في تركيا عرس ديمقراطي ونظام مدني وأربعة مرشحين منهم رئيس الدولة الذي انتهت ولايته، أما في مصر فالأمر يختلف جملة وتفصيلا، فمنذ أعلن النائب في برلمان المخابرات أحمد الطنطاوي نيته خوض سباق مسرحية الانتخابات الرئاسية المصرية، بدأت حرب تكسير العظام، لكن هذه الحرب يمتلك طرف واحد فيها العصا، ليرهب الطرف الآخر الأعزل من أي سلاح، إلا سلاح البيانات والفيديوهات للتنديد بأنها مجرد حرب لا شرف فيها، يدفع فيها الطرف الأضعف ثمن بطش العسكر وبؤس معارضة مصطنعة.
وأشادت رموز عربية سياسية واجتماعية، بما اعتبروه “معجزة” الانتخابات البرلمانية والرئاسية التركية التي جرت الأحد، وما أظهرته من تجربة ديمقراطية حقيقية، وسط آمال أن تعمم بالشرق الأوسط.
انتخابات لا يتحملها العسكر
وشهدت تركيا الأحد انتخابات رئاسية وبرلمانية، وحقق “تحالف الجمهور” بقيادة حزب العدالة والتنمية أغلبية في البرلمان، فيما تأجل الحسم في الانتخابات الرئاسية إلى الجولة الثانية المقررة يوم 28 مايو/أيار، بحسب النتائج غير النهائية.
وغرد الكاتب القطري جابر الحرمي عبر تويتر قائلا: إن “ما تم بالانتخابات درس مهم تقدمه تركيا في الديمقراطية ورئيسها يذهب لجولة إعادة”.
وتساءل: “ألم يكن يستطيع أردوغان أن ينظم انتخابات شكلية ويفوز بها بنسبة 90 بالمئة كما هو الحال في أقطار عربية وشرق أوسطية؟ مجيبا “كان يمكن أن يفعل ذلك، لكنه يؤسس لبناء دولة وثقافة شعب”.
فيما كتبت الشيخة القطرية مريم آل ثاني، عبر حسابها الموثق بتويتر: “بكل اللهجات العربية نقولها يا أردوغان، الله ينصرك، مربوحة إن شاء الله”.
من جانبه، أشار الإعلامي المصري أحمد منصور إلى أن “نتائج الجولة الأولى من الانتخابات التركية هي إدانة للغرب الذي يتهم الرئيس أردوغان بالديكتاتورية، رغم أنه لم يتمكن من الفوز من الجولة الأولى، بينما يدعم الغرب حكاما مستبدين وطغاة فاسدين يزورون الانتخابات”.
بينما أشاد الأكاديمي الموريتاني محمد المختار الشنقيطي، عبر توتير ، بـ”الوعي العميق للشعب التركي”، مؤكدا أن “فوز أردوغان مسألة وقت لا أكثر”.
ومن لبنان، وصف البرلماني عماد الحوت، في حديثه للأناضول الانتخابات التركية بأنها “عرس ديمقراطي بامتياز” متمنيا أن “ينتقل هذا المشهد إلى لبنان”.
ولفت الحوت إلى كثافة الاقتراع في انتخابات تركيا، وانتقد التدخل المؤسف من الإعلام الغربي وحكوماته في الانتخابات، مقدما التهاني للشعب التركي.
ومن فلسطين، قال عضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير، حسن خريشة، للأناضول: إن “الانتخابات التركية تجربة ديمقراطية حقيقية، وتمنى أن يعيش الفلسطينيون نفس التجربة”.
وأشاد بكثافة المشاركة من الأتراك في الانتخابات، متمنيا فوز الرئيس رجب طيب أردوغان لأنه مخلص لشعبه، وأخرج تركيا من قضايا كبيرة، ومن الذين وقفوا مع الشعب الفلسطيني.
كما أكد المفكر الفلسطيني أحمد يوسف، للأناضول، أن “حجم المشاركة في الانتخابات التركية يعكس بكل قوة النهج الديمقراطي، داعيا العالم العربي للاقتداء بتجربة تركيا الديمقراطية والاتجاه نحو تطبيقها.
من جانبه، قال الكاتب الفلسطيني مصطفى إبراهيم، للأناضول: إن “تجربة تركيا بالانتخابات تعكس وجها من أوجه الديمقراطية التي تتمتع بها تلك البلاد، داعيا الدول العربية للاسترشاد بالتجربة التركية في الانتخابات”.
وفي الأردن، قال ياسين الحسبان رئيس لجنة الصداقة الأردنية التركية في مجلس الأعيان الأردني الغرفة الثانية للبرلمان: إن “ما شهدته تركيا في 14مايو الحالي كان درسا للعالم وشعوبه، عندما ظهرت الديمقراطية في أجمل حلتها”.
وقال الحسبان للأناضول: “عندما تجد الرئيس أردوغان يقف في طابور الاقتراع كأي مواطن عادي ويرفض التقدم على دور المواطن، فإن هذه رسالة لكل ديمقراطيات العالم بأن هذا البلد ماض إلى الأمام بكل ثقة وثبات”.
بدوره، وصف المحلل السياسي الأردني عامر السبايلة، للأناضول ما حدث في انتخابات تركيا بأنه فريد جدا في المشاركة مقارنة بما يحدث في العالم.
وقال أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي، مراد العضايلة للأناضول: “نبارك لتركيا هذا النموذج الديمقراطي العريق” مضيفا “كثيرا من المواطنين العرب يطمحون في الوصول إلى مثل هذا النموذج”.
