قال مراقبون إن المصافحة المهينة بين رئيس المجلس السيادي عبدالفتاح البرهان ووزير خارجية الاحتلال الصهيوني إيلي كوهين غير مفاجئة، وإن اكتسبت صدمة مشروعة، ونحن نراه يوقع معه على تطبيع مهين لن يعود على السودان الشقيق إلا بالويل والثبور وعظائم الأمور، بحسب الباحث الفلسطيني عدنان أبو عامر.

ويُنظر إلى جيش السودان على أنه من بادر بالتحرك لتطبيع العلاقات مع إسرائيل. وتولى الجيش زمام الأمور في البلاد منذ انقلاب في عام 2021 ولكنه يقول إنه يعتزم تسليم السلطة إلى حكومة مدنية.
أما الأكاديمي الكويتي د. عبدالله الشايجي فقال: "لفتني في تطبيع عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانقلابي العسكري في السودان تفاخر وزير خارجية الاحتلال الصهيوني"عدنا من زيارة تاريخية بـ 3 نعم 1-نعم للسلام 2-نعم للمفاوضات" 3- نعم للاعتراف بإسرائيل.. "، وعلق قائلا "واأسفاه على السودان وقمة اللاءات الثلاث عام 1967: لا صلح لا تفاوض لا الاعتراف". 

وهو ما اتفق مع بيان حركة "حماس" الذي أشار إلى أن "التطبيع السوداني لن يخدم سوى أجندة اسرائيل .. بل يوفر غطاء لجرائمها.. وأنه خروج عن موقف السودان الأصيل".

الرابح الأكبر

وفي مداخلة تليفزيونية على قناة "وطن" شارك فيها الكاتب والباحث الفلسطيني ماهر الحلبي قال إن الاحتلال هو الكاسب الأكبر من قبل ومن بعد؛ فخيرات ومقدرات العرب من مياه وأراضي زراعية وأرباح اقتصادية في قبضته، ومثال ذلك اتفاقية الغاز مع مصر ثم مع الأردن حيث اشتري الاحتلال الغاز بأسعار بخسة وعاد وباعها لهذه الأنظمة بأسعار مرتفعة."
وأضاف أنه بموجب اتفاق "وادي عربة" مع الأردن استحوذ الاحتلال على مياه نهر الأردن والمياه الجوفية في الأغوار الشرقية، مستخلصا أن اتفاقات ولقاءات التطبيع مذلة وعنوان للخزي والعار.
وأوضح أن السودان بلد اللاءات الثلاث الشهيرة بعد هزيمة 67 وأن الخذلان من هذه الجانب ضد القضية الفلسطينية التي هي قضية كل العرب.
النجاح الصهيوني يتمثل في التأخر في تحرير المقدسات بمجرد دخول دولة جديدة إلى الحظيرة، والطريق  الآن إلى ذلك العار في زيادة من تطبيع الدول (مصر -عمان -الأردن – الإمارات .. المغرب-السودان.. كل هؤلاء يرجحون كفة الاحتلال وأنباء عن انضمام إندونيسيا موريتانيا وتشاد.

وأشار إلى أن البداية في رقبة الرئيس المصري الراحل أنور السادات في 1979 باتفاقية ماذا جنت منها مصر لاشئ ، مضيفا أن الاتفاق تبعه دخول الأنظمة الاستبدادية العربية إلى توقيع اتفاقات ابراهام أخيرا".
ولفت إلى أن ياسر عرفات دخل للأسف ووقع في 93 اتفاق أوسلو ولم تجن السلطة الفلسطينية سوى التراجع والخذلان، فاليوم الاستيطان مستمر وتهجير مناطق الضفة مستمر وآخر عناوينه الخان الأحمر، وفي أغسطس 2020 جاء الخذلان بتوقيع أبوظبي والمنامة اتفاق كامب ديفيد جديد.

رفض شعبي
وعن موقف الشعب السوداني أكد الباحث السوداني عادل عبد العاطي رئيس حملة سودان المستقبل أنه ".. لا يوجد تأييد للتطبيع أو انسياق في حدوده، كما لا يوجد فوائد للتطبيع،" معتبرا أن ما حدث "مجرد تصرفات أحادية بمعزل عن القرار الشعبي المعروف من السودانيين".
وأشار إلى أن "موقع السودان محوري حيث هو الرابط بين دول شمال وجنوب القارة السمراء ولديه تأثير كبير على قرار هذه الدول من حيث انحياز مسؤول القرار في الدولة "، مشددا أن قرار عسكر السلطة "انحياز ضد فلسطين وسيرجح الكفة الصهيونية".
وعن المقابل، قال "السودان من واقع هذه الاتفاقات لن يستفيد شيئا .. فقط دعم أمني لوجستي ومساعدات مالية.. والهدف الأمني للعسكر يعني حصانة من المحاسبة من الشعب على الجرائم التي ارتكبها المكون العسكري فضلا عن بقائه برضا الغرب".
واعتبر أن عبدالفتاح البرهان يمارس فرض الأمر الواقع بداية من زيارة التطبيع الأولى لعنتبي ثم مقابلة نتنياهو حتى أن بعض أعضاء المجلس العسكري استنكروا الخطوة وكشفوا أنها فاجأتهم.
وأوضح أن الكثير من المكونات السياسية والثورية مانعته ومنهم حزب الأمة السوداني واعتبرت أن البرهان يستخدم ما يسمى بتوازن الضعف، مؤكدا أنه لا صلاحية للعسكر لتوقيع اتفاق مع الصهاينة، لاسيما وان البرهان وجه صفعيتن أحدهما للقضية الفلسطينية والثانية للشعب السوداني.

خداع سياسي
وبدوره، قال حامد ممتاز عضو المؤتمر الوطني السوداني إن ما حدث خداع سياسي ابتلعه البرهان تمارسه أمريكا وتل أبيب، وأن القضية المركزية عند السودان هي فلسطين، وأن تحدث المسؤول الصهيوني عن نعم ثلاث سيواجهه رد فعل شعبي يتعلق بالمد الشعبي المترسخ في العقلية السودانية التي تأبي التطبيع".
وشدد على أن السودان لا ينطلي عليه هذه اللقاءات وأن الموقف الشعبي لن يتغير، حيث القناعة من أن التطبيع لن يقدم شيئا للسودان إلا الأضرار فضلا عن أنه لن يقدم شيئا للقضية المركزية فلسطين.
قالت وزارة الخارجية السودانية إن إسرائيل والسودان اتفقا على المضي في جهود تطبيع العلاقات بين البلدين خلال زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين الذي وصل إلى السودان في وقت سابق اليوم الخميس (الثاني من فبراير 2023).

 

أول زيارة رسمية

هذه المرة الأولى التي يعترف فيها السودان رسميا بزيارة مسؤول صهيوني على الرغم من وجود سلسلة من الزيارات المتبادلة من مسؤولين من البلدين في السنوات القليلة الماضية.

ووافق السودان على اتخاذ خطوات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل في اتفاق عام 2020 توسطت فيه إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى جانب اتفاقات تطبيع بين إسرائيل ودولة الإمارات والبحرين والمغرب المعروفة باسم “اتفاقات إبراهام“.

وقال وزير الخارجية الصهيوني إيلي كوهين، إن بلاده تقترب من التوقيع على اتفاق للتطبيع الكامل مع السودان.

وفي مؤتمر صحفي في مطار بن جوريون بعد عودته إلى إسرائيل قادما من العاصمة السودانية الخرطوم، قال كوهين إنه خلال زيارته اجتمع مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، وإن الجانبين “وضعا اللمسات الأخيرة لنص الاتفاق”، بحسب صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”.

وأضاف كوهين أن من المتوقع إرجاء مراسم التوقيع حتى يستكمل السودان الانتقال إلى حكومة مدنية. وأشارت وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى أن المراسم سوف تتم في واشنطن في غضون بضعة أشهر، ولكن الموعد الزمني لمثل هذا الانتقال ليس واضحا.

وتابع كوهين: “زيارة اليوم إلى السودان تضع الأسس لاتفاق سلام تاريخي مع دولة عربية وإسلامية إستراتيجية”. واستطرد “اتفاقية السلام بين إسرائيل والسودان سوف تعزز الاستقرار الإقليمي وتسهم في الأمن القومي لدولة إسرائيل”.

بدوره، قال مكتب رئيس مجلس السيادة السوداني إن كوهين بحث مع البرهان سبل تعزيز آفاق التعاون بين البلدين في الشؤون الأمنية والعسكرية وكذلك في مجالات الزراعة والطاقة والصحة والمياه والتعليم. كما أكدت وزارة الخارجية السودانية إنه تم الاتفاق على المضي نحو تطبيع العلاقات بين البلدين.

وعارضت جماعات مدنية ذلك التحرك وقالت من قبل إن أي اتفاق يجب أن يصدق عليه برلمان انتقالي لم يتشكل بعد.

وتعصف بالسودان اضطرابات شديدة منذ قيادة البرهان لانقلاب في شهر أكتوبر عام 2021 عرقل انتقالا إلى حكم مدني عقب الإطاحة عام 2019 بالرئيس السوداني عمر البشير الذي ظل في الحكم فترة طويلة.

Facebook Comments