“مؤشر الفساد عند أعلى مستوى”.. ماذا بينك وبين الله يا سيسي حتى تفضحك منظمة الشفافية؟

- ‎فيتقارير

أصدرت منظمة الشفافية الدولية مؤشر مدركات الفساد لعام 2022، الذي يصنف 180 دولة ومنطقة حول العالم من خلال المستويات المتصورة لفساد القطاع العام، ويتبع مقياسا من صفر (الأكثر فسادا) إلى 100 (الأقل فسادا)، ووفقا للمؤشر لا يزال مستوى الفساد في مصر خلال عام 2022 عند أعلى مستوى منذ 10 سنوات.
من أبرز المجالات التي توجه فيها الانتقادات لمصر، بخصوص مكافحة الفساد، هي الطريقة التي يتدخل بها الجيش في الاقتصاد، والحياة العامة، مع ما يكتنف ذلك من غياب للشفافية وصعوبات المراقبة و للمساءلة، وتظهر تقارير منظمة الشفافية الدولية، التي ترصد منذ 1995 مؤشرات انتشار الفساد والرشوة في العالم، أن مصر لم تحقق أي تقدم في مجال مكافحة الفساد، وما حققته، في هذا المجال ضئيل للغاية.

ديوان المظالم
وانخفض متوسط منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على مؤشر مدركات الفساد لعام 2022، حيث وصل إلى مستوى منخفض بلغ قدره 38 درجة من أصل 100 بعد سنوات من الركود، احتلت الإمارات المرتبة الأولى بين الدول العربية (67 نقطة على المؤشر) ثم قطر (58)، بينما الدول التي يلفها الصراع ليبيا (17) واليمن (16) وسوريا (13) سجلت أسوأ المستويات.
لا وجه للمقارنة بين إجراءات الرئيس الشهيد محمد مرسي لمحاربة الفساد وبين كم الفساد الهائل الذي عاد مع انقلاب السفاح السيسي بأقوى مما كان في ظل حكم العسكر منذ 1952 وحتى الآن.
الرئيس الشهيد مرسي وقف بالمرصاد لفساد عصر مبارك، فجاء دستور 2012 بمادة جديدة لمكافحة الفساد، وبقرارات جريئة قام الرئيس بتنقية الأجهزة الرقابية ممن كانوا يمثلون عقبة أمام القيام بمهامها، وأخضع ديوان رئيس الجمهورية للرقابة لأول مرة في التاريخ، وأنشأ ديوان المظالم لتلقي شكاوى المواطنين، وفتح ملفات الفساد، ومنها ملف فساد آل ساويرس، الذي رفض الرئيس الشهيد مرسى اتخاذ أية إجراءات استثنائية في التعامل معه.
ولكن سرعان ما انتفضت الدولة العميقة التي استشعرت الخطر على مكتسباتها منذ انقلاب 1952، فكان أول ما فعله قائد الانقلاب السفاح السيسي هو نزع الحماية عن أجهزة مكافحة الفساد من الدستور.
وتبع ذلك، اتجاه سلطة الانقلاب إلى فرض سيطرتها على الأجهزة الرقابية لتتتابع بعد ذلك القرارات التي أعادت تدوير شلة الفساد مرة أخرى، ومكنتهم من مفاصل جهاز الحكم صار الفساد عنوانا لمرحلة ما بعد الانقلاب.
واجهت ثورة المصريين هجوما مضادا من المؤسسة العسكرية أسفر عن انقلاب عسكري على أول رئيس مدني منتخب هو الدكتور محمد مرسي في صيف 2013 ومنذ ذلك الوقت دخل الاقتصاد المصري في مرحلة حرجة اعتمد فيها النظام الجديد على الديون والمنح.
بعد نحو تسع سنوات من حكم السيسي بالحديد والنار وإطلاق الوعود تلو الأخرى بالحياة الرغيدة والرفاهية الموعودة، فقد بات الفقر يدق باب المزيد من المواطنين، وهو ما تطرقت إليه تقارير لصحف ووكالات أنباء دولية بشأن تردي الأوضاع المعيشية في أكبر بلد عربي بعدد السكان ، أكثر من 104 ملايين نسمة.
ودخلت البلاد منعطفا حادا وخطيرا بداية عام 2022 واندلاع حرب بين روسيا وأوكرانيا وما تلاها من أزمة اقتصادية حادة في الوقت الذي كان فيه الاقتصاد المصري مثقلا بالديون ومطوقا بالأموال الساخنة وغير قادر على امتصاص الأزمة وبدأ مجددا في استجداء صندوق النقد الدولي، وعرض أصول وممتلكات الدولة للبيع، وخفض قيمة الجنيه للنصف مجددا.
بات الملايين من المصريين يشكون أوضاعا اقتصادية صعبة بما فيهم من كان يعلن تأييده بشكل مطلق لسياسات السفاح السيسي السياسية والاقتصادية والأمنية، ولكن مراقبين ومحللين أكدوا حدوث تغيرات حادة على الأوضاع بمصر.
في الوقت الذي تقول فيه حكومة العسكر إن "معدلات التضخم بلغت 20% تؤكد قائمة ستيف هانك، أستاذ الاقتصاد المعروف في جامعة جونز هوبكنز، أن معدل التضخم الحقيقي في مصر قفز إلى 101 بالمئة".
 

