استحوذت زيارة سلطان عمان المرتقبة والأولى منذ توليه السلطة إلى مصر محور اهتمام كثير من المراقبين السياسيين في الشرق الأوسط، خاصة في ظل حالة التقارب التي شهدتها المنطقة مؤخرا بين السعودية حليفة الانقلاب في مصر مع إيران، ومحاولات الرياض المتواصلة لإعادة إدماج رئيس النظام السوري، بشار الأسد حليف إيران، والذي لا يقل إجراما عن السيسي ضمن جامعة الدول العربية.
وفي سياق من محاولات إذابة الجليد المتراكم منذ عقود على علاقات العسكر في مصر مع ايران، يرى مراقبون سياسيون في سلطان عمان هيثم بن طارق أحد الوسطاء المحتملين بين القاهرة وطهران، في محاولات البلدين رأب الصدوع السياسية القديمة بينهما، نظرا لعلاقاته الجيدة مع كليهما وموقفه المعتدل والحيادي من العاصمتين.
وسبق أن كان لسلطان عمان هيثم بن طارق، دور محوري في رسم الخطوط العريضة للجهود السعودية الرامية لإعادة تأهيل المجرم بشار الأسد.
وعلى غرار عودة نظام الأسد إلى جامعة الدول العربية، لعبت سلطنة عمان دور الوسيط في المحادثات بين السعودية والحوثيين في العاصمة اليمنية صنعاء قبل فترة، وهو ما يرى فيه كثيرون انتصارا ديبلوماسيا للسلطنة في منطقة تعجُّ بالصراعات والمشاحنات السياسية والعسكرية.
المفارقة ليست سياسية فحسب، حيث جاهد المجلس العسكري في أيام حكم الرئيس الشهيد محمد مرسي، علي تأليب الرأي العام وتهييج الشارع ضد جماعة الإخوان المسلمين، عقب زيارة قام بها الرئيس الإيراني وقتها أحمدي نجاد إلى القاهرة.
حتى إن حزب النور، الذراع الدينية للمخابرات الحربية في مصر، هاجم وقتها الرئيس مرسي، وقال حينها مفتي الحزب ياسر برهامي: إن "تطبيع العلاقات بين مصر وإيران هو أحد أسباب الخلاف بين الدعوة السلفية وجماعة الإخوان المسلمين، مشيرا إلى أن هذا خلافا تاريخيا متكررا بين الحين والآخر، بدايته كانت الثورة الإيرانية عام 1979 بل أبعد من ذلك، وأن تصريحات كثيرة من قادة الإخوان عبر الزمان تهمل الخلاف المنهجي والاعتقادي بيننا وبين الشيعة"، معربا عن تخوفه من "غزو ثقافي شيعي"، فهل عساه يفتح فمه بنفس الكلام ويكرره علي مسامع ولي أمره الجنرال السيسي؟.
وفي هذا الإطار ينبغي تذكير برهامي بالإسكريبت المخابراتي الذي أملى عليه وقتها، وكان يهاجم منه الرئيس الشهيد محمد مرسي، ذلك الرئيس الذي افتتح كلمته في مؤتمر قمة دول عدم الانحياز، بالصلاة على الرسول «صلى الله عليه وسلم»، والترضي على أصحابه أبي بكر وعمر وعثمان وعلي «رضي الله عنهم»، في مخالفة لعقيدة الشيعة الإيرانيين، فهل يستطيع السيسي على الإتيان بمثلها وهو الذي يهاجم الإسلام منذ استيلائه علي السلطة، ويحمل المسلمين جميع جرائم الإرهاب علي الكوكب.
قال برهامي في مداخلة هاتفية مع محسن عيد في برنامج "أنا المصري" على قناة "نور الحكمة"، في العام 2012 أثناء التسخين للانقلاب العسكري، إن "الكلمات المطمئنة من حيث إن الإخوان يعرفون خطر الشيعة لم تعد مفيدة"، معتبرا أن معرفة هذا الخطر غير كافية في ظل أن تطبيع العلاقات سيسمح بسفر الشباب المصري بدون تأشيرة إلى طهران.
وزعم أن 'الإخوان بهذا الأمر يساعدون الشيعة في إحياء مظاهر الشرك بالله داخل العتبات المقدسة من وجه نظرهم في مصر"، فما رأي المتصوف إلي حد التشيع أسامة الأزهري مستشار الجنرال السيسي في كلام برهامي ؟
زج العسكر وقتها بغطرة أخرى هو الداعية عبد الملك الزغبي، الذي قال: "الشيعة فرق شتى تزيد على 1000 فرقة، يكفر بعضهم بعضا، وأن بعض الصوفية في مصر ينتمى للفكر الشيعي ولكنه يستتر، موضحا أنه اتفق مع 52 مسجدا أن يخطبوا خطبة واحدة عن خطورة قدوم الشيعة إلى مصر".
وسمح العسكر وقتها الزغبي أن يقول بالفم المليان أن النظام الإيراني نظام دموي يذبح أبناء سوريا، كما ذبح أبناء العراق واليمن، وأن الجيشين العراقي واليمني انكسرا بسبب إيران، ويخططان الآن لإكسار الجيش المصري.
وقال الزغبي: إن "النصر قادم لا محالة للشعب السوري وسيتخلصون من بشار الأسد قريبا، وأن حزب اللات الشيعي يقاتل بـ9500 فرد في أرض سوريا مع الأسد، ويتعين علي الزغبي وأمثاله الظهور مرة أخري وتكرار ذات الكلام للجنرال السيسي، أم أن ديمقراطية الرئيس المدني الشهيد محمد مرسي سمحت لهم بحرية الكلام والرأي، بما لن تسمح لهم ديكتاتورية جنرالهم وولي أمرهم".
جدير بالذكر أنه في عام 2013 وفي حضور آلاف من المصريين هاجم الرئيس الشهيد مرسي في كلمته بمؤتمر نصرة سوريا الذي عقد في القاهرة، نظام بشار الأسد المجرم وقرر قطع العلاقات معه، بما في ذلك إغلاق السفارة السورية في القاهرة وسحب القائم بالأعمال المصري من دمشق، كما طالب مجلس الأمن الدولي بفرض منطقة حظر جوي فوق سوريا لحماية المدنيين من براميل النظام وهجماته الكيماوية.