إلى أن عدد زوار الحديقة يتجاوز نحو 100 ألف شخص يوميا، ويزداد العدد إلى الضعف في أيام الإجازات الرسمية والأعياد .

 

مظاهر الإهمال

كانت وزارة الزراعة بحكومة الانقلاب قد أعلنت غلق حديقة الحيوان لمدة عام لتنفيذ ما أسمته مخطط التطوير.

وزعمت زراعة الانقلاب في بيان لها أن برنامج التطوير كانت مدته عامين وتم ضغطه إلى عام واحد ، مشيرة إلى أن عملية غلق الحديقتين ستتم فور انتهاء إجراءات التعاقد وتوقيع عقد حق الانتفاع مع شركات إماراتية وأندونيسية .

واعترفت بأن الحديقة ظلت لفترات طويلة تعاني الإهمال خلال العقود الماضية، لافتة إلى أن مظاهر الإهمال تمثلت في التالي:  

أولا: لم تشهد الحديقة أى تطوير يذكر ما أدى إلى خروجها من التصنيف العالمي لحدائق الحيوان منذ عام 2004 ونفوق العديد من الحيوانات، مع عدم القدرة على الاستعاضة أو تزويدها بحيوانات بديلة نتيجة خروجها من التصنيف.

ثانيا: عدم اتباع المعايير الدولية فى تربية وإيواء الحيوانات مع تهالك البنية التحتية للحديقة وعدم تحديثها، الأمر الذي كان سببا رئيسيا في خروجها من التصنيف الدولي.

 

أسعار التذاكر

من جانبه قال محمد سلطان موظف إننا "لا نعارض تطوير حديقة الحيوان لأن التطوير من المفترض أن يعود بالحديقة إلى سابق عهدها ، خاصة أنها كانت من الحدائق المشهورة عالميا، وتجذب الكثير من المصريين".

وأكد سلطان في تصريحات صحفية أن الحديقة تراجع مستواها في السنوات الأخيرة، مشيرا إلى أنه لاحظ ذلك لأنه كان يحضر إليها أولاده باستمرار .

وأعرب عن تخوفه من رفع سعر التذكرة، وبالتالي لن يستطيع محدودو الدخل ارتيادها وهم معظم روادها، مطالبا بأن تكون أسعار التذاكر في متناول الجميع.

 

محدودو الدخل

وأكد يوسف عبدالله موظف، أن حديقة الحيوان هي متنفس الطبقات المتوسطة ومحدودي الدخل، ولكن خدماتها أصبحت ضعيفة جدا، وتحتاج إلى التطوير .

وشدد عبدالله في تصريحات صحفية على ضرورة أن يستمر سعر التذكرة منخفضا، مشيرا إلى أن سعرها الحالي 5 جنيهات، هو سعر مناسب جدا، وكل ما نخشاه هو رفع الأسعار في حالة التطوير .

وأضاف ، إذا كان رفع الأسعار ضرورة لتتناسب مع التطوير فنتمنى ألا يكون هذا الارتفاع كبيرا، مؤكدا أن حديقة الحيوان متنفس لعدد كبير من المصريين.

 

فسحة رخيصة

وقال محمد عبدالرحمن، عامل، إنه "يأتي بأولاده إلى حديقة الحيوان أيام الإجازة، فهي أفضل مكان للفسحة الرخيصة مقارنة بالحدائق الأخرى، كما أنها تمثل مصدر بهجة له ولأولاده، لافتا إلى أن مستوى الخدمة بها في تراجع بشكل مستمر".

وأعرب عبدالرحمن في تصريحات صحفية عن عدم معارضته للتطوير وتحسين الخدمات بالحديقة ، لكن نتمنى ألا يرتفع سعر التذكرة بشكل كبير وأن تكون في متناول الجميع، لأنها متنفس لنا ولأبنائنا رغم تدهور الخدمات بها.

 

تطوير شكلي

وطالبت الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بكلية الهندسة جامعة القاهرة، الإدارة المكلفة بتطوير حديقة الحيوان باتباع معايير الشفافية والوضوح لضمان تنفيذ المشروع بالشكل الأمثل ودون إلحاق أي أضرار بالمباني التراثية بالحديقة، مع توضيح أسماء المسئولين عن المشروع ومعايير اختيارهم كي لا نفاجأ بجهات لا نعرف طبيعة أعمالها السابقة، وطرق تنفيذها للمشروع الذي يحتاج إلى طبيعة خاصة في التصرف خلال تنفيذ الأعمال الإنشائية أو الترميمات في منطقة تعتبر أثرية.

وقالت سهير حواس إن "الحديقة في تدهور كبير، ولكن أليس في استطاعتنا الاعتناء بها إلا من خلال الاستعانة بمستثمر خارجي؟ موضحة أن تطوير الحديقة قد يكلف مليار جنيه، لكن يجب فهم أوجه صرفها، وهل ستنفق على تطوير شكلي فقط عبر مولات تجارية، أم في تطوير حقيقي يرفع كفاءة الحديقة ويضعها في مكانتها الطبيعية عالميا.

وأوضحت أن طبيعة حديقة الحيوان لا تحتمل عمليات الحفر والإزالة إلا تحت شروط خاصة وحساسة لضمان سلامة المنطقة التراثية، مشيرة إلى ضرورة وضع خطة خاصة لنقل الحيوانات خلال عملية التطوير للحفاظ على سلامتها، وتحديد كيفية نقل الحيوانات بالأقفاص، وأين سيتم تخزينها، وإذا تم الاستغناء عن الأقفاص، فكيف سيكون ذلك خاصة أنها أقفاص تراثية، إذ نسمع أحاديث ومصطلحات عن رفع كفاءة الحديقة وإعادة تخطيطها، لكن لا أحد يعلم كيف سيتم هذا التخطيط.

وأعربت "سهير" عن خوفها من خطط إقامة تلفريك لربط حديقتي الأورمان والحيوان رغم أنهما على الارتفاع نفسه، متسائلة عن المشهد الذي سيشاهده من يركب هذا التلفريك، وعن مصير شارع النهضة المرتبط بجامعة القاهرة وكوبري الجامعة وهي منطقة مزدحمة دائما، وكذلك ارتباط المارة في المنطقة برؤية قبة الجامعة.