توقع خبراء ومؤسسات مصرفية دولية تراجعا جديدا للجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي والعملات الأجنبية مع نهاية الأسبوع الجاري، وتزامنا مع حلول عيد الفطر المبارك .
وأكد الخبراء أن نظام الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي سوف يستجيب لإملاءات صندوق النقد الدولي بتحرير سعر الصرف وتخفيض قيمة الجنيه خلال أيام، مؤكدين أن الدولار قد يتجاوز الـ 50 جنيها عقب اجتماع المركزي المصري نهاية الأسبوع الجاري الذي تترقبه الأسواق .
وكشفوا عن ارتفاع سعر العقود الآجلة للجنيه أمام الدولار، مؤكدين أن ذلك يرجع إلى 3 أسباب تتعلق بحالة عدم اليقين بشأن سعر صرف الجنيه المستقبلي، وكذلك سعر الفائدة الحالي المطبق على الجنيه والدولار، ويصب ارتفاع تكلفة المخاطر الاقتصادية العالمية في صالح الدولار مقارنة بأي عملة في الأسواق الناشئة ومنها مصر .
وأوضح الخبراء أن حالة عدم اليقين بشأن صعوبة تحديد المراقبين لزيادة سعر الفائدة التي سيقررها الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأمريكي) على الدولار، وكذلك صعوبة توقع اتجاه لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي لرفع سعر الفائدة في اجتماعها المقبل أو في اجتماع استثنائي انعكس على زيادة مخاطر تذبذب سعر الجنيه أمام الدولار باعتباره من أحد العوامل التي تؤخذ في الحسبان عند تحديد قيمة الجنيه، أما السبب الثالث فهو صعوبة إيجاد عارضين من البنوك المراسلة خارج مصر للموافقة على إتمام عقود آجلة للدولار في ظل حالة عدم اليقين القائمة حاليا.
العقود الآجلة
كانت العقود الآجلة غير القابلة للتسليم للجنيه المصري قد واصلت تراجعاتها القوية خلال الأيام الماضية، حيث تخطت حاجز الـ 40 جنيها مقابل الدولار لأجل 12 شهرا، وفقا لبيانات وكالة "بلومبرج".
والعقود الآجلة هي عقود تتم بين طرفين، حيث يضع كل طرف رهانه في هذا العقد على السعر الذي سيصل إليه الجنيه بعد عام من الآن ، إذا كانت لأجل 12 شهرا، ولهذه السبب سميت آجلة أي لا تحدث عاجلا.
وتعتبر العقود الآجلة غير القابلة للتسليم، مجرد أداة تستخدم عموما للتحوط أو المضاربة على العملات عندما تزيد ضوابط الصرف من صعوبة تداول الأجانب في السوق الفورية مباشرة، حيث يختلف العقد الآجل غير القابل للتسليم عن العقد الآجل العادي في أنه لا توجد تسوية فعلية للعمليتين عند حلول موعد الاستحقاق.
ودائما ما تتسع الفجوة بين السعر الرسمي والعقود الآجلة في أوقات الأزمات أو الضغوطات التي يشهدها الاقتصاد المصري بفعل شح العملة وهروب الأموال الساخنة، وهو ما حدث في مارس وأكتوبر من العام الماضي، ويناير هذا العام، مما استدعى تخفيضا جديدا في قيمة الجنيه لتقليل الفجوة بين السعر الرسمي والسعر بالسوق السوداء .
صندوق النقد
من جانبه طالب صندوق النقد الدولي حكومة الانقلاب بتعديل سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، زاعما أن هذا التعديل عامل أساسي لاستقرار الاقتصاد المصري، فيما يعد خفض التضخم للمستهدف الذي حدده المركزي ضروري.
وزعم توبياس أدريان، رئيس إدارة الأسواق النقدية والرأسمالية في صندوق النقد الدولي، أن تعديل سعر صرف الجنيه يتيح للبنك المركزي تطبيق السياسات النقدية المواتية للظروف المحلية.
وقال إنه "نظرا لارتفاع وتيرة التضخم في مصر؛ فمن الضروري تطبيق مزيج من السياسات النقدية والمالية لاستعادة الاستقرار لاقتصاد البلاد وفق تعبيره".
أعباء إضافية
في هذا السياق أكد تقرير بنك "إتش إس بي سي" أن التراجع في سعر صرف العملة المصرية سيضيف أعباء إضافية إلى الأسعار المرتفعة بالفعل، ومن الممكن أن يرفع معدل التضخم فوق 40% خلال أشهر الصيف، وتوقع البنك أن يواصل البنك المركزي زيادة أسعار الفائدة، وهو ما يؤثر سلبا على معدلات النمو التي تعاني بالفعل بسبب تراجع المعنويات وهبوط الدخل الحقيقي، كما سيضيف ضغوطا على التمويل العام، مما يؤخر الاستقرار في معدلات الدين المرتفعة بالفعل.
وأشار التقرير إلى أن الدولار سيصل لمستويات الـ 40 جنيها خلال الأشهر القادمة، أي على المدى المتوسط موضحا أن بنك "إتش إس بي سي" كان قد توقع في وقت سابق أن يبلغ سعر الدولار مستوى 30-35 جنيها خلال العام الحالي، لكن التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري دفعته لتعديل توقعاته المتعلقة بالجنيه لتصل إلى ما بين 35 – 40 جنيها خلال الأشهر القادمة وعلى المدى المتوسط .
بينما أكد بنك أوف أمريكا أن تراجع الجنيه هو الحل العملي لسد فجوة التمويل الخارجية التي تعاني منها مصر في زمن العسكر.
وتوقع البنك تراجعا كبيرا في قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية دون تحديد نسبة التراجع.
السوق السوداء
وكشفت مصادر مصرفية أن نقص المعروض من العملة الأجنبية تسبب في عودة السوق السوداء للدولار مع تراجع البنوك في تدبير العملة للمستوردين في ظل تراجع الأموال الساخنة واستثمارات الأجانب في أدوات الدين العام الفترة الأخيرة بالتزامن مع رفع سعر الفائدة الأمريكية وهبوط الذهب عالميا وتراجع مؤشر الدولار.
وأكدت المصادر، أن الدولار صعد إلى مستوى 40 جنيها في السوق السوداء، مشيرة إلى أن نقص توافر الدولار دفع حائزيه لمزيد من التمسك به، ما دفع السعر للارتفاع من متوسط 34 جنيها الأسبوع الماضي ليتخطى 36 جنيها.
وتابعت أن التزامات نظام الانقلاب الخارجية والتي تتراوح بين 2.5 و3 مليارات دولار ستدفع نحو تحريك سعر الجنيه مقابل الدولار لاجتذاب حائزي العملة الأجنبية، وزيادة تحويلات المصريين بالخارج من خلال استهدافهم بأوعية ادخارية مغرية.
نقص العرض
وقالت الخبيرة المصرفية د. سهر الدماطي إن "التوقعات تشير إلى خفض جديد في قيمة الجنيه الفترة المقبلة في ظل نقص العرض من العملات الأجنبية".
وأشارت سهر الدماطي في تصريحات صحفية إلى أن هناك توقعات باستمرار رفع الفائدة الأمريكية الأمر الذي سيدفع نحو خروج الاستثمارات الأجنبية من مصر، وهو ما يتوقع معه مزيد من الإجراءات من جانب البنك المركزي برفع سعر الفائدة وخفض محدود لسعر الجنيه مقابل الدولار.
صعود مرتقب
وأكد الخبير الاقتصادي هاني جنينه أن هناك تحركات في سعر الصرف وصعود مرتقب لسعر الدولار مقابل الجنيه بسبب ارتفاع قوي للطلب على العرض مع وجود ضغوط لزيادة الاستيراد لتشغيل المصانع.
وتوقع جنينة في تصريحات صحفية ارتفاع الدولار أمام الجنيه في النصف الأول من العام الحالي لتصفية السوق السوداء، مشيرا إلى أن سعر الدولار قد يتراجع تدريجيا أمام الجنيه في النصف الأخير من العام الجاري.