قبل دقائق من عقد المؤتمر الصحفي للإعلان عن تفاصيل النسخة الخامسة لمنتدى شباب العالم بمدينة شرم الشيخ، في فبراير الجاري، اتخذت جهات أمنية واستخباراتية رفيعة المستوى داخل نظام السيسي قرارا أمس السبت بإلغاء تلك النسخة في ظل أزمة اقتصادية كبيرة وغير مسبوقة نتيجة نقص الدولار والاحتياطي الأجنبي بمصر، وانهيار قيمة الجنيه، وارتفاع أسعار كل شيء بشكل غير مسبوق، وذلك بعد تعليقات وانتقادات مسيئة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تهدد بانفجار مجتمعي بعد وصول الأزمة الاقتصادية لذروتها، وسط عجز تام من النظام الانقلابي.
ووفق مصادر سياسية، تحدثت لوسائل إعلام عربية، جاء قرار التأجيل بشكل عاجل، من قبل شخصيات عدة تنتمي للمعارضة، ووسط تقارير استخباراتية ترصد الغضب الشعبي، في ظل ارتفاع تكاليف استضافة الآلاف من الشباب والشخصيات من جميع دول العالم ، على حساب الحكومة المصرية ومن أموال الشعب، على الرغم من أحاديث حكومية بأن المؤتمرات الأربع السابقة لم تكلف الدولة شيئا ، وأن الرعاة هم من يتحملون التكلفة، إلا أن خبراء ومراقبين ماليين كذبوا تلك الرواية، حيث تتجاوز التكلفة مليارات كثيرة من الجنيهات، تقدم الدولة لتلك الشركات الراعية، مزايا وإعفاءات ضريبية وجمركية تعادل تلك الرعايات، بشكل غير مباشر، وهو ما يعني وضع الأعباء المالية على كاهل الشعب، عبر خصم الإيرادات الضريبية والجمركية التي كان مقررا لها دخول خزانة الدولة.
رواية حكومية مضللة
وعلى طريقة الخداع المعهودة من نظام السيسي، والتي ملّها الشعب عبر سنوات الانقلاب، أعلنت إدارة منتدى شباب العالم، إلغاء النسخة الخامسة من المنتدى، وقالت إدارة المنتدى التي يشرف عليها العقيد أحمد شعبان الساعد الأيمن لرئيس جهاز المخابرات العامة، عباس كامل، في بيان إنه "سيتم توجيه عوائد حقوق الرعاية التي كانت مخصصة لتنظيم النسخة الخامسة من المنتدى، والتي كان من المقرر إطلاقها بمدينة شرم الشيخ، لتنفيذ حزمة كبيرة من المبادرات والمشروعات والبرامج التنموية الهامة ذات التأثير المباشر على المواطنين والشباب بوجه خاص داخل وخارج مصر، وذلك بالتعاون مع شركاء المنتدى من مؤسسات ومنظمات دولية ومحلية".
وزعمت إدارة المنتدى، أن النسخة الخامسة من منتدى شباب العالم لهذا العام ستكون بمثابة دعوة إلى تنفيذ التنمية بدلا من مناقشة سُبل تحقيقها.
وواجهت النسخة الخامسة من المنتدى، انتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي، بسبب التوجه السابق نحو إقامتها في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد.
وقالت مصادر سياسية وإعلامية، إن "شخصيات سياسية محسوبة على المعارضة قدمت نصائح للمسؤولين بالجهاز، بعدم إقامة الدورة في ظل الحالة الاقتصادية المتردية التي تعيشها البلاد".
إنفاق في غير مكانه
وكتب السفير محمد مرسي، مساعد وزير الخارجية، على صفحته على فيسبوك يقول "انعقاد منتدى شباب العالم في شرم الشيخ، إنفاق في غير مكانه وزمانه، ومخالفة للعقل والمنطق في وطن مأزوم ومثقل بالديون".
وكان السيسي يحرص على حضور النسخ السابقة من المنتدى منذ انطلاقه في عام 2017، إذ كان يعتبره فرصة للحديث والتعبير عن رؤيته الخاصة بإدارة الدولة.
وكان يسرف في إمساك الميكرفون طوال الوقت "الحديدة" معلقا ومتحدثا عن طموحاته ورغباته وهرتلة غير مفهومة، تارة بطلب الدعم من كل دول العالم، وتارة أخرى بأدوار دولية وعالمية لا تتناسب مع إمكانات حكومته المتهاوية، وتارة ثالثة عن أهل الشر سبب أزماته.
أزمة دولار
ولعل إلغاء المنتدى، يقدم دليلا جديدا على أزمة الدولار التي تضرب مصر، ويحاول السيسي إخفاءها بالاستمرار في سفهه الإنفاقي، أو حديثه المخادع عن أنه عندنا دولار، أثناء حديثه عن أزمة البضائع المتراكمة والمعطلة بالموانئ، وهو ما تكذبه الارتفاعات المستمرة في أسعار السلع والخدمات بشكل يومي.
وتعاني مصر أزمة تمويلية ضخمة، تصل لنحو 42 مليار دولار خلال العام المالي الجاري، وانصراف الممولين لنظام السيسي عن إقراضه بعدما تأكدوا من كم الفساد الكبير الذي يعشش داخل نظام السيسي، وتضخم حسابات السيسي وقادته العسكريين خارج مصر، وعدم إنفاق المساعدات والدعم الخليجي على الشعب المصري، وإصرار السيسي على تنفيذ مشاريعه في وقت يئن ملايين المصريين من الجوع والفقر.
وتسبب نقص الدولار في أزمة كبيرة سوق الصرف ولجأت مصر للاقتراض من صندوق النقد الدولي، وتعويم الجنيه وبيع الأصول المملوكة للدولة من أجل توفير الدولار، الذي وصل سعره في البنوك المصرية لأكثر من 3 جنيهات، بينما يباع في السوق الموازية بأكثر من 35 جنيها.
ومع استمرار نهج السيسي في إهدار أموال المصريين على مشاريع هلامية لا جدوى اقتصادية منها، سوى زيادة أرباح وتكبير حسابات اللواءات والقادة العسكريين، تزداد الأزمة الاقتصادية وتتفاقم معاناة الشعب المصري الاقتصادية وتصل ذروة الغضب الاجتماعي إلى حد الانفجار.
ويطرح المراقبون تساؤلا بعد إلغاء منتدى شباب العالم، متى يوقف السيسي مشاريع الفنكوش في العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين وهضبة الجلالة وتوشكى وغيرها من مشاريع ابتلاع أموال المصريين في الرمال؟