قرض جديد بقيمة 7 مليارات دولار.. مصر تحت وصاية مؤسسات التمويل الدولية؟

- ‎فيتقارير

لم يعد أمام الدكتاتور عبدالفتاح السيسي سوى ثلاثة أمور من أجل تسيير شئون الدولة: الأول  هو التوسع في الاقتراض الخارجي والداخلي. الثاني هو بيع المزيد من أصول الدولة والشركات الرابحة للأجانب من الخليج أو غيره. الثالث هو فرض المزيد من الرسوم والضرائب واستهداف شرائح جديدة من المصريين من خلال العمل على ضم الاقتصاد الموازي للاقتصاد الرسمي للدولة لزيادة غلة الحصيلة الضريبية التي تقترب حاليا من تريليون جنيه سنويا.

وقد أعلن البنك الدولي الأربعاء 22 مارس 2023م عن موافقته على شراكة جديدة مع نظام السيسي العسكري خلال السنوات المالية 2023-2027، ليحصل النظام الذي اغتصب الحكم بانقلاب عسكري في منتصف 2013م بموجب هذه الشراكة على تمويل بقيمة سبعة مليارات دولار، بحسب بيان للبنك. وذكر البيان أن الاتفاق يتضمن تقديم مليار دولار سنويًا من البنك الدولي للإنشاء والتعمير، ونحو ملياري دولار خلال فترة الشراكة بأكملها من مؤسسة التمويل الدولية. وتهدف الشراكة لمساندة مصر في التخفيف من حدة نتائج تغير المناخ والتكيف معه في المنطقة، فضلًا عن محورين متداخلين: الحوكمة ومشاركة المواطنين، وتمكين المرأة، وفقًا للبيان.

ويشترك في تنفيذ إطار الشراكة الإستراتيجية كل من البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية والوكالة الدولية لضمان الاستثمار، وذلك بالبناء على محافظ المشروعات الحالية وتبني نهج مرن لتمويل العمليات. وتمثل وزيرة التعاون الدولي، رانيا المشاط والتي تشغل أيضاً منصب محافظ مصر في مجموعة البنك الدولي ، الطرف الحكومي الرئيسي في تخطيط إطار الشراكة الإستراتيجية وتنسيقه ومتابعته.

ووفقاً للبيان، فإن الإستراتيجية الجديدة تسعى إلى تحقيق ثلاث أهداف رئيسية في مصر، وهي زيادة فرص العمل في القطاع الخاص وتحسينها، وتعزيز نواتج رأس المال البشري، وأخيراً تحسين القدرة على الصمود في وجه الصدمات. كما تهدف إستراتيجية الشراكة إلى تعزيز دور مصر في تحقيق التكامل الإقليمي، من خلال تعزيز التجارة الإقليمية وزيادة خدمات الربط البيني في مجالات البنية التحتية والنقل والطاقة والعمالة. وحدد الإطار محورين متداخلين، وهما الحوكمة ومشاركة المواطنين، وتمكين المرأة.

 

مصر تحت الوصاية

وحسب محللين وخبراء فإن نظام السيسي العسكري يخفي عن المصريين مدى سيطرة صندوق النقد الدولى على رسم السياسات المالية للاقتصاد المصري وذلك منذ اتفاق القرض الأول في نوفمبر 2016م الذي بلغت قيمته 12 مليار دولار تسلمها السيسي على مدار ثلاث سنوات (2016/2019)، وتزايد نفوذ الصندوق بلجوء السيسي إلى الصندوق مجددا  في منتصف 2020م بدعوى مواجهة تداعيات تفشي جائحة كورونا فحصل على دعم سريع قدره 2.8 مليار دولار، ثم قرضا ثالثا بنحو 5.2 مليار دولار. ثم القرض الأخير في مارس 2022م بقيمة "3" مليارات دولار وتسهيل حصول النظام على نحو 5 مليارات أخرى من الشركاء متعددي الأطراف والإقليميين، بما سيساعد على تعزيز الوضع الخارجي للبلاد، بخلاف الحصول على مليار دولار أخرى من خلال صندوق الاستدامة وهي آلية جديدة اعتمدها الصندوق لمساعدة الدول النامية، ليصبح إجمالي المبلغ 9 مليارات دولار. الأمر الذي يعني أن مصر باتت من أكثر الدول حصولا على قروض من صندوق النقد الدولي بعد الأرجنتين.

وكان من اللافت في الشروط التي تضمنها الاتفاق الأخيرة مع صندوق النقد الدولي شرطا غير مسبوق يضع مصر فعليا تحت وصاية صندوق النقد الدولي؛ حيث نص على أن «يلعب شركاء مصر الدوليون والإقليميون دورا حاسما في تسهيل تنفيذ سياسات السلطات وإصلاحاتها"، دون أن يوضح من هم وما هو دورهم، إلا أن محللين اعتبروا ذلك تدخلا في شؤون البلاد، ووصاية عليها. هذه الشروط التي تضعها مؤسسات التمويل لإقراض نظام السيسي تعني زيادة نفوذها في صناعة القرار المصري ورسم  السياسات الاقتصادية والاجتماعية والسماح بتدخلها في السياسات والإجراءات الحكومية والمالية وفرض وصاية على إدارة المشهد. وعند  التعثر عن السداد  ستضع هذه المؤسسات يدها على الاصول المصرية الرابحة بما يعني فعليا أنه احتلال بأدوات المال والاقتصاد؛ الأمر الذي يعيد إلى الأذهاب حقبة الخديوي إسماعيل الذي تسبب توسعه في الاقتراض في احتلال مصر نحو 74 سنة (1882 ـ1956)؛ لأن مصر أصبحت تحت الوصاية الإقليمية (الخليج)والدولية (مؤسسات التمويل التي يهمين عليها الأمريكان والغرب).

وضع مصر تحت وصاية مؤسسات التمويل الدولية يعني بكل بساطة أن هذه المؤسسات لن تكتفي بالتدخل السافر في رسم السياسات المالية والاقتصادية بل ستضع يدها على إيرادات الدولة وسوف تمنح الأولوية لسداد الديون الأمر الذي يعني أن مصر تفقد سيادتها فعليا ويصبح الشعب كله تحت وصاية  الدائنين ومؤسسات التمويل الدولية التي يديرها الغرب والأمريكان، مع التعثر في السداد فإن الدائنين سيضعون يدهم على مؤسسات الدولة وأصولها وهو عين الاحتلال وتدمير كامل لمعنى سيادة الدولة واستقلالها. في هذه الحالة سيكون على الشعب إما الخضوع لموجة احتلال أجنبي جديدة أو أن يحرر نفسه ووطنه من العصابة العسكرية والديانة (الدائنين) في ذات الوقت، لكنه سيكون تحريرا واستقلالا حقيقيا وليس شكليا مدارا كما جرى في يوليو 1952م.