البنك الدولي يحذر من مجاعة..ثالوث الفقر والجهل والمرض يطحن المصريين في زمن الانقلاب

- ‎فيتقارير

 

الأزمات الاقتصادية الطاحنة التي تسبب فيها نظام الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي خلال السنوات العشرة الماضية، جعلت المصريين يعيشون في مستنقع الفقر والجوع والذل والمرض والجهل، فالمواطن لا يستطيع الحصول على احتياجاته الضرورية لضعف قدرته الشرائية، بسبب ارتفاع الأسعار وموجات الغلاء التي لا تتوقف وتراجع قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية وانخفاض دخله وكذلك لا يحصل على الرعاية الصحية بسبب انهيار المنظومة الصحية، وأيضا لا يحصل على التعليم الذي يوفر له فرصة في سوق العمل، وهكذا أصبح المصريون مهددين بثالوث الفقر والجهل والمرض بسبب استحواذ عصابة العسكر على موراد البلاد وتبديدها على المصالح الخاصة وعلى استرضاء الدول الكبرى للتغطية على جرائم السيسي وانتهاكاته لحقوق الإنسان .

كان البنك الدولي قد حذر من أزمة انعدام أمن غذائي شاملة تضرب دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا، وعلى رأسها مصر وأرجع ذلك إلى الضغوط التضخمية.

وكشف تقرير صادر عن  البنك، أن مصر ستحتاج إلى ما بين 2.8-4.2 مليار دولار لتلبية احتياجات انعدام الأمن الغذائي الشديد في عام 2023.

 وأكد التقرير أن التضخم يؤثر على الفقراء بشكل أكبر من الأغنياء، لأن الفقراء ينفقون معظم ميزانيتهم على الغذاء والطاقة .

وكشفت بيانات البنك الدولي  أن تأثير التضخم فى زيادة أعداد الفقراء أعلى في مصر من أي بلد آخر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

مستوى المعيشة

حول المخاطر التي تهدد المصريين أكد الخبير الاقتصادي، الدكتور مصطفى يوسف، أن نظام السيسي انخرط في مشروعات بمئات مليارات الجنيهات دون دراسة جدوى من رفع الدعم والاقتراض وزيادة الضرائب، معتبرا أن ما يجري على أرض مصر في زمن السيسي هو نوع من السفه الاقتصادي، والتلاعب بعقول المصريين.

وتساءل يوسف في تصريحات صحفية كيف يتحسن مستوى معيشة المصريين ولا يوجد إنتاج زراعي وصناعي وتكنولوجي حقيقي لتصديره للخارج، مشيرا إلى أن ما يقال عن مضاعفة الصادرات لم يتحقق منه شيء، كما أن الوعود تلو الوعود بعدم زيادة الأسعار دون حدوث ذلك ومزاعم إنعاش جيوب المواطنين ذهبت هباء .

وقال: إن “نظام السيسي رغم كل هذه الكوارث يواصل فرض المزيد من الضرائب والرسوم ورفع الدعم حتى تآكلت الطبقة المتوسطة، وهو مؤشر خطير يكشف بدء انهيار النسيج المجتمعي”.

وأوضح يوسف أن البنك الدولي يقدر حجم الفقر في مصر بـ60 بالمئة، ونحن أمام بالونة ضخمة من الفقر ممتلئة بملايين الفقراء توشك على الانفجار، لافتا إلى أنه لو كانت الأموال التي أنفقها السيسي على المشروعات الفنطوشية قد تم استثمارها على الصحة والتعليم والزراعة والمشروعات الصناعية الصغيرة والمتناهية الصغر لكان خيرا لمصر وللمصريين ولتغيرت أحوالهم بشكل كبير، ولكن سياسة الفرد الواحد في إدارة اقتصاد بلد بحجم مصر ستؤدي إلى كارثة عاجلا أم آجلا .

مشروعات فنكوشية

وأكد الدكتور مصطفى شاهين، أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية، أن نظام الانقلاب يوجه كل الموارد للإنفاق على مشروعات فنكوشية غير إنتاجية لا علاقة لها بتحسين أحوال الفقراء ومحدودي الدخل الذين يبحثون عن الحد الأدنى من لقمة العيش في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة .

