حذرت الباحثة الأمريكية "ميشيل دن" بمركز كارنيجي للشرق الأوسط، الأمريكيين من استقبالهم "فرعون" جديد في البيت الأبيض مشابه لفرعون مصر الحالي "السيسي"، قائله: "هل تسلك الولايات المتحدة مسار الاستقطاب والسلطوية على غرار مصر؟".
وفي تقرير نشره مركز كارنيجي للباحثة الامريكية الممنوعة من دخول مصر، والتي تتركز بحوثها على التغيير السياسي والاقتصادي في الدول العربية، وبالتحديد مصر، وعلاقاتها بالسياسات الأمريكية، في تقرير بعنوان: "فرعون في البيت الأبيض" أن هناك مخاوف من أن يعاقب الأمريكان على اختيارهم ترامب كما حدث للمصريين الذين اختاروا السيسي فكلاهما لا يعرف شيئًا عن الاقتصاد ونهجهما قمعي.
وكتبت ميشيل دن تقول إن "خيار انتخاب دونالد ترامب كان منطقي أكثر بكثير بالنسبة إلى شريحة كبيرة من المواطنين الأمريكيين ممن عانوا من تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية خلال الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، إذ شهدت تلك العقود تحولات اقتصادية زرعت الإحباط في نفوس ملايين الأميركيين على أوضاعهم ومستقبلهم".
وأشارت دن إلى أن "الوضع كان مشابها بالنسبة إلى عدد لا بأس به من المصريين الذين سهلّوا تسلم السيسي السلطة، حيث سعى إلى استمالة النساء والمسيحيين وكان الكثير منهم يشعرون بالقلق من أن يقيّد رئيس ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين حقوقهم".
وتابعت: "ومنذ ذلك الوقت، قام السيسي باستخدام نفوذه كرئيس لإصدار مئات المراسيم بما فيها قوانين صارمة تحظر الاحتجاجات، وأخرى لمكافحة الإرهاب وسط غياب البرلمان، وشهدت عمليات فضّ الاحتجاجات التي أمر بها السيسي وحشية لا سابق لها في مصر".
ورات "دنّ" أن ترامب "سيخيب أمل كثير من الأمريكيين حيال مصير تظلماتهم الاقتصادية المشروعة والمتواصلة منذ أمد، حين يرون الإجراءات التي سيتخذها الرئيس المنتخب ترامب، الذي يعتبر دخيلاً على الساحة السياسية وتحوم حوله الشكوك في مجال الأعمال".
وقارنت ذلك بحال المصريين "الذين انتخبوا السيسي رغبة منهم في تحسين أداء الدولة وتحريك عجلة الاقتصاد لكن واقعهم بعد 3 سنوات يتمثل في دولة غير مسؤولة أمام المواطنين بأي طريقة مجدية، إذ تم استبعاد المنافسين والبدائل كافة، وبات الاقتصاد أكثر تدهورًا مما كان عليه في العام 2013".
وقالت أن باحث أخر متخصّص في شؤون الشرق الأوسط نشر تغريدة على تويتر، قال فيها: "الولايات المتحدة تحذو الآن كليّاً حذو مصر"، مؤكده: "أشاطره مخاوفه وقلقه، لكن ثمة سؤال يستحق التوقّف عنده: هل ستسلك الولايات المتحدة مسارًا شعبويًا مُفعَمًا بالاستقطاب والسلطوية، على غرار مصر؟".
على غرار السيسي
وتابعت "كان السيسي كذلك مثل ترامب بالنسبة إلى عدد لا بأس به من المصريين الذين سهلّوا تسنّمه السلطة، فهو سعى إلى استمالة النساء والمسيحيين، ولكن السيسي شرع بلا كلل في ترهيب وإسكات جميع المنتقدين، ليس فقط الإسلاميين، بل أيضًا الشباب الليبرالي واليساري الذي كان في الصفوف الأولى لثورة 2011".
واضافت: "شهدت عمليات فضّ الاحتجاجات التي أمر بها السيسي وحشية لا سابق لها في مصر، كما فرض حظرًا على منافسيه السياسيين الرئيسين – ليس فقط جماعة الإخوان المسلمين بل أيضًا حركة شباب 6 أبريل الليبرالية – معتبرًا الانتساب إلى أي منهما جريمة يعاقب عليها القانون".
واشارت لأنه "مذّاك، تعيش مصر حقبة من الانتهاكات غير مسبوقة لحقوق الإنسان، وحتى من هوامش انخراط في الحياة السياسية أضيق من تلك التي كان مسموحٌ بها في عهد حسني مبارك".
وقالت أن "الأميركيين الذين صوّتوا لترامب، وعلى الرغم من أنه لم يكونوا راضين أساسًا عن قادة الحزبين الديمقراطي والجمهوري على حدّ سواء، لم تكن لديهم النية لرمي ديمقراطيتهم، التي يناهز عمرها القرنين، إلى سلّة المهملات، كما حدث في مصر".
وتابعت: "لعلّ المصريين الذين أعلنوا معارضتهم لمرسي، لم يتعمدوا أيضًا تقويض ديمقراطيتهم الجديدة (فلنتذكر هنا أنهم كانوا يطالبون بإجراء انتخابات رئاسية مبكرّة بدلاً من تهميش كامل للإجراءات الديمقراطية) لكنهم في العام 2013 كانوا في مراحل الانتقال الأولى، فالبرلمان كان قد حُلّ جزئيًا، والقضاء مسيّس، وهذا يعني أن أياً من مؤسسات الحكم لم تكن في وضع يخوّلها الوقوف في وجه السلطة التنفيذية التي يسيطر عليها الجيش".
وقالت إنها حذرت اقاربها الذين قرروا انتخاب "ترامب" من انه سيخيب أملهم حيال مصير تظلّماتهم الاقتصادية المشروعة حين يرَوْن الإجراءات التي سيتخذها ترامب، الذي يُعتبر دخيلاً على الساحة السياسية وتحوم الشكوك حوله في مجال الأعمال.
وقالت لهم: "فقط انظروا إلى حال المصريين، فقد دعموا السيسي عبر انقلاب، وبعدها في انتخابات رئاسية، رغبةً منهم في تحسين أداء الدولة وتحريك عجلة الاقتصاد، لكن واقعهم بعد ثلاث سنوات يتمثّل في دولة غير مسؤولة أمام المواطنين بأي طريقة مجدية، إذ تمّ استبعاد المنافسين والبدائل كافة، وبات الاقتصاد أكثر تدهورًا مما كان عليه في العام 2013".
وقالت إن الفارق بين أمريكا ومصر أنه "على الأقل حين يدرك الأميركيون هذا الواقع، سيبقى لديهم نظام سياسي يخولّهم إطاحة المعربدين، مرة أخرى"، بينما الأمر في مصر مختلف في ظل وجود فرعون جديد.