فساد..سرقة..اختلاس..شعار الجهات الحكومية في زمن الانقلاب

- ‎فيتقارير

 

تصاعدت جرائم وحوادث السرقة والإهمال والاختلاس في الوزارات والجهات الحكومية في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي، رغم أن هذا النظام يُصدّع المصريين ويزعم أن مكافحة الفساد من أهم الملفات التي وضعتها دولة العسكر ضمن استراتيجيتها خلال السنوات الأخيرة، لكن الوقائع التي تكتشف يوميا تؤكد أن استراتيجية دولة العسكر تعمل على تشجيع الفساد وليس مكافحته بدليل الأرقام المالية الكبيرة التي تتكبدها مصر .

في هذا السياق كشف تقرير رقابي أن الجهاز الإداري لدولة العسكر، له النصيب الأكبر من الفساد والاختلاسات، حيث بلغ رصيد الفساد فيه نحو 158.5 مليون جنيه من إجمالي 192.447 مليون جنيه، مؤكدا أن رصيد حسابات الديون وتسوية الطالبات الحكومية تضمن رصيد اختلاسات بنحو 158.5 مليون جنيه، وأن الجانب الأكبر من هذا الرصيد تركز في بعض قطاعات موازنة الجهاز الإداري منها قطاع الشباب والثقافة والشئون الدينية بنحو 56.8 مليون جنيه، وقطاع الشئون الاقتصادية بنحو 64.5 مليون جنيه، وقطاع الخدمات العامة بنحو 19.7 مليون جنيه.

وأرجع الاختلاسات داخل الجهاز الإداري لدولة العسكر إلى ضعف الرقابة الداخلية على إجراءات الصرف وعدم الالتزام بأحكام القوانين والتعليمات المالية، فضلا عن القصور في أداء بعض العاملين القائمين على الأعمال المالية.

 

تزوير واختلاس

 

وأوضح التقرير الرقابي أن فحوصات الجهاز المركزي للمحاسبات لموازنة الجهاز الإداري لدولة العسكر، كشقت عن قصور في تطبيق أنظمة الرقابة الداخلية، وعدم الالتزام بالأحكام والتعليمات المالية المقررة، مما ترتب عليه صرف مبالغ لبعض الجهات أو تسوية بعضها من حساب المبالغ المدفوعة مقدما دون وجود مستندات مؤيدة للصرف، فضلا عن بعض حوادث التلاعب والتزوير والاختلاس التي تتم بهدف الاستيلاء على المال العام، وكذالك القصور في أداء بعض العاملين القائمين علي الأعمال المالية وعدم بذلهم العناية الواجبة لدى قيامهم بأعمال الصرف والتحصيل، فضلا عن ضياع مستحقات الخزانة نتيجة اصطناع شهادات مزورة من بعض الجهات الإدارية.

وقال: إنه “تبيّن استيلاء بعض مندوبي التحصيل ببعض الجهات على مبالغ محصلة نتيجة التلاعب في تواريخ قسائم التحصيل أو إلغائها والاحتفاظ بالنقدية المحصلة دون توريدها، لافتا إلى أنه  تم صرف العديد من المبالغ دون وجود مستندات مؤيدة للصرف، وعدم قيد بعض المبالغ بالحسابات لمراقبة تسويتها أو تحصيلها، فضلا عن تسوية مبالغ من حساب المبالغ المدفوعة مقدما دون إرفاق المستندات المؤيدة لها”.

الخزاتة العامة

وأشار التقرير إلى ضياع جانب من مستحقات الخزانة العامة نتيجة صدور أحكام بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة أو البراءة أو بإيقاف العقوبة المقضي بها في قضايا مخالفات البناء أو التعدي على الأراضي الزراعية، استنادا إلى مستندات مزورة واصطناع شهادات من الجهات الإدارية المختصة، ثبت من الفحص أن بيانات تلك الشهادات والتوقيعات الممهورة غير صحيحة، فضلا عن حصر بعض الأحكام الجنائية الصادرة بالغرامة بدفتر حصر الغرامات بأقل مما يجب نتيجة لإسقاط بعض الأرقام المكونة لرقم الغرامة المقضي بها.

