دوائر صهيونية: السيسي قلق من تخلي الرياض عنه وتنازلات ضخمة مرتقبة

- ‎فيتقارير

قال معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدني، المركز البحثي المعبر عن اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة، ما يعتبره البعض كشفا لأوراق اللعبة إن “التدهور السريع للاقتصاد والوضع الصعب الذي يواجه النظام؛ يوفر فرصة للولايات المتحدة لتقديم المساعدات، وتعزيز نفوذها”.

وفي الوقت نفسه قالت القناة 12 العبرية إن  “عمليهم السيسي في حالة يرثى لها ومصر في طريقها إلى لبنان، حيث أوضح الكاتب الصحفي إيهود إيعاري أن السيسي يخشى قفز السعودية من المركب وتركه وحيدا بعد وضع شروط على المساعدات السعودية للدول العربية”.

وأشار “يعاري” إلى أن السيسي  في كارثة حقيقية، حيث تشهد أرض النيل أزمة اقتصادية حادة، وأن خطر اندلاع الغضب الجماعي في الساحات لم يعد سيناريو وهميا، حيث قد تتدهور دولة يبلغ عدد سكانها نحو 110 مليون نسمة إلى حالة إفلاس بسبب ديونها الهائلة، بينما سكانها هم فقراء بمعدل مذهل.

وأشار إلى الأرقام التي تقول كل شيء، وفقد الجنيه المصري نصف قيمته، وهو ما يعني تخفيض الرواتب إلى النصف ، وارتفعت الأسعار بنسبة 40٪ وتضاعفت تكلفة المنتجات الغذائية بينما تجاوز التضخم 25٪ .

وأضاف أنه حكومة المنقلب  السيسي تعهدت بنصف الميزانية لدفع فوائد الدين العام، والتي يجب سداد 100 مليار دولار منها في السنوات الأربع المقبلة، في وقت قام فيه المستثمرون بسحب 20 مليار دولار من البلاد في الأشهر الأخيرة، هذه أرقام لكارثة وشيكة.

القناة 12 أشارت إلى ملامح هذه الكارثة من عدة جوانب، منها؛ مجموعة إلكترونية تضم 126 ألف عضو تسمى “ما هو الثمن  الذي يمكن مبادلته؟” وهي تتعامل مع وصفات وجبات رخيصة بدون لحوم، مشيرا إلى أن أمين عام حزب الله اللبناني حسن نصر الله سمح لنفسه الأسبوع الماضي بالسخرية من مصر، التي عليها أن تستجدي التبرعات، رغم أنها كانت أول من صنع السلام مع إسرائيل، ووقفت دائما إلى جانب الولايات المتحدة.

ومن جانب آخر، لفت إلى أن الطبقات الوسطى من المصريين يمرون بتجربة مؤلمة من الفقر المدقع، والبيض أصبح من الرفاهية والباعة في سوق خان خليلي الشهير ينتحبون الآن، في ذروة الموسم، بسبب اختفاء السياح من روسيا وأوكرانيا، الذين شكلوا ثلث إجمالي عدد الزوار.

وعن موقف السعودية والكويت، قالت إن “السعودية، تليها الكويت، بدأت في الإشارة إلى أن كرمهم على وشك الانتهاء، بالإضافة إلى رفض كليهما المشاركة في المؤتمر الطارئ الذي دعا إليه حاكم الإمارات محمد بن زايد في أبو ظبي لمساعدة مصر والأردن”.

وقال الصحفي الصهيوني “أطفأت أنوار الإنذار في القاهرة، حيث إنه بدون هذه المساعدة ستشبه مصر الأرجنتين المفلسة أو تصبح “لبنان الثاني”.

وعن قرض صندوق النقد الدولي 3 مليارات دولار أشار إلى أنه الرابع من نوعه خلال السنوات الست الماضية، مستدركا أنه قدم شروطا صعبة، تضمنت تخفيضا آخر لقيمة الجنيه وتخفيضا كبير في الإنفاق الحكومي، بما في ذلك تخفيضات في دعم الخبز.

وطالب الصندوق الجيش في مصر البدء في سحب سيطرته من الاقتصاد، الذي تديره ما لا يقل عن ألف شركة تابعة، يحتكر بها العديد من القطاعات وتشجع على ضخ عشرات المليارات من الدولارات على مشروعات استعراضية مشكوك في فائدتها.

وعن مثال ذلك لفت إلى العاصمة الإدارية الجديدة التي إلى الآن تتكلف 60 مليار دولار وأطول قطار أحادي بدون سائق في العالم بتكلفة 23 مليار دولار أخرى، مشيرا إلى أن الجيش يحصد العائدات ويخوض سباقًا جامحًا في الشراء، دون تفسير منطقي، لأنظمة أسلحة أكثر وأكثر تكلفة من جميع الأنواع.

