قال مراقبون: إن “السيسي وعسكر الانقلاب تخلوا مبكرا عن فقراء مصر، وباتوا الأقرب للتضحية في كل شروط صندوق النقد الدولي ليسهل للسيسي الحصول على قرض هزيل ب3 مليارات دولار”.
فقبل ساعات، قررت وزارة التموين بحكومة السيسي زيادة أسعار جميع أنواع السلع على بطاقات الدعم بداية من شهر مايو الجاري، بجانب خفض أحجام وأوزان سلع أخرى مثل الجبنة واللبن الجاف والطحينة.
ورفعت “التموين” أسعار 29 سلعة أساسية من المقررات التموينية حوالي 25% بداية من 1 مايو، رغم وعد علي المصيلحي وزير تموين السيسي أن الغلاء سيكون لسلعتين فقط شهريا.
كما أعلن إرجاء تطبيق تلك الزيادات لحين موافقة مجلس الوزراء، ليعلن عضو المكتب الإعلامي تنفيذ الزيادات السعرية بعد مرور ساعات قليلة فقط من مؤتمر الوزير.
أما ثالثة الأسافي فكان أن ارتفعت أسعار بيع السلع على البطاقات المدعومة بنسبة تزيد على 50%، وليس 25% كما أعلن المصيلحي مقارنة بمتوسط أسعارها بداية عام 2022، مع ثبات مبلغ الدعم بقيمة 50 جنيها أول 4 أفراد مقيدين على البطاقة، و25 جنيها للفرد الخامس، على أثر فرض أكثر من زيادة على أسعار بيع السلع الأساسية مثل الزيت والسكر والأرز.
فرم المواطنين
وكالة “رويترز” أعدت تقريرا بالتزامن مع وصول سعر الدولار ل30 جنيها، توقعت أن يستمر رفع الدعم عن الفقراء ولا يتوقف وسط قلق وترقب يسيطران على الأسر المصرية، بعدما تواصل انخفاض قيمة الجنيه المصري في الآونة الأخيرة وكسر الدولار حاجز 30 جنيها للمرة الأولى في التاريخ، حتى بات الشعور السائد لدى المصريين هو أن حكومتهم تخلت عنهم لصالح صندوق النقد الدولي واشتراطاته.
وقالت: إن “الطبقة الوسطى في مصر تواجه مخاوف حقيقة من تدهور الوضع الاقتصادي الذي يهدد وجودها”.
وصندوق النقد الدولي منذ تأسيسه، في 1944م، ضمن منظومة “بريتون وودز”، يعمل لمصلحة الحكومات، لا المواطن الفقير.
واعتبر المراقبون أن سياسات صندوق النقد تفرم المواطن وتذله عبر الشروط والإملاءات التي يفرضها على الدول المدينة التي تلجأ إليه لإنقاذها من الغرق.
ولعل أبرز مظاهر تخلي حكومة السيسي عن الفقراء استجابة لصندوق النقد، ما صدر عنها بالقرار رقم 69 لسنة 2023 الذي نشرته الجريدة الرسمية، بحظر الإنفاق على المنح الدراسية في الداخل والخارج والخدمات الاجتماعية والرياضية والترفيهية للعاملين ومستلزمات الألعاب الرياضية وإعانات مراكز الشباب.
رفع أنواع السلع
ومن المظاهر الأخرى، رفع الدعم عن التموين، حيث وصل سعر كيلو السكر المعبأ إلى 12.60 جنيها بدلا من 10.5، و30 جنيها لزيت الخليط بدلا من 25 جنيها، وعبوة الزيت زنة 800 مل سيتم بيعها بـ 30 جنيها، في حين أن تدعي وزارة التموين بحكومة السيسي تكلفتها الفعلية 35 جنيها.
أما سعر كيلو الأرز فوصل إلى 12.60 جنيها بدلا من 10.5 جنيهات، وسعر مكرونة 800 جرام 13 جنيها بدلا من 12، فيما وصل كيس مكرونة 400 جرام إلى 6.5 جنيه بدلا من 6 جنيهات، وسعر العدس المجروش 500 جرام 21 جنيها بدلا من 12، والفول المعبأ 500 جرام 9 جنيهات بدلا من 7.5 جنيهات.
ووصل سعر جبنة تتراباك 125 جراما إلى 7 جنيهات، ووزن 250 جراما إلى 14 جنيها بدلا من 7.5 جنيهات، وخفض وزن الطحينة البيضاء، ليصل الكيس إلى 24 جراما بسعر 2.5 جنيهان بدلا من ظرف 140 جراما بجنيهين.
تسلسل الرفع
وشهدت سنة 2022 رفع أسعار سلع التموين أربع مرات؛ آخرها في سبتمبر، حيث قررت وزارة التموين الخميس (29 سبتمبر 2022م) برفع أسعار “8” سلع أساسية على بطاقات التموين اعتبارا من السبت غرة أكتوبر 2022م.