وأكد أنه تبيّن عدم تحصيل مستحقات ضريبية نتيجة عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لاستصدار إذن المحامي العام بشأن بعض الحجوزات التنفيذية الموقعة على مستحقات بعض المسجلين المدنيين طرف البنوك مما ترتب عليه عدم إقرار البنوك بما في ذمتها من أرصدة لهؤلاء المسجلين، وكذلك عدم اتخاذ إجراءات الحجز الإداري أو عدم استكمالها، أو الاكتفاء باتخاذ إحدى طرق الحجز الإداري أو عدم استكمالها، أو الاكتفاء باتخاذ إحدى طرق الحجز رغم ثبوت عدم جدواها وعدم السير في إجراءات توقيع الحجز الإداري على بعض ممتلكات المسجلين رغم ثبوت ملكياتهم العقارية لها، فضلا عن إسقاط بعض فترات الفحص لبعض المسجلين دون فحصها لتعديلها وتحصيل الضريبة المستحقة على أعمال تلك الفترات.

وأوضح التقرير أن الكارثة لم تتوقف عند هذا الحد، بل انتشر سرطان الفساد داخل الهيئات العامة الخدمية، مؤكدا أن جملة الآثار المالية المترتبة على حوادث السرقة والإهمال والاختلاس داخل الهيئات العامة الخدمية بلغت نحو 33.947 مليون جنيه، منها 29.863 مليون جنيه خاصة بجرائم الاختلاس، و1.311 مليون جنيه خاصة بالإهمال، و2.773 مليون جنيه خاصة بالسرقة.

 

الهيئات الخدمية

 

وكشف أن حوادث الاختلاس داخل الهيئات الخدمية استحوذت على الجزء الأكبر من إجمالي رصيد حوادث السرقة والإهمال والاختلاس، حيث بلغت نحو 29.863 مليون جنيه، وتركزت أغلب حوادث الاختلاس في جامعة الإسكندرية بنحو 11.216 مليون جنيه، يليها صندوق بإحدى الجهات السيادية بنحو 7.180 مليون جنيه.

ووفقا للتقرير، فإن حوادث السرقة بالهيئات العامة زادت، حيث بلغ رصيدها نحو 2.773 مليون جنيه، مقابل 112 ألف جنيه عن العام السابق، بزيادة بلغت نحو 2.661 مليون جنيه بنسبة 2375.9%، وتركز معظمها في هيئة الإسعاف بنحو 2.331 مليون جنيه.

وأشار إلى أن حوادث الإهمال بلغ رصيدها نحو 1.311 مليون جنيه، مقابل 3.370 مليون جنيه للعام السابق وتركز أغلبها في مركز جراحة الجهاز الهضمي بجامعة المنصورة بنحو 1.301 مليون جنيه، موضحا أن فحص الجهاز المركزي للمحاسبات لموازنة وحسابات الهيئات العامة الخدمية أسفر عن بعض الملاحظات التي بلغت الآثار المالية المترتبة عليها نحو 25.226 مليون جنيه .

 

المساندات التصديرية

 

وأكد التقرير أن الفحص كشف ضعف أنظمة الرقابة الداخلية على صرف المساندات التصديرية والمصروفات الأخرى، ومن مظاهر ذلك ما حدث داخل صندوق الصادرات من صرف نحو 2.673 مليون جنيه كدعم ومساندات تصديرية لبعض الشركات، دون وجه حق نتيجة صرف الدعم بناء على  مستندات أو بيانات غير سليمة، أو لا تخص الرسالة المصدرة، أو مستندات لا تخص الشركة الطالبة للدعم، أو لوجود اختلاف في بيانات الرسالة المصدرة الواردة ببوليصة الشحن عن البيانات الواردة بالفاتورة وشهادة الصادر.

وأضاف أن من مظاهر ضعف الرقابة على الصرف داخل الهيئات الخدمية ما تم رصده داخل الهيئة العامة للرعاية الصحية، حيث تبين صرف مبالغ مالية دون مؤيدات للصرف تمثل قيمة وجبات غذائية خاصة باجتماع إحدى اللجان، وكذلك قيمة أعمال ترميم وصيانة، وأيضا قيمة إيجار سيارة لتنقلات قيادات الهيئة.