وعن موقف السيسي رأى إيعاري ،  ليس من الصعب أن نفترض أن السيسي في مأزق صعب، فهو يخشى حرمان الضابط من أبقاره ، وفي نفس الوقت يخشى ردود فعل الجمهور على ارتفاع الأسعار.

وأضاف، السيسي يخشى الديون المتضخمة، التي تضاعفت أربع مرات منذ 2014، ويخشى أن يقفز السعوديون من المركب، موضحا أنه باختصار “المصريون في حالة يرثى لها”.

معهد واشنطن

ومن جانبه، استعرض معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، نتائج ورقة قدمها المحلل والباحث المتخصص في شؤون شمال أفريقيا “بين فيشمان” وأبرزها أن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر حاليا، والناجمة بشكل رئيسي عن سوء إدارة السيسي، سوف تجبره على تقديم تنازلات وتغيير مواقفه الجدلية، لا سيما فيما يتعلق بحقوق الإنسان والسياسة الخارجية.

وقال فيشمان إن “التدهور السريع للاقتصاد والوضع الصعب الذي يواجه النظام؛ يوفّر فرصة للولايات المتحدة لتقديم المساعدات، وتعزيز نفوذها”.

وأضاف أن “الصدمة المزدوجة الناجمة عن تداعيات فيروس كورونا واندلاع الحرب في أوكرانيا، أثرت بشدة على مصر نظرا لاعتمادها الكبير على الموارد المهددة مثل القمح وعائدات السياحة من روسيا وأوكرانيا”.

وأكد أن “السبب الرئيسي لمعاناة مصر يعود إلى انتشار سوء الإدارة الاقتصادية فيها بعهد “السيسي؛ بدءا من التلاعب بالعملة ووصولا إلى سوء تحديد أولويات الإنفاق والمشاريع الضخمة المهدرة وتحكم الدولة والجيش غير المبرر بالاقتصاد”.

وأردف أنه في ظل المهمة الشاقة المتمثلة باحتواء المعارضة الشعبية وتنفيذ الإصلاحات التي يطلبها صندوق النقد الدولي من دون إثارة حفيظة قاعدته العسكرية، قد يكون السيسي أكثر استعدادا لتغيير مواقفه الجدلية ، من حيث حقوق الإنسان والسياسة الخارجية.

وعلى غرار “إيعاري” أشار “فيشمان”  إلى أن أصعب معضلة يواجهها السيسي حاليا هي تحديده إلى أي مدى سيجازف بإغضاب مناصريه الأساسيين في الجيش من خلال بيع الشركات التي يديرونها أو خفض إنفاقهم على السلع المتطورة مثل الغواصات والطائرات المقاتلة المتقدمة.

ورأى أنه “حتى ولو خفض السيسي عمليات الخصخصة إلى حدها الأدنى، سيتعين عليه فرض ضريبة أكبر على الشركات التي يديرها الجيش تنفيذا للاتفاقية الجديدة لصندوق النقد الدولي”.

ويعتقد السيسي أيضا أن بإمكانه الاعتماد على دعم دول الخليج إذا أصبح الوضع خطيراً للغاية، إلا أن قطر والسعودية والإمارات لم تفِ إلا بجزء ضئيل فقط من المليارات التي تعهدت بها لحكومته في السنوات الأخيرة.

وعن تحركات السيسي مقابل الغياب الكويت والسعودية عن دعمه، قال فيشمان  “قد يظن السيسي أن أصدقاءه في دول الخليج سيستمرون في إنقاذه إذا تأزمت الأمور؛ وبعبارة أخرى أن مصر أكبر من أن تفشل مجددا ؛ ولكن عندما تصل الأزمة إلى هذا الحد، ستصعب الاستفادة من التمويل الخليجي الإضافي في الوقت المناسب لعكس مفاعيل الأزمة”.

وأردف أنه “يتعين على واشنطن في المرحلة المقبلة وضع استراتيجية أكثر شمولية تجاه مصر تشمل تقديم مساعداتٍ اقتصادية أكبر، وتسهيل الاستثمار من خلال ضمانات القروض، ودراسة خيارات الإعفاء من القروض، والاستفادة من نفوذ الولايات المتحدة على صندوق النقد الدولي”.

وأكمل أنه قد يكون من المفيد أيضا الطلب من الشركاء الخليجيين النظر في طرق للحد من اعتماد مصر على المساعدات.

وأشار إلى أنه في المقابل “يجب على القاهرة أن تتقبل إحداث تغيير كبير في سياساتها بشأن روسيا والصين وحقوق الإنسان وليبيا”.