مع اقتراب عيد الأضحى المبارك تشهد أسعار اللحوم الحية والمذبوحة ارتفاعا كبيرا بما يفوق طاقة ملايين المصريