مع ارتفاع كُلفة تأمين الديون ضد التخلف عن السداد..السيسي يقود مصر نحو الإفلاس

- ‎فيتقارير

 

رغم توقيع نظام الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي اتفاق تمويل بقيمة 3 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي لسداد أقساط وفوائد الديون التي أغرق البلاد فيها، تراجعت ثقة مستثمري السندات في الاقتصاد المصري وسادت حالة من التخوف من إفلاس مصر بسبب كوارث عصابة العسكر.

وكشفت وكالة “بلومبيرج” عن ارتفاع عقود مقايضات التخلف عن السداد للديون المصرية، بأسرع وتيرة في جميع أنحاء العالم بعد الإكوادور، الشهر الماضي، مشيرة إلى ظهور بوادر الضيق في سوق السندات مرة أخرى، ما يشير إلى توقعات بحدوث تخفيض كبير لقيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية خلال الشهور المقبلة .

وأكدت الوكالة في تقرير لها أن الشكوك حول تقدم نظام الانقلاب في متابعة مبيعات الأصول والتزامه سعر صرف أكثر مرونة دفعت الهوامش على بعض سندات حكومة الانقلاب طويلة الأجل إلى ما يقرب من 1000 نقطة أساس فوق سندات الخزانة الأمريكية، الذي يمثل الحد الأدنى للديون التي يجب اعتبارها متعثرة.

وأشار التقرير إلى ارتفاع كلفة تأمين الديون المصرية ضد التخلف عن السداد إلى نحو 1200 نقطة أساس، ارتفاعا من أدنى مستوى في تسعة أشهر عند 720 نقطة تم الوصول إليه في يناير الماضي.

وحذر من أنه بدون تسريع بيع الأصول واعتماد سعر صرف مرن خلال العامين المقبلين لسد فجوة التمويل الخارجي ستقع حكومة الانقلاب في مستنقع التخلف عن سداد الديون، مؤكدا أن فشل نظام الانقلاب في تنفيذ الإصلاحات يزيد بشكل كبير من المخاطر متوسطة الأجل التي تتطلب شكلا من أشكال تخفيف الديون.

 

البنك المركزي

 

كان البنك المركزي المصري قد أعلن أن أعباء خدمة الدين الخارجي بلغت 4.8 مليار دولار خلال الفترة من يوليو وحتى سبتمبر من العام المالي 2022-2023، وبلغت الأقساط المسددة نحو 3.2 مليار دولار والفوائد المدفوعة نحو 1.6 مليار دولار.

وقال البنك في بيان له إنه “وفقا للمؤشرات، فإن نسبة رصيد الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي بلغت نحو 32.4 في المئة نهاية سبتمبر 2022 زاعما أن الديون لا تزال في الحدود الآمنة وفقا للمعايير الدولية”.

فيما اعترفت وزارة مالية الانقلاب بارتفاع مصروفات فوائد ديون مصر خلال النصف الأول من العام المالي الجاري، بنسبة 36.2 في المئة على أساس سنوي.  

وقالت الوزارة في تقريرها الشهري إن “مصروفات فوائد الديون ارتفعت إلى 392.84 مليار جنيه (12.721 مليار دولار) خلال الفترة من يوليو حتى نهاية ديسمبر الماضي، مقابل 288.36 مليار جنيه (9.338 مليار دولار) خلال الفترة نفسها من العام المالي الماضي”.  

وأشارت إلى أن مصروفات الديون استحوذت على نسبة 42 في المئة من إجمالي مصروفات مصر خلال الأشهر الستة البالغة 940.8 مليار جنيه (30.466 مليار دولار)، وصعدت مصروفات فوائد الديون الخارجية خلال الفترة إلى 41.9 مليار جنيه (1.356 مليار دولار)، مقابل نحو 23.97 مليار جنيه (0.776 مليار دولار) خلال الفترة المقارنة نفسها.

وأكد التقرير ارتفاع مصروفات فوائد الديون المحلية لغير الحكوميين إلى 339.92 مليار جنيه (11.007 مليار دولار) خلال النصف الأول من العام المالي الجاري، مقابل 263.84 مليار جنيه (8.544 مليار دولار) خلال الفترة نفسها من العام السابق.

 

صندوق النقد

 

في المقابل حذر صندوق النقد الدولي، من أن نظام الانقلاب يواجه فجوة تمويلية قيمتها 17 مليار دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة، لافتا إلى أن قرض صندوق النقد الدولي البالغ ثلاثة مليارات دولار يمثل أقل من 20 في المئة من هذه الفجوة.

وتوقع الصندوق سداد باقي الفجوة التمويلية من خلال دائنين متعددي الأطراف ومؤسسات دولية أخرى، بما في ذلك البنك الدولي، والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وكذلك من عائدات بيع الأصول المملوكة لدولة العسكر إلى صناديق الثروة السيادية التابعة للشركاء الخليجيين.

وأشار إلى أن السيسي سيواصل إغراق مصر في مستنقع الديون، حيث سيحصل على أكثر من خمسة مليارات دولار، قبل نهاية العام، من مجموعة من المقرضين، إضافة إلى حصوله على ملياري دولار من خلال بيع بعض الأصول المملوكة لدولة العسكر، موضحا أن السيسي سيلجأ إلى البنك الدولي، وبنك التنمية الصيني، والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وصندوق النقد العربي، وبنك التنمية الأفريقي للحصول على التمويل المتبقي لسداد أعباء الديون.

وكشف الصندوق أن السيسي حصل على تأكيدات أن ودائع دول الخليج في البنك المركزي المصري بقيمة 28 مليار دولار لن تستحق قبل نهاية فترة برنامج القرض في سبتمبر 2026، ولن تستخدم لشراء أسهم أو ديون.

 

الترتيب الخامس

 

حول هذه الأوضاع الكارثية أكد الخبير الاقتصادي محمود وهبة أن مصر في زمن الانقلاب تتجه نحو الإفلاس بسبب سياسة الاقتراض التي يتبعها السيسي، معتبرا أن الحل يتمثل في رحيل عبد الفتاح السيسي.

وقال وهبة في تصريحات صحفية إن “الاقتصاد المصري يعاني بسبب ارتفاع الاقتراض من الخارج، مؤكدا أن الوضع الاقتصادي في مصر يشبّه الوضع في سريلانكا بسبب ارتفاع الدين الخارجي”.

وكشف أن هناك تقارير تضع مصر في الترتيب الخامس في قائمة الدول المهددة بشكل جدي بالإفلاس، متوقعا أن تعجز مصر عن سداد ديونها الخارجية خلال الفترة المقبلة بسبب كثرة القروض وفشل دولة العسكر في توفير السيولة.

وأشار وهبة إلى أنه خلال آخر مرة قام فيها نظام الانقلاب بسداد قرض أجنبي، وجد نفسه مجبرا على دفع ذلك من احتياطي البنك المركزي، الذي من المفترض ألا يحدث باعتبار أن الاحتياطي ينظم السياسة النقدية ويضمن شراء الأكل.

وأضاف، نظام الانقلاب قال في أول مرة انخفض فيها الاحتياطي إن “ذلك يرجع إلى سداد الديون، وفي المرة الثانية لم يكشف عن السبب لكن من المرجح أن يكون للسبب ذاته، مؤكدا أن صندوق النقد الدولي والدعم الخارجي وتلك الأشياء لا يمكن لها أن تحل المشكلة، لأنها فقط مسكنات”.

وشدد وهبة على أن برامج وتمويلات صندوق النقد الدولي لن تنقذ السيسي من الإفلاس، مؤكدا أن نظام الانقلاب سوف يتوقف مجبرا عن سداد الديون بما يعني عمليا إعلان الإفلاس.

وقال “نظام الانقلاب لن يعلن إفلاس الدولة، وسيلجأ إلى جميع أنواع الخدع والألاعيب من أجل أن يغطي على ذلك، لكنه في الأخير لن يقدر على سداد ديونه موضحا أن الإفلاس معناه أن النظام المصرفي سيتضرر، وقيمة الجنيه ستنخفض، والغلاء سيكون أسوأ، مثل سريلانكا، ولبنان، والأرجنتين، واليونان وهو ما يلمسه المصريون الآن”.

وأضاف وهبة، رحيل النظام يعني التوقف عن أخذ الديون، والحاكم الجديد سيبلغ الدول الدائنة أن النظام كان فاسدا، ولو استقال السيسي فإن مصر ستكون في وضع أفضل بكثير.

 

الحرب الروسية

 

وقال الدكتور عبد المنعم السيد مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن “الحرب الروسية على أوكرانيا أثرت سلبا على الاقتصاد المصري، سواء من ناحية تراجع إيرادات السياحة بعد توقف السياحة الواردة من روسيا وأوكرانيا والبالغة نحو 5 ملايين سائح سنويا، أو من ناحية رفع فاتورة استيراد مصر من الحبوب والقمح بعد ارتفاع الأسعار عالميا، وكذلك النفط الذي سجل مستويات ضعف المقدر له في الموازنة العامة لدولة العسكر”.

وأضاف السيد، في تصريحات صحفية أن تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا بالإضافة إلى استمرار البنك الفيدرالي الأمريكي في سياسة رفع الفائدة أثر سلبا على حجم تدفقات النقد الأجنبي، حيث اتجهت الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين الحكومية للخروج من الأسواق الناشئة ومنها مصر.

وأشار إلى أن حكومة الانقلاب تحاول إعادة هيكلة الدين الخارجي، من خلال تنويع أدوات الدين، وتوزيع سلة الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية، وعدم الاعتماد فقط على الدولار، وجذب سيولة إضافية لسوق الأوراق المالية، في ظل الضغط على طلب الدولار، مؤكدا أن تمويل صندوق النقد الدولي بجانب السندات لن تكفي لإعادة التوازن في السوق المحلي لسد احتياجاته من الدولار اللازم للاستيراد.