وفي غرة يناير ثم مارس “2022” شهدت أسعار سلع التموين ارتفاعين لسبع سلع تموينية، كما رفعت أسعار 25 سلعة على بطاقات التموين من أصل 32 سلعة متاحة بنسب بين 5 إلى 15% في إبريل الماضي 2022م بهذه الزيادات الأربعة في سنة 2022م تكون أسعار السلع التموينية قد ارتفعت بنسبة 50% عما كانت عليه في 2021 مع ثبات مخصصات الدعم للأفراد عند 50 جنيها لأول 4 أفراد مقيدين على البطاقة، و25 جنيها لما زاد عن ذلك.
الدعم قبل الانقلاب
وقبل الانقلاب الذي تزعمه عبدالفتاح السيسي في يوليو 2013م، كان المواطن المصري المسجل في منظومة الدعم، يحصل على دعم عيني عبارة عن (1.5 كجم زيت + 2 كجم أرز + 2 كجم سكر) في مقابل عشرة جنيهات فقط؛ حيث كان سعر عبوة الزيت (1 كجم) ثلاثة جنيهات، وسعر(1 كجم) من الأرز (1.5) جنيها، وسعر (1 كجم) من السكر جنيها وربع الجنيه.
وذلك بخلاف الخبز المدعوم؛ حين شرع وزير التموين الأسبق الدكتور باسم عودة الشهير بوزير الغلابة في تطبيق منظومة الخبز الجديدة في يناير 2013م بربط نصيب المواطن من الخبز على بطاقة التموين بما يسمى بفارق نقاط الخبز والتي تسمح للمواطن إما صرف الخبز(5 أرغفة وزن 130 جراما كل يوم) أو صرف الدقيق أو صرف سلع بديلة للخبز أو بما تبقى له من حقه في الخبز المدعوم، وتم البدء بتطبيق المنظومة بدءا من محافظة بورسعيد لتقييمها ودراستها جيدا وتلافي ما يظهر بها من عيوب قبل تعميمها على باقي محافظات الجمهورية لاحقا.
والفرد في بطاقة التموين إذا أراد أن يحصل على نفس الكمية التي كان يتحصل عليها قبل يوليو 2013 يتعين عليه أن يدفع حاليا نحو 116 جنيها بأسعار التموين(60 جنيها ثمن الزيت + 28 جينها ثمن الأرز + 28 جنيها ثمن السكر)؛ فإذا كان مخصصا له “50” جنيها فسيدفع 66 جينها للحصول على ذات الكمية، وإذا كان مخصصا له “25” جنيها فسيدفع “91” جنيها، أما إذا كان تم حذفه من منظومة الدعم فإن المسكين سوف يشتري ذات الكمية بالسعر الحر. وبناء على الأسعار الجديدة فإن نفس الكمية سوف يحصل عليها المواطن بد دفع نحو 150 جنيها وليس 10 جنيهات فقط قبل الانقلاب.
القدرة الشرائية
وبخلاف رفع الدعم، وارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية فإن ضعف القدرة الشرائية للمصريين بعد استمرار انخفاض قيمة الجنيه، (أحد شروط صندوق النقد)، دفع البلاد إلى أوضاع قاسية.
أستاذ الاقتصاد بجامعة “جون هوبكنز” في ميريلاند “ستيف هانك” المتخصص في التضخم البالغ الارتفاع، يقول: إن “نسبة التضخم الحقيقية السنوية تصل إلى 88%”.
أما روبروت سبرنجبورج فأعتبر أن “مصر تسير من السئ إلى الأسوأ”.
ويعيش ثلث سكان مصر البالغ عددهم 104 ملايين تحت خط الفقر، وفق البنك الدولي، بينما الثلث الآخر معرضون لأن يصبحوا فقراء.
وعلق الخبير الاقتصادي “مصطفى عبدالسلام” على ذلك بالإشارة إلى أن قدرة الأسرة المصرية في مواجهة تبعات تهاوي قيمة الجنيه باتت ضعيفة، في ظل مواصلة ارتفاع سعر الدولار ومواصلة الحكومة خفض الدعم وزيادة الضرائب والرسوم وكلفة فواتير المياه والكهرباء والمواصلات العامة وغيرها.
وأضاف أنه إذا كان قطاع من المصريين تحملوا أعباء التعويم في 2016، فإن الأغلبية لا تتحمل تكرار هذا السيناريو مرة أخرى بشكل أعنف، فالمواطن يواجه غلاء فاحشا لسببين، أولا التضخم وانخفاض الجنيه، وثانيا تداعيات حرب أوكرانيا وارتفاع أسعار الحبوب والغذاء والمشتقات البترولية والغاز”.
ويبلغ متوسط الأجور في مصر، وفق أحدث دراسة نشرت في العام 2020، 69 ألف جنيه سنويا (قرابة 2300 دولار)، أي أعلى قليلا من خط الفقر الذي حدده البنك الدولي بـ3.8 دولارات يوميا.