بعد الاعتداء على نقابة المهندسين وإفساد انتخاباتها.. عودة للبلطجة الحكومية على طريقة” نخنوخ”

- ‎فيتقارير

في مشهد أعاد ذاكرة المصريين لما قبل ثورة يناير 2011 اقتحم بلطجية قاعة لجنة الانتخابات في الجمعية العمومية الطارئة لنقابة المهندسين، وحطموا صناديق الاستفتاء وبعثروا أوراق التصويت، بعد أن جاءت النتائج لتؤكد تمسك المهندسين بنقيبهم طارق النبراوي.

وكأنه يوم من أيام المخلوع مبارك، وبتوجيه من أحد ضباط الأمن الوطني انسحبت قوات الأمن من قاعة لجنة الانتخابات، كما انسحبت اللجنة القضائية المشرفة على الاقتراع، قبل إعلان النتائج.

وبحسب تقديرات نقيب المهندسين المصريين طارق النبراوي، فإن الاقتحام جاء بعد أن أظهر فرزُ الأصوات، رفض المشاركين في التصويت، سحب الثقة منه.

وكتب طارق النبراوي على صفحته على الفيسبوك: “بلطجية الحزب يقتحمون لجنة الانتخابات للتلاعب بالانتخابات”.

ظهور بلطجية حزب “مستقبل وطن” التابع للجيش أعاد الحديث عن جيش من البلطجية كونه مبارك قبل خلعه للانتقام من خصومه، وتزوير الإنتخابات، وترويع النقابات وتفريق المظاهرات.

ظهور بلطجية في نقابة المهندسين فاحت منه رائحة المجرم المفضل للعسكر صبري نخنوخ، وكانت قوات الأمن قد ألقت القبض على نخنوخ في أغسطس 2012، داخل فيلته بمنطقة «كينج مريوط» بمحافظة الإسكندرية، برفقة عدد كبير من الخارجين عن القانون، وبحوزتهم كمية من الأسلحة، وصدر في حقه حكم بالسجن لمدة 25 عاما في اتهامات تتعلق بحيازته أسلحة وحيوانات مفترسة، وثلاث سنوات أخرى في قضية تعاطي مخدرات.

وتولى نخنوخ تأجير بعض الكازينوهات في شارع الهرم، ومنطقة المهندسين بمحافظة الجيزة، مستعينا بشبكة من البلطجية في حمايتها، وكان القيادي في جماعة الإخوان المعتقل حاليا محمد البلتاجي، هو السبب في القبض عليه، بعدما طالب على الهواء، من خلال أحد البرامج الفضائية، وزير الداخلية آنذاك، اللواء أحمد جمال الدين، بسرعة القبض عليه.

وارتبط نخنوخ بعلاقة وطيدة مع وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، إبان انتخابات مجلس الشعب في عام 2000، إذ كان يملك مكاتب لتوريد البلطجية بمناطق البساتين والمهندسين والهرم وفيصل، الذين استخدمهم العادلي في تأمين صناديق الانتخابات، وتسويد البطاقات لمصلحة مرشحي الحزب الوطني المنحل.

وبحسب تقرير لجنة تقصي الحقائق الصادر عقب الثورة، اعتمد نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، على نخنوخ في الانتقام من أعدائه، علاوة على كونه شريكا للعادلي في بعض المشروعات الاستثمارية، وامتلاكه قصرا فاخرا على طريق القاهرة  الإسكندرية الصحراوي، وشاليهات عدة بمناطق مارينا في الساحل الشمالي، وشرم الشيخ بجنوب سيناء.

واحتوت شبكة نخنوخ عشرات الآلاف من البلطجية؛ بهدف السيطرة على جميع النوادي والملاهي الليلية، وقد حدد تسعيرة للنجاح في البرلمان بقيمة مليوني جنيه، وكان يتحرك في موكب سيارات من أنواع «مرسيدس» و«شيروكي» وسط حراسة مشددة من البلطجية، و«البودي جاردات»، كأي مسؤول أمني كبير في البلاد.

وأظهرت مؤشرات فرز الأصوات أن 90 في المئة من المشاركين في الاستفتاء رفضوا سحب الثقة من النبراوي.

وتداول مهندسون مصريون، مقاطع مصورة، وصور، تظهر لحظات الاقتحام والاعتداء على المندوبين وتحطيم صناديق الاقتراع.

وقالت مها عبد الناصر، عضو البرلمان: إنها “تتقدم ببلاغ للنائب العام بشأن اقتحام بلطجية لقاعة الانتخابات، واعتدائهم على المهندسين، وتحطيم صناديق الاستفتاء”.

وأضافت عبد الناصر، في فيديو بثته من لجنة الانتخابات على صفحتها الرسمية على الفيسبوك، صورا لأوراق الاقتراع ويظهر فيها رفض المهندسين سحب الثقة من النقيب طارق النبراوي.

ووصف مهندسون الاقتحام، بأنه موقعة جمل ثانية، في إشارة إلى موقعة الجمل الأولى، التي نفذها بلطجية مدعومون من الحزب الوطني الحاكم لميدان التحرير، وقت ثورة 25 يناير، التي أطاحت بالمخلوع مبارك.

وكتب المهندس هيثم الحريري، عضو مجلس النواب السابق، على صفحته على فيسبوك: “موقعة جمل جديدة في نقابة المهندسين”.

وفي هذا الإطار قال عضو في مجلس أمناء الحوار الوطني، من المحسوبين على الحركة المدنية: إن “ما جرى في التصويت خلال الجمعية العمومية للمهندسين، ومن قبله انتخابات نقابة الصحافيين، لا يمكن فصله عن المشهد السياسي العام، والذي يكشف أن هناك تغيراً في توجهات الشارع المصري، الذي بات يرفض بشكل قاطع الإدارة الحالية، مهما صورت وسائل الإعلام التابعة للنظام عكس ذلك”.

وأضاف شرط عدم الكشف عن اسمه، أن “التصويت المتكرر برفض ممثلي الحكومة أو النظام، هو تصويت على سياسات النظام الحاكم نفسه، ورغبة حقيقية في التغيير السلمي، بعيدا عن الانفجارات الشعبية والثورات”.

واعتبر عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، أن التغير في المواقف من قطاعات كانت داعمة بقوة للرئيس عبد الفتاح السيسي ونظام حكمه، بعد عشر سنوات، هو بمثابة تصويت لا بد أن يلتفت إليه الرئيس، ويدرك جيدا أن الشعب منح الفرصة لمدة 10 سنوات وهي كافية تماما”.

وشدد على “ضرورة فتح المجال العام، والسماح بتغيير سلمي، وهو الأمر الذي يجب أن تدركه المؤسسات الحاكمة في مصر جيدا، حتى لا يحدث ما يريده الجميع بانفجار شعبي أو ثورة جديدة تطيح بكل شيء”.