وقال شاهين في تصريحات صحفية: إن “حكومة الانقلاب تطلق في كل مناسبة بيانات وأرقاما لا يقرأها إلا هي؛ لأن المواطن لا يعنيه سوى تقديم خدمات حقيقية تتناسب مع حجم ما تم استقطاعه من ضرائب وخفضه من دعم”.

وتساءل أين نظام الانقلاب من جودة التعليم والصحة، ومن حجم الصادرات، وما هو متوسط قيمة أجور المصريين، وما هو حجم الديون الخارجية والداخلية ؟ مؤكدا أن هذه هي المؤشرات الحقيقية لتحسين مستوى معيشة المصريين” .

مؤشرات اقتصادية

وقال الخبير الاقتصادي، ممدوح الولي نقيب الصحفيين الأسبق: إن “غالبية المصريين تدهورت أحوالهم المعيشية وعدد كبير منهم لم يعودوا قادرين على الحصول على لقمة العيش، لافتا إلى أنه رغم ذلك تزعم حكومة الانقلاب أن هناك تحسن في إيرادات قناة السويس والتصدير واحتياطيات النقد الأجنبي”.

وأكد الولي في تصريحات صحفية أن المؤشرات الاقتصادية التي تعلنها حكومة الانقلاب غير صحيحة ولا يصدقها أي مصري .

وأشار إلى أن معدلات التضخم الحقيقي على سبيل المثال أعلى من نسبة الزيادات السنوية بالأجور سواء من القطاع العام أو الخاص، ما ينعكس على معاناة العاملين بسبب زيادة أسعار السلع والخدمات خاصة المقدمة من قبل حكومة الانقلاب من كهرباء ومياه وغاز طبيعي ووقود وخدمات حكومية.

 

حرمان مزدوج

 

وأكد الدكتور جودة عبد الخالق، وزير التموين الأسبق ، أن المصريين أصبحوا كالأيتام على موائد اللئام، بعد إجهاض كل أهداف ثورة يناير 2011 والتي رفعت شعار ( عيش .. حرية .. عدالة اجتماعية) من جانب نظام الانقلاب بقيادة عبدالفتاح السيسي .

وقال عبد الخالق في تصريحات صحفية  : “يبدو أن مصر بعد مرور 12 عاما على انطلاق ثورة يناير قد عادت في قبضة الحزب الوطني، رغم حلِّه رسميا بموجب حكم قضائي صادر عن المحكمة الإدارية العليا في 16 إبريل 2011. ومع نجاح الثورة المضادة مرحليا، انقطع الحديث عن ثورة يناير”.  

وأضاف: أن شعار (عيش .. حرية .. عدالة اجتماعية) استُبْعِد من قاموس نظام الانقلاب ، متوقعا أن يكون ذلك مرحليا فقط، وإلى حين، ولسوف يكون هناك شأن آخر .

وحذر عبدالخالق من أن كل الظروف الموضوعية التي تعيشها مصر الآن مع اتساع نطاق الفقر والتهميش توحي بأن موجبات رفع هذا الشعار موجودة، بل ضاغطة، مؤكدا أن رفع هذا الشعار سوف يزداد إلحاحا في مواجهة السياسات التي تطبقها حكومة الانقلاب حاليا. 

وأشار إلى أن العيش والحرية والعدالة الاجتماعية ستكون حاضرة بقوة خلال الأيام المقبلة بعد أن طال انتظار الناس له معربا عن أسفه لأن المصريين يعيشون حاليا وضعا مأساويا بين مطرقة السياسة وسندان الاقتصاد؛ بين كبت الحريات وشُحِّ الأقوات.

وخلص عبد الخالق إلى القول : “باختصار، الناس يعانون حرمانا مزدوجا، فهم محرومون من الخبز ومن الحرية، وهم ينتظرون من يخلصهم مما هم فيه، مؤكدا أنهم كالغريق الذي يمسك “بقشاية” كأنها طوق نجاة بحثا عن طريق الخلاص”.