كتب أحمدي البنهاوي:
يصر قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، أن يروج لنفسه في أوروبا وأمام الأمم المتحدة على أنه قاطع طريق، وأن بقاءه ضمان حماية الأوروبيين من موجة عارمة من الهجرة غير الشرعية، وأن الإتاوة التي يطلبها هي استمرار دعمه، وإلا فإن نسبة المهاجرين غير الشرعيين المصريين التي ارتفعت خلال فترة حكم السيسي من 5 إلى 9% ستزيد.
فقبل أيام يتحدث السيسي للتليفزيون البرتغالي قائلا: "تصور لو حصلت حرب أهلية في مصر.. تصور آثارها على الاستقرار مش بس في مصر، ولكن على المنطقة وأوروبا بالكامل"، مضيفا "إحنا هنا في مصر أكثر من 90 مليون.. تصور لو حصلت حرب أهلية هنا.. تصور حجم الهجرة والمعاناة والضحايا، اللي كان هيحصل، والنتائج اللي كانت هتحصل في مصر والعالم وأوروبا قد ايه؟".
وفي تصريحات أخرى للسيسي، مرتبطة بزيارته الأخيرة إلى البرتغال، ردا على سؤال حول قضية الهجرة غير الشرعية عقب المحاضرة التي ألقاها اليوم بالأكاديمية العسكرية بمدينة لشبونة البرتغالية، أن مصر لم تتلق مساعدات دولية لمواجهة أزمة اللاجئين والتخفيف من الضغوط التي يشكلها اللاجئون بأراضيها، مشيرا إلى أن اللاجئين يتعلمون في المدارس ويتلقون العلاج بالمستشفيات بمصر مثل المواطنين.
ولم ينس التحذير من أن عدم دفع الإتاوة سيهدم دوره كقاطع طريق فقال محذرا "الفشل فى تحقيق ذلك الهدف سوف يؤدي إلى تفاقم أزمة اللاجئين ويزيد من معدلات تدفقهم إلى أوروبا".
كذلك أبدى استعداد مصر لتعزيز التعاون مع الأوروبيين لتأمين الحدود البحرية للحد من الهجرة غير الشرعية، قائلا: "نحتاج إلى جهد مشترك ودعم من جانب الدول الكبرى لمواجهة الهجرة غير الشرعية"!
"القاطع" الكاذب
وفي سبتمبر الماضي، قال السيسي متقمصا دور قاطع الطريق إن مصر تؤوي حاليا نحو خمسة ملايين لاجئ من الدول الإفريقية والعربية، موجها حديثه لبرلمانيين إيطاليين، وإن "هؤلاء اللاجئين يتلقون الرعاية الصحية نفسها والتعليم اللذين يحظى بهما المواطن المصري، بغض النظر عن الوضع الاقتصادي للبلد".
وفي الشهر نفسه ادعى السيسي أمام قمة اللاجئين والمهاجرين المنعقدة على هامش الدورة 71 للجمعية العامة للأمم المتحدة، أن "مصر عززت إجراءاتها للتعامل مع قضية الهجرة غير الشرعية، وأن القوات المسلحة المصرية تعمل جاهدة للقبض على مهربى المهاجرين".
في حين قدمت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، أرقاما مناقضة لأقوال السيسي، حيث أكدت قدوم نحو 250 ألف لاجئ إلى مصر، وتناقص عددهم في الوقت الحالي ليصلوا إلى 117 ألف لاجئ، شكّل السوريون معظمهم.
وقالت المؤسسة المصرية لدعم اللاجئين إن "الاضطرابات السياسية في البلاد أسهمت في تأجيج كراهية الأجانب"، ورصدت المؤسسة زيادة في معدلات العنف تجاه اللاجئين، وارتفاعا في عدد الاعتقالات التعسفية بحقهم، وتجاهلا حكوميا للتحقيق مع عناصرها في شبهات الاعتداء على اللاجئين.
مخاوف الأوربيين
ودعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، عدة مرات إلى تقديم برامج دعم مالي لمشروعات السيسي في سبيل وقف موجات الهجرة غير الشرعية التي تعاني منها ألمانيا وأوروبا.
فعلى هامش قمة العشرين في الصين، في سبتمبر الماضي، التقى السيسي والمستشارة الالمانية لبحث ملف الهجرة غير الشرعية، وأكد الجانبان على أهمية تعزيز الجهود الدولية من أجل الحد من هذه الظاهرة، فضلاً عن ضرورة التعامل مع جذورها ومسبباتها، وفي مقدمتها التوصل الى حلول سياسية للأزمات القائمة بعدد من دول المنطقة.
ودعا السيسي في أغسطس 2014، الدول الأوروبية لضخ استثمارات في الدول المصدرة للهجرة غير الشرعية لحل المشكلة، وكرر طلبه في 25 نوفمبر من العام نفسه عندما حذر خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي، في ختام محادثاتهما في روما، إلى تعاون أوروبي –يقصد مالي- لمواجهة الهجرة غير الشرعية المسببة برأيه لـ"الإرهاب".
ابتزاز إيطاليا
وفي 7 يوليو الماضي، ابتزت وزارة الخارجية المصرية، السلطات الإيطالية بوقف التعاون القائم في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية في البحر المتوسط.
جاء ذلك في بيانٍ للخارجية ردًّا على قرار مجلس النواب الإيطالي بتأييد قرار مجلس الشيوخ بتعليق تزويد مصر بقطع غيار لطائرات حربية بسبب حادثة مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني.
وقالت الوزارة: إن القرارات العقابية الإيطالية "تستدعي اتخاذ إجراءات من شأنها أن تمس مستوى التعاون القائم بين مصر وإيطاليا ثنائيًّا وإقليميًّا ودوليًّا، بما في ذلك مراجعة التعاون القائم في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية في البحر المتوسط، والتعامل مع الأوضاع في ليبيا وغيرها من المجالات التي تحصل إيطاليا فيها على دعم مصر".