وأشار التقرير إلى ما حدث في جامعة دمياط، حيث تم صرف مبالغ مالية بعروض أسعار ذات بيانات وهمية ثبت عدم صحتها وإرفاقها بمستند الصرف، بغرض استيفاء أوراق عملية التصليح وصيانة أتوبيس ومني باص لصرف تلك المبالغ دون وجه حق، حيث تم اعتماد محضر الترسية بعد إتمام الإصلاح بتاريخ لاحق للاستلام من الصيانة.

 

مستلزمات طبية

 

كما كشف عن ضعف أنظمة الرقابة الداخلية على الممتلكات الحكومية بالهيئات الخدمية، مشيرا الى قيام المسؤولين بمستشفى عين شمس التخصصي ببيع بعض الأصناف ضمن لوطات بيع الخردة عبارة عن أجهزة تخدير وترابيزات عمليات وأجهزة ومستلزمات طبية جديدة أو صلاحيتها تتراوح بين 75%، 80% ضمن لوطات بيع الخردة وذلك بنحو 1.040 مليون جنيه، فضلا عن الموافقة على بيع بعض الأجهزة الطبية الجديدة على أنها كهنة دون اتخاذ إجراءات لتوزيعها على مستشفيات صحة الانقلاب وذلك بمعهد القلب بنحو 3.221 مليون جنيه.

وأكد توقف أجهزة الأشعة كليا عن العمل نتيجة الإهمال بالمستشفيات الجامعية بسوهاج بنحو 185 ألف جنيه، لافتا إلى تلف وفقدان عهدة بعض العاملين تتمثل في محطة مناخية كاملة، وأيضا تلف الأجهزة والماكينات نتيجة نشوب حريق بمخازن المركز القومي لبحوث المياه بنحو 353 ألف جنيه، كما اتضح بقاء سيارة تابعة لجامعة عين شمس لدى مركز صيانة 10 سنوات وتعرضها لخبطات جسيمة وتآكل الموتور نظرا لطول فترة عدم التشغيل.

وأشار التقرير إلى خسائر مالية متواصلة بمزرعة كلية الزراعة جامعة بنها، تشمل (الثروة السمكية، والبيوت المحمية، والكمبوست، والأعلاف)، مما أثر بالسلب على سير العمل بالمزرعة، حيث بلغت تلك الخسائر نحو 313 ألف جنيه وفي جامعة كفر الشيخ تم تحويل مزرعة كلية الزراعة (مركز التجارب والبحوث الزراعية) من وحدة ذات طابع خاص إلى جهة تابعة للموازنة العامة لدولة العسكر دون سند قانوني، وتحميل الموازنة بالقيمة الإيجارية للمزرعة في ظل عدم تمكن المركز من السداد، وبلغت قيمة الخسائر المالية 602 ألف جنيه.

 

إيصالات النفايات

 

وكشف عن الاستيلاء على قيمة بعض الأصناف داخل الهيئات الخدمية، من ضمنها ما حدث داخل مستشفى جامعة المنصورة، حيث تبيّن تلاعب مسئول عهدة أصناف التعبئة والتغليف الخاصة بتغليف الوجبات الغذائية المصروفة للمرضى بالمستشفى بأذون الصرف بغرض الاستيلاء عليها، واتضح اختلاف الكميات الواردة بأذون الصرف الخاصة بعهدة التعبئة والتغليف وبين الكميات المخصوصة من عهدة المخزن، مما ترتب عليها الاستيلاء على مبلغ 78 ألف جنيه.

ولفت التقرير، إلى ما شهدته الهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية من تلاعب في إيصالات استلام أوزان النفايات الطبية التي يتم رفعها للتخلص منها، وإثبات أوزان غير مطابقة للأوزان المقيدة بالدفاتر، الأمر الذي أدى إلى وجود فروق في الأوزان بين المقيد بالدفاتر وبين إيصالات الاستلام لتلك النفايات، فضلا عن عدم مراعاة الدقة في وزن السيارة وما تحتويه من نفايات، مما أدى إلى المحاسبة على كميات مبيعات أقل من الحقيقة بنحو 305 آلاف جنيه. 