وفي تونس، شدد أستاذ علم الاجتماع في الجامعة التونسية نور الدين العلوي، في حديثه للأناضول على أن “الانتخابات التركية قدمت صورة واضحة عن ديمقراطية سليمة شكلا ومضمونا، وتم قبول نتائجها”.
وأكد الباحث في مركز الدراسات والبحوث الاقتصادية والاجتماعية حكومي سامي براهم، أن “نسبة المشاركة العالية بانتخابات تركيا أقوى دليل على سلامة العملية السياسية وقدرتها على البقاء والتطور في مواعيد لاحقة”.
وأضاف “هذه الانتخابات جعلت مستقبل تركيا أمامها وليس وراءها فهي تثبت أسس الحكم الديمقراطي وتفتح كل الآفاق الممكنة لوجود سياسي ثابت ومؤثر في مشهد سياسي واقتصادي دولي متحرك”.
من جانبه، أشاد المحلل السياسي التونسي أحمد الغيلوفي عبر فيسبوك بـ”التنافس على السلطة في تركيا سلميا وأمام العالم، بمشاركة كبيرة”، منتقدا ألا يحدث ذلك بالمنطقة العربية.
وفي العراق، قال الكاتب والباحث الكردي كفاح محمود، للأناضول، إن “ما جرى بالانتخابات التركية يدلل على نضج الناخب والمرشح، تركيا إذا قارناها مع مثيلاتها في الشرق الأوسط وخاصة العربية والإيرانية فهي بالتأكيد الأفضل”.
وأشاد المحلل السياسي العراقي إحسان الشمري، للأناضول، بنسبة المشاركة المرتفعة في الانتخابات التركية.
وأضاف أن “هذه النسبة تمثل بلا ما يقبل الشك مستوى الثقافة والديمقراطية التي يمتع بها الشعب التركي، فضلا عن الإيمان بالمسار الديمقراطي”.
من جانبه، قال المحلل السياسي العراقي الناصر دريد، إن “ما يحدث في تركيا من انتخابات رئاسية إجراءات ديمقراطية سليمة وسلسة أصبحت اليوم بمثابة معجزة لدينا بالعراق”، مشيدا بالإقبال الكبير بالانتخابات التركية.
انتقام وتكميم أفواه
ومن العرس الديمقراطي في تركيا إلى المأتم الانقلابي في مصر، ففي فبراير 2021، أصدرت “الجبهة المصرية لحقوق الإنسان” تقريرا بعنوان “السلطات المصرية تتسلح بالأعمال الانتقامية لتكميم أفواه المدافعين عن حقوق الإنسان والأكاديميين وعائلاتهم”، ذكرت فيه أن عناصر من الأمن الوطني داهموا منازل أبناء عمومة المدافع عن حقوق الإنسان محمد سلطان، وألقت القبض على أحدهم، وذلك بعد أيام قليلة من مداهمة منزل الباحث الأكاديمي تقادم الخطيب وترويع والديه والتحقيق معهم والتحفظ على هاتف والده وبعض العقود لممتلكات الأسرة.
وفي بيان لاحق نشرته المفوضية، بالشراكة مع 22 منظمة حقوقية، قالت: إن “العائلات في مصر التي لها أقارب نشطاء أو حقوقيون في الخارج تتعرض لاستهداف متصاعد من السلطات المصرية، التي تبرهن عن نمط واضح من التخويف والمضايقات، فاستهدفت السلطات عائلات أربعة أشخاص يعيشون في الولايات المتحدة، وواحد في كل من تركيا وألمانيا والمملكة المتحدة”.
وتابع البيان “هذه الحالات هي من بين عشرات أبلغ عنها في السنوات الأخيرة، تحاول السلطات ترهيب المنتقدين بمداهمات غير قانونية للمنازل، والاعتقالات التعسفية، والاختفاء القسري، والاحتجاز المطول بحق أفراد الأسر دون محاكمة أو توجيه تهم”.
الاعتقالات بالوكالة، لا تفرق في التيارات السياسية، إذ تطاول التيار المدني، و”تيار الإخوان المسلمين”، وهو ما يحدث مع قيادات الإخوان وذويهم، ومنهم أنس البلتاجي نجل محمد البلتاجي وهو من قيادات جماعة الإخوان، والمحكوم عليه بالإعدام، ولكن نجله أيضا ألقي القبض عليه منذ نحو 10 سنوات، وكان عمره حينها 19 عاما، وفي إحدى رسائله من محبسه قال: إن “سبب القبض عليه هو أنه نجل البلتاجي ولا سبب آخر لوجوده في السجن”.
“هيومن رايتس ووتش”، أصدرت تقريرا ذكرت فيه، أنه في سبيل تصميمها على إسكات المعارضة، تعاقب سلطات الإنقلاب عائلات المعارضين المقيمين في الخارج.
وتقول منظمات حقوق الإنسان: إنه “ينبغي لحكومة الانقلاب وقف هذه الهجمات الانتقامية التي ترقى إلى مستوى العقاب الجماعي، والأعمال الانتقامية ضد أقارب المعارضين في الخارج تبدو واسعة النطاق، ومنظمة، وفي تزايد”.
ومن الحالات التي وثقتها “هيومن رايتس ووتش”، قيام قوات الأمن بمداهمة أو زيارة منازل أقارب 14 معارضا، ونهب ممتلكات أو تلفها في خمسة منها، لم تُظهر قوات الأمن أي مذكرات اعتقال أو تفتيش في أي من الحالات الواردة في التقرير، كما منعت سلطات الإنقلاب سفر 20 من أقارب 8 معارضين أو صادرت جوازات سفرهم.