الأكثر فسادا 
على الصعيد الاقتصادي، قال المستشار السياسي والاقتصادي الدولي الدكتور حسام الشاذلي "لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهل الحقيقة بأن ما تبقى من شعبية السيسي بين أنصاره ومؤيديه بات على المحك؛ خاصة إذا تمعنا في هيكلة تلك الشعبية وكيفية صناعتها؛ فحقيقة الأمر أن شعبية السيسي بدأت بكذبة كبيرة باسم مظاهرات 30 يونيو والتي استخدمت فيها تقنيات التصوير الحديثة لإعطائها حجما كاذبا، أضف إلى ذلك أنه استخدم تلك المظاهرات المفبركة ليسرق حق المصريين في تقرير مصيرهم ويقوم بانقلاب عسكري ضد أول رئيس مصري منتخب في انتخابات حرة لم تعرف مصر الحديثة غيرها حتى الآن".
وأضاف "شعبيته لا تمثل مصر ولا المصريين؛ مؤيدوه في غالبهم هم أعضاء تلك المنظومة الأمنية وحاشيتهم والمستفيدون من فسادهم، أضف إلى ذلك أن منظومة الفساد الاقتصادية التي ورط فيها السيسي الجيش ليحكم سيطرته عليه، أسست أيضا لشعبية نفعية غير حقيقية وغير قائمة على الولاء للوطن ببن قيادات الجيش؛ وعليه فكما نرى هنا أن شعبية السيسي قامت أساسا على بناء أمني فاسد ومنظومة تأييد واهية وغير حقيقية تعتمد على المصالح الفاسدة ولا تمتد للشارع ولا للناس".
واعتبر الشاذلي أن "العدو الأول لمثل تلك الشعبية الواهية هو الأزمات الاقتصادية التي تمر بها مصر والتي طالت الجميع بما فيهم مؤيدو السيسي، حيث ستكون تلك الأزمة محفزا كبيرا لانفجار لن تصمد أمامه هذه الشعبية الكاذبة النفعية الفاسدة البعيدة عن الشعب، والتي سيقفز كل من يحميها مع أول علامات الغضب الشعبي القادم، ولذلك فأنا أزعم أن الأزمة الاقتصادية ستكون هي القشة التي ستقصم ظهر السيسي وتضع نهاية لنظامه وحكمه عاجلا أم آجلا".
وأصدر السفاح السيسي قرارا منذ يومين بـ3 ترقيات عسكرية جديدة لقادة كبار في الجيش إلى رتبة فريق، ويرى الخبراء أن اختيارات السفاح السيسي، كلها مبنية على معيار الولاء، وليس معيار الكفاءة، ويرى ممدوح المنير أن السفاح السيسي له ضابط واحد لا يرى غيره، وهو مقدار الولاء له، وليس مقدار كفاءة الضابط أو خبرته.
وأضاف "فضلا عن المزاج الشخصي، مؤكدا أنه اختيار لا يرتبط بأي شكل بعنصر الكفاءة، بل العكس هو الصحيح، بمعنى أنه كلما كان القائد فاسدا زادت حظوظه في الترقيات".
ورأى أن "فساد القائد يمثل للسيسي، ورقة ضغط عليه لتنفيذ ما يريده، فضلًا عن أن فساد القائد يجعله مكروها من القيادات الأدنى، وبالتالي يصعب عليه صناعة نفوذ بالجيش، وهو ما يريده السيسي، وهكذا تتم إدارة لعبة الحكم بمصر".
وأكد المنير، أنه "معروف تاريخيا أن تعيينات القوات المسلحة من رتبة عميد فأعلى تُعرض على الجيش الأمريكي لاعتمادها أولا، فالجيش المصري مرتهن للأمريكي منذ اتفاقية السلام مع إسرائيل، والمعونة السنوية المقدرة بالمليارات التي يتلقاها سنويًا مقابل ذلك".
وختم بالقول "بالتالي الترقيات الجديدة لا بد وأن تكون قد تمت الموافقة عليها أولا خارجيا من واشنطن وربما تل أبيب قبل اعتمادها".