“الكيان الصهيوني ” يعاقب المصريين انتقاما لقتل جنوده الثلاثة.. كيف وصلت أصابعه إليك ؟

- ‎فيتقارير

في الوقت الذي ينعم فيه المواطن الإسرائيلي بالرفاهية الاقتصادية والحرية السياسية، يرزح المواطن المصري تحت احتلال إسرائيلي مُقنّع أو بالوكالة، عبر ذراعهم الجنرال السيسي الذي تعهد مسبقا وأمام ممثلي العالم في الأمم المتحدة بحفظ أمن "المواطن الإسرائيلي" فقط دون غيره، وهو ما كشف نوياه تجاه المصريين.

وبناء على ما تقدم، توعد الإعلامي الإسرائيلي "إيدي كوهين" المصريين بزيادة سياسة الجوع والمزيد من رفع الأسعار وارتفاع وتيرة الخراب الاقتصادي، وذلك بعد الفرحة التي أعلنها المصريون سواء على السوشيال ميديا أو في الشارع على نطاق واسع، بالشهيد المصري "محمد صلاح إبراهيم" منفذ عملية الهجوم على جنود إسرائيليين قرب الحدود المشتركة مع فلسطين المحتلة.

وفور الكشف عن هوية الشهيد المصري، البالغ من العمر 22 عاما، تصدرت هاشتاغات "محمد صلاح" و"عظّم شهيدك" و"الجندي الشهيد"، قائمة التريندات الأكثر تداولا في مصر ودول عربية أخرى.

وقال الإعلامي الإسرائيلي إيدي كوهين، القريب من دوائر صنع القرار في الكيان الصهيوني، عبر تغريدة رصدتها (الحرية والعدالة) : "جمهورية مصر أكثر دولة في العالم ستعاني من الكساد الاقتصادي اللي جاي قريبا، والله المستعان عشان عندهم عقول اقتصادية جبارة ونظام صح الصح، كل الأسعار اللي تشوفوها اليومين دول وتقولوا عنها مرتفعة شويتين هتشوفوها في الأفلام بعدين".

مضيفا: "وتفتكروا الأيام الجميلة وتقولوا اللحمة البتلو 500 والضاني 400 وروستو 380 أيام جميلة كله هيبقى فوق الألف جنيه بالصلاة على النبي، والمياه هترتفع كتير أوي والدهب والألماس والمعادن النفيسة وحتى سلة العملات الصعبة يورو ودولار وإسترليني هتوصل العلالي بحس الاقتصاديين اللي زي الفل عندكم، قلوبنا معكم يا مصريين، وإسرائيل وقتها هتوقف في ظهركم وتسندكم زي كل مرة عشان تبقوا عارفين".

وللتأكيد على أن سياسات الجنرال السيسي تأتي دوما من تل أبيب، قال كوهين في تغريدة فاضحة :"رئاسة الجمهورية في مصر تصدر تعميما لكافة أجهزتها الإعلامية، وبالذات نشأت الديهي وأحمد موسى ومحمد الباز و عمرو أديب ويوسف الحسيني والخ ، بتخفيف حالة العداء الشعبية مع إسرائيل والتذكير بوجوب احترام المعاهدات، وهو ما قامت به القنوات الفضائية التابعة للعسكر ولجانهم الإلكترونية على مواقع السوشيال ميديا.

ومن اللجان المشهورة على موقع تويتر، داليا زيادة التي اشتهرت بلقب "الناشطة التي تحب إسرائيل وتحبها إسرائيل"، مديرة مركز ابن خلدون سابقا، التي سرعان ما جاءتها الأوامر عبر جروبات الأمن، ونشرت على حسابها في موقع تويتر سيل من التغريدات تتغزل في إسرائيل وتنتقد المصريين الذين يحتفلون بالجندي الشهيد منفذ عملية الحدود، والتي أسفرت عن قتل 3 جنود إسرائليين وإصابة آخريين.

وقالت زيادة :"الناس اللي قاعدة تفخم وتعظم في الاعتداء الذي قام به فرد التأمين المصري على جنود إسرائليين بالأمس، من أنتم؟ وما مصلحتكم بالضبط؟ أي حد بيحب مصر بجد مستحيل يكون فرحان باللي حصل أو يحتفل بيه أو يعتبره عمل بطولي أصلا".

وأضافت: "إيه العمل البطولي في التسلل لحدود دولة مجاورة بينا وبينها معاهدة سلام وتعاون أمني من سنين، ومصالح اقتصادية لا حصر لها؟ حققت إيه من قتل الجنود اللي واقفين على حدودها بحركة غدر ليس لها أي مبرر منطقي؟ ".

وتابعت زيادة: " الحادث إما مدبر من قوى أكبر ، وتم استخدام فرد التأمين في تنفيذه بغرض إشعال الصراع بين مصر وإسرائيل، أو على أقل تقدير إحداث شرخ في العلاقة الجيدة جدا بينهم؟ أو ربما يكون المعتدي مدفوعا بأفكار دينية متطرفة من نوعية قتل اليهود على أساس هويتهم الدينية، وهو ضد مبادئ الدولة المصرية".

ودفعت تل أبيب بأحد أخلص عملائها في الجيش المصري وهو عبد الفتاح السيسي، الذي أدهش السياسيين والخبراء بسياساته القهرية والتجوعية منذ انقلابه في العام 2013، فلا تجد نظاما يفرط في أمن شعبه الغذائي، ويهدر مزاياه النسبية والتنافسية، ويقوض دعائمه الاقتصادية، ويعبث بأمنه القومي واستقلاله السياسي، مثل ما يفعله النظام القائم في مصر.

وبعد أن توسعت مساحة محصول الأرز في أعقاب ثورة يناير، وبمعدلات فاقت الـ 30% في 2013، وبلغ اﻠﻣﺭﺗﺑﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ في الصادرات الزراعية ﺑﻧﺣﻭ 32% من قيمتها في 2012، وبعد أن تربعت مصر على عرش الإنتاجية العالمية سنوات طويلة، عاد السيسي – بأوامر من تل أبيب- إلى سياسة وزير الزراعة في عهد المخلوع مبارك، يوسف والي، ويحارب زراعته من جديد.

الأرز هو الغذاء الرئيس لـ 80% من المصريين، وهو بديل رغيف الخبز في الأزمات ورديفه على موائد الفقراء، والقطب الشمالي في محور الزراعة المصرية، كما أن قصب السكر هو قطبها الجنوبي، كما يصوره عالم الجغرافيا المصري جمال حمدان، وهو أنجح محصول غذائي في مصر على الإطلاق، وتكتفي منه ذاتيا، وتتربع على عرش الانتاجية العالمية منه منذ 2007.

وكما يحتاج المصريون إلى الأرز في طعامهم، تحتاج أراضي الدلتا والبالغة 4 ملايين فدان، والقربية من مياه البحر المتوسط المالحة، إلى زراعة الأرز بمعدل مليون و300 ألف فدان، من خلال دورة زراعية ثلاثية لعلاجها من التملح، ولإزاحة مياه البحر المتوسط حتى لا تتسرب إلى المخزون الجوفي تحتها وتدمرها.

في 2012، أمر الرئيس محمد مرسي برفع سعر طن الأرز للمزارعين من 1450 جنيها إلى 2050 جنيها للطن، ووصلت المساحة إلى مليونين و200 ألف فدان، وأسقط الغرامات المفروضة على المساحات الزائدة، وكلف وزارة التموين بشراء الأرز من المزارعين، فاشترت الوزارة 800 ألف طن، وحققت مخزونا استراتيجيا لم تحققه حكومة من الحكومات، لا من قبل ولا من بعد، وظل سعر الأرز في منظومة السلع التموينية بـ 150 قرشا فقط للكيلو.

في المقابل وفي عهد الجنرال السيسي، انخفضت المساحة بنسبة 67%، وتضاعفت غرامات المساحات الزائدة، وتوقفت وزارة التموين عن الشراء من المزارعين، ووصل سعر الأرز المحلي إلى 10 جنيهات، ثم اختفى من الأسواق، ووصل العجز في محافظات الصعيد إلى 100% والوجه البحري إلى 80%، وتم استيراد الأرز الهندي بعد 20 عام من الاكتفاء والتصدير، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو، لماذا يفرط السيسي في الأرز المصري ويحرم المصريين من ميزته النسبية، وجودته التنافسية، ويعرض أمنهم الغذائي للخطر؟

كان التوسع في الاستدانة من الداخل والخارج ركيزة أساسية لاقتصاد السيسي منذ عام 2016 عندما حصل على قرض من صندوق النقد بقيمة 12 مليار دولار بالإضافة إلى قروض من البنك الدولي ومن حكومات ومؤسسات مالية أخرى، حتى وصل حجم الديون الخارجية إلى 158 مليار دولار، بالاضافة إلى حجم الدين الداخلي الذي ابتلع هذا العام 4 تريليون جنيه، وبذلك نكون نسبة الدين لإجمالي الناتج المحلي تتجاوز 90% وزاد بذلك نصيب الفرد من الدين العام ليتخطى 3250 دولار أمريكي، وفقا لأرقام عام 2020 أي قبل الإجراءات الأخيرة.

وُجهت هذه المليارات التي يسددها الشعب للإنفاق ببذخ على مشاريع عملاقة غير إنتاجية وبدون إجراء دراسات لتحديد جدواها الاقتصادية، وقد بلغت تكلفة إنشاء العاصمة الجديدة ما يزيد عن 58 مليار دولار حتى وقتنا الحالي، فضلا عن بناء مدينة العلمين الجديدة على الساحل الشمالي وإنشاء شبكة طرق وكباري لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، والذي بالمناسبة انخفض من 8% من إجمالي الناتج القومي قبل أزمة 2008 إلى أقل من 2% في فترة حكم السيسي.

هذا إضافة إلى إنفاق مليارات الدولارات لشراء أسلحة مصر، وهي من أعلى 5 دول على مستوى العالم في شراء الأسلحة، وإنشاء مفاعل نووي للأغراض السلمية بقيمة 25 مليار دولار في بلد لديه فائض طاقة.