في ظل موجات الغلاء التي تطارد المصريين في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي، ومع بداية الفصل الدراسي الثاني، فوجئ أولياء الأمور كأنهم في بداية عام دراسي جديد، كتب خارجية بأسعار مبالغ فيها، مستلزمات دراسية يتم شراؤها من البداية، وكلها بأسعار مرتفعة عما كانت عليه في التيرم الأول، ودروس خصوصية ارتفعت أسعارها أيضا، ما زاد من أعباء الكثير من الأسر التي ترزح تحت وطأة الأسعار المشتعلة، لدرجة أن التعليم أصبح لمن استطاع إليه سبيلا أي للأغنياء فقط .
ويتساءل أولياء الأمور عن أسباب هذا الارتفاع المُبالغ فيه في أسعار الكتب والدروس بصورة أصبحت تفوق قدرات الكثير من الأسر، رغم أن التعليم ليس سلعة ترفيهية يمكن الاستغناء عنها.
وطالبوا حكومة الانقلاب بمواجهة سرطان الدروس الخصوصية وتخصيص مجموعات مدرسية بأسعار مخفضة تتناسب مع إمكانيات المصريين الذين يعيش أكثر من 60% منهم تحت خط الفقر وفق بيانات البنك الدولي، أي لا يستطيعون الحصول على احتياجاتهم اليومية الأساسية.
الدروس الخصوصية
من جانبها قالت هالة رضا، ولية أمر لثلاثة أطفال إن "أسعار الدروس زادت في بداية التيرم الثاني، ليرتفع سعر الحصة من 60 جنيها إلى 70 جنيها، وأشارت إلى أن أحد المعلمين أكد لها أن المركز هو السبب في هذه الزيادة بعد أن رفع قيمة ما يحصل عليه من المعلم، الذي قام بدوره بتحميل هذه القيمة على سعر الحصة، وأضافت شادية رمضان ولية أمر أنها كانت متوقعة هذه الزيادة، حيث أكد المعلمون أن أسعار الورق والمراكز قد ارتفعت، وبالتالي سيتحمل الطالب جزءا والمعلم جزءا آخر".
الكتب الخارجية
وتساءل رجب عبدالفتاح، ولي أمر، عن أسباب زيادة أسعار الدروس والكتب الخارجية والتي زادت في التيرم الأول، والمفروض أننا في هذا الوقت نستأنف الدراسة، فلماذ ترتفع الأسعار مرة أخرى؟
وأوضح عبدالفتاح أنه لا يعلم كيف يمكنه تدبير هذه الزيادة في الأسعار، خاصة أنه موظف ودخله محدود، مشيرا إلى أن بند التعليم من الضروريات وليس الرفاهيات التي لا يمكن الاستغناء عنها.
طمع المعلمين
وقال الدكتور تامر شوقي، الأستاذ بكلية التربية جامعة عين شمس إن "الدروس بدأت قبل انطلاق الدراسة كالعادة، لافتا إلى أنه على الرغم من أن إجازة نصف العام هي فرصة للاسترخاء والراحة واستعادة النشاط النفسي والذهني والبدني بل والمادي للطلاب وأسرهم، إلا أنها تحولت إلى فرصة للمعلمين لإعطاء الدروس والحصول على أكبر عائد مادي دون مراعاة لمعاناة الأسر من صعوبة تدبير نفقات الحياة في ظل غلاء الأسعار نتيجة الأزمة الاقتصادية المحلية والعالمية،
وأضاف «شوقي» في تصريحات صحفية، الغريب هو امتداد تلك الظاهرة إلى صفوف النقل وليس فقط الشهادات العامة، رغم أن سنوات النقل يكفي فيها حصول الطالب على أي درجات للنجاح، ولا تتطلب الحصول على الدرجات النهائية مثل الشهادات العامة.
وأرجع السبب وراء ارتفاع أسعار الدروس الخصوصية بشكل مبالغ فيه، إلى ارتفاع تكاليف المعيشة، وطمع المعلمين في حصد أكبر عائد مادي ممكن من الدروس الخصوصية، خاصة أن الكثير منهم ليس معينا في وزارة تعليم الانقلاب أو حاصل على إجازة رسمية منها، وبالتالي فإن الدروس الخصوصية هي مصدر دخلهم الوحيد، بالإضافة إلى استجابة أولياء الأمور لأي زيادة في أسعار الدروس اعتقادا منهم بأنها هي الوسيلة الوحيدة لتعليم أبنائهم والتي لا يمكن الاستغناء عنها.
وأشار «شوقي» إلى أن عدم تقنين الدروس الخصوصية وعدم تحديد سقف لأسعارها جعل كل معلم يغالي في السعر بدون رقيب، لافتا إلى أن بعض المعلمين يعمل معهم أكثر من شخص «مساعدين» والذين يطالبون برفع أجورهم، فضلا عن ارتفاع أسعار الأوراق وحجز قاعات السناتر.
موجة الغلاء
وأكدت منى أبوغالي، مؤسس ائتلاف تحيا مصر بالتعليم، أن أسعار الدروس الخصوصية أصبحت في زيادة مستمرة، بسبب غياب دور المدرسة والمعلم، وكأنها أصبحت أسلوب حياة، مشيرة إلى أن موجة الغلاء السائدة الآن انعكست على أسعار الدروس، حتى تحولت مهنة المعلم السامية إلى سلعة تحت الطلب .
وقالت « منى أبوغالي» في تصريحات صحفية إن "المعلمين ما زالوا يحصلون على رواتبهم على أساسي ٢٠١٤، لذا من الطبيعي أن يبحثوا عن مصدر دخل آخر حتى لو على حساب الطلاب وأسرهم، موضحة أن اللوم هنا ليس على المعلم وحده، فهناك ولي الأمر الذي يتسابق على الاتفاق على الدروس الخصوصية قبل بداية الدراسة بشهور تحت مسمى تأسيس أولادي ولم المناهج، حتى بات كل همه ذهاب الأبناء إلى الدروس".
وأشارت إلى أن الآباء يطالبون برفع الغياب من المدارس حتى لا يذهب الأبناء إلى المدارس، لأن الاعتماد الأساسي أصبح على الدروس الخصوصية أو السناتر، وهنا تظهر الأزمة الحقيقية، والسبب الرئيسي في ارتفاع أسعار الدروس الخصوصية بل وأكثر، حيث أصبح المعلمون يختارون الطلاب المتفوقين وذلك لزيادة شهرة المعلم وفتح سوق عمل له، ومن هنا يستطيع تحديد سعر الحصة كما يشاء.
وأوضحت «منى أبوغالي» أنه رغم أن أغلب أولياء الأمور يعانون الغلاء، إلا أن تعليم أبنائهم هو الهدف الأول والأخير لهم لذلك يسعون لتوفير أموالهم لهذا البند ولو على حساب صحتهم وحياتهم وباقي التزاماتهم، ومن هنا بدأ التنازل عن حق الطالب في التعليم الجيد داخل المدارس وتناسينا بنود الدستور المصري، التي تنص على أن التعليم حق وليس سلعة، لكن أصبح الآن التعليم لمن استطاع إليه سبيلا.
وطالبت أولياء الأمور، بعدم ترك حق أولادهم في التعليم بالمدارس، وعدم التهاون في تقديم شكاوى في كل مقصر يحاول سلب حق أولادهم، فلا يضيع حق وراءه مُطالب، مشددة على ضرورة العمل على عودة الدور الطبيعي للمدارس والمعلمين، وإعادة هيكلة المناهج التعليمية، والنظر لحل مشاكل المعلمين ماديا لأن تكلفة الجاهل أكثر بكثير من تكلفة المتعلم.