وأشار إلى الاستيلاء على كميات دقيق من خلال وجود فروق بين كمية الدقيق المصنع وعدد الأرغفة المباعة لمركزي الكلي وجراحة طب العيون بجامعة المنصورة بنحو 40 ألف جنيه، كما تبيّن بقاء وجبات غذائية بكميات كبيرة بعد صرف الوجبات الخاصة بطلبة المدن الجامعية بجامعة عين شمس وعمال التغذية دون تحديد كيفية التصرف في تلك الوجبات وذلك بنحو 297 ألف جنيه، بجانب استيلاء صراف إحدى الخزائن على متحصلات بيع الطوابع المدموغة بجامعة سوهاج بنحو 30 ألف جنيه.

رسوم دراسية

وكشف التقرير عن تحصيل رسوم دراسية من الطلبة المتقدمين لامتحانات القدرات بكليات جامعة حلوان لصالح جهات خارج الجامعة دون وجه حق بنحو 3.425 مليون جنيه، إضافة إلى تحصيل رسوم من طلبة كليات جامعة دمياط دون استصدار الموافقات التشريعية اللازمة واستخدام جانب منها في صرف مكافآت بالجامعة بنحو 4.765 مليون جنيه، وكذلك فرض رسوم إضافية على طلاب جامعة بورسعيد يتم إضافتها لبعض الحسابات والصناديق الخاصة دون وجه حق  بنحو 580 ألف جنيه.

وأوضح أن جامعة حلوان قامت باستقطاب نسبة 5% من المقابل النقدي لرصيد الإجازات المصروف للعاملين المحالين للمعاش والتعاقد، نظير عدم الرجوع على الجامعة بأي مطالبات أو تعويضات وتعليتها بالحسابات الدائنة وتجنيبها لصالح الصندوق الاجتماعي بالجامعة، رغم عدم صدور قرار بإنشاء هذا الصندوق، فضلا عن استخدام جزء من الحصيلة لتدعيم صندوق الرعاية الطبية لأعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم دون مبرر، وذلك بنحو 1.896 مليون جنيه.

الإفراج الجمركي

وكشف التقرير عن إجراءات شابها عدم تحري الدقة لدى إصدار قرارات إدارية ومالية داخل الهيئات الخدمية، من ضمنها صرف تعويضات للعاملين في جامعتي عين شمس وأسوان، لعدم مراعاة الدقة لدى إصدار قرارات تعيينهم كمعدين الأمر الذي أدى إلى رفع دعاوى قضائية لما لحق بهم من ضرر، وصدور أحكام قضائية بإلزام الجامعتين بصرف تعويضات لهم، مشيرا إلى صرف مبالغ مالية من مستحقات إحدى شركات المقاولات وتوريدها لوحدة العمالة الغير المنتظمة بمديرية القوى العاملة دون سند من القانون، الأمر الذي أدى إلى قيام الشركة برفع دعوى قضائية وصدور حكم قضائي بإلزام الجامعة برد المبلغ إلى الشركة، بالإضافة لمصاريف قضائية وغرامة تأخير عن السداد، بجامعة بني سويف بنحو 406 آلاف جنيه بجانب عدم صرف مستحقات لأحد المقاولين بالمجلس القومي للرياضة بنحو 228 ألف جنيه وعدم رد خطابات الضمان له وإلزامه بتجديدها رغم قيامه بتنفيذ بنود العقد المتفق عليه .

وأشار إلى أن التقاعس في إتمام الإجراءات وعدم المتابعة اللازمة لأعمال الإفراج الجمركي والاستلام لشحنات معدات معمل التداخل الكهرومغناطيسي ومعدات نظام اختبار الاهتزازات الخاص بمركز تجميع الأقمار الصناعية، وكذا حاويات معمل الأمان البيولوجي، أدى إلى تحمل الموازنة العامة قيمة الأرضيات بنحو 285 ألف جنيه بالهيئة القومية للاستشعار من بعد وعلوم الفضاء، ونحو 67 ألف جنيه بجامعة الإسكندرية.