أقدمت صحيفة الجمهورية، الأحد، على حذف مقال رئيس تحريرها عبد الرازق توفيق، الذي هاجم فيه المملكة العربية السعودية، ونشرت مقالا جديدا له يتحدث فيه عن عمق العلاقات المصرية السعودية ودور المملكة في دعم القاهرة.
كان عبد الرازق توفيق قد هاجم المملكة العربية السعودية في مقال سابق في صحيفة الجمهورية، وكتب مقالة تحت عنوان "الأشجار المثمرة وحجارة اللئام والأندال" قال فيها "لا يجب على الحفاة العراة التطاول على مصر، ليس من حق اللئام والأندال ومحدثي النعمة أن يتطاولوا على أسيادهم" ونشر موقعا "الجمهورية" و"كايرو 24″ المقال قبل أن يتم حذفه لاحقا.
أضاف توفيق في مقاله المحذوف "لا يجب أن نستهلك وقتنا الثمين في مهاترات والرد على إساءات وأكاذيب السفلة، فما يهمنا هو العقل المصري، وبناء الوعي الحقيقي، لأن الحقد على نجاحات مصر وصل إلى درجة غير مسبوقة، لذلك أقول إن "هذا الهجوم الضاري على مصر وحملات الأكاذيب والشائعات والتشكيك والإساءات والطعن والتحريض والتزييف لم تأتِ من فراغ" وذلك ردا على انتقادات من أكاديميين وصحفيين سعوديين للسلطة.
بلع لسان
في حين جاء المقال الجديد، أو ما يمكن أن يوصف بـ"البديل" وقد أثنى عبد الرازق توفيق على العلاقات السعودية بمصر ودور المملكة في دعم مصر منذ حرب أكتوبر 1973 وحتى الآن، وهو ما بدا أنه اعتذار ضمني من جانب الصحيفة ورئيس تحريرها عن المقال السابق ، وإن لم تتضمن المقالة اعتذارا بالشكل الواضح والصريح.
توفيق قال في مقالته الجديدة "أعتز وأفتخر بما تشهده المملكة العربية السعودية من بناء وتنمية وتقدم بقيادة جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز عاهل المملكة العربية السعودية وخادم الحرمين الشريفين وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان".
أضاف رئيس تحرير الجمهورية في مقالته التي نشرها موقع الصحيفة على الإنترنت "إن وطنيتي وعروبتي لا تسمح أبدا بالإساءة إلى أي دولة عربية شقيقة، وأُكنُّ كل الاحترام والتقدير والإجلال والاعتزاز للمملكة العربية السعودية وما يربطها بمصر من علاقات ووحدة مصير وماض وحاضر ومستقبل وقواسم مشتركة، والشراكة كونهما عصب الأمة وصمام الأمن والاستقرار والتقدم لدولهما وشعوبهما، تقديرا وإجلالا نابعا من إيمان عميق واعتزاز وفخر بالمواقف المضيئة والمشرقة المتبادلة بين مصر والسعودية وسائر الدول العربية".
السر
وقد جاء التراجع الرسمي من دولة الانقلاب بعد الغضب الخليجي، وعدم الرضا على الإنفاق البذخي للسيسي في مشاريع لا تمت لحاجة وواقع عموم المصريين بشيء.
بجانب كشف الخليج عن أرقام حسابات تحتوي على مليارات الدولارات لقادة عسكريين ومقربين من السيسي بالخارج، تحصلوا عليها من المساعدات الخليجية التي قدمت للشعب المصري، ولكنها ضلت الطريق إلى بنوك سويسرا.
سيرلانكا
وأكد تقرير اقتصادي، الأحد، أنه ورغم معاناة مصر من أزمة عملة حادة يغذيها الإنفاق غير المستدام والاقتراض غير الخاضع للمساءلة من المقرضين، فإن الشركاء الاقتصاديين والسياسيين سيضمنون أنهم يجتازون الأزمات من خلال فرض التقشف، الذي يحمل عواقبه الخاصة.
وأشار الصحفي المتخصص في الشأن الاقتصادي، توم حسين، في تقرير بعنوان "لماذا باكستان ومصر أكبر من أن تقعا في أزمة اقتصادية على غرار سريلانكا؟" على موقع "South China Morning Post" المهتم بالشؤون الآسيوية، إلى تشابه الأزمة الاقتصادية في مصر وباكستان، حيث ارتفع التضخم، كما أنهما متلقيان رئيسيان للقروض والمساعدات من الصين والمؤسسات الدولية، والحلفاء الإقليميين.
ويضيف، استنادا إلى محللين، أنه رغم أوجه التشابه الظاهرية مع سريلانكا، فإن مصر وباكستان أكبر من أن تفشلا بسبب دعم شركائهما الاقتصاديين والسياسيين المشتركين دول الخليج العربية الغنية بالنفط، وصندوق النقد الدولي وداعميه في مجموعة السبع، والصين.
كما أن نسب ديون البلدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، عند 80% لباكستان و86% لمصر، وهي نسبة يمكن التحكم فيها أكثر من نسبة 122% التي تجاوزتها سريلانكا عندما تخلّفت عن السداد العام الماضي.
ومع ذلك، لا يزال كلاهما، وفقا للتقرير، يعاني من وضع ميزان مدفوعاتهما، وقد أدى ذلك إلى أزمة عملة حادة.
وقال الباحث الاقتصادي نجم علي للصحيفة إن "البلدين من غير المحتمل أن يتخلفا عن سداد الديون على المدى القريب"، مشترطا وجود "الإدارة الاقتصادية الحكيمة إلى جانب اتخاذ القرارات الحاسمة الضرورية لتجنب مثل هذه المخاطر على المدى المتوسط إلى الطويل".
نتائج عكسية للقروض
وفقا للتقرير، فإن "النخب الحاكمة المدعومة من الجيش تهيمن على السياسة في مصر"
في مصر، استثمرت إدارة السيسي الأموال المقترَضة في ما يسمى بالمشاريع الضخمة مثل العاصمة الإدارية الجديدة بقيمة 50 مليار دولار، والتي تساعد الشركات الصينية في بنائها.
وبحسب الباحثة الدولية، شهيرة أمين "ثبت أن القروض تأتي بنتائج عكسية، مما زاد من ضعف المصريين المحرومين.
وأضافت أمين، أن القروض أيضا "أدت إلى تفاقم المشكلات الاجتماعية والاقتصادية"، مشيرة إلى أن ذلك "يرجع بالأساس إلى تبديد الأموال من قبل نخب النظام، حيث تم استخدامها لتمويل مشاريع ضخمة مهدرة فوائد اقتصادية مشكوك فيها للمصريين".
وأكد التقرير أن الفساد والإنفاق غير المستدام والافتقار إلى الإصلاح الهيكلي أديا في نهاية المطاف إلى وصول ماليات مصر إلى نقطة الانهيار العام الماضي، بعد أن أدت الحرب في أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة، مع عدم تمكّن مصر من تمويل واردات الوقود والغذاء مع تقديم خدماتهما الدولية الهائلة.
كما تراجعت قيمة الجنيه المصري خلال العام الماضي، ما يقرب من 45% في حالة العملة المصرية، بعد سلسلة من التخفيضات الكبيرة لقيمة العملة من قبل البنك المركزي التي طلبها كجزء من اتفاقية قرض بقيمة 3 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي.
ويقول المحللون إن "الدائنين الدوليين لا يثقون في حكومات البلدين للوفاء بوعودهما المتكررة بالإصلاح الهيكلي، حيث ذكرت السعودية والإمارات، على سبيل المثال، أن أي مساعدة مالية إضافية لمصر ستتوقف في المقابل على تلقي حصة استراتيجية في واحدة من أكبر الشركات المملوكة للدولة".
وهو ما يضع مصر أمام سيناريو سيرلانكا، بالإفلاس التام والتخلف عن سداد الديون المستحقة، والتي تصل هذا العام نحو 42 مليار دولار، وهو رقم صعب التحقق في مصر دون اللجوء لقروض جديدة، وهو ما يبدو أنه قيد سلسال التطاول من قبل نظام السيسي على الخليج ، الذي ما زال السيسي يراهن عليه للاقتراض أو شراء الأصول المصرية من أجل سداد الديون التي أهدرها السيسي في مشاريع فنكوشية أو في فساد بين أركان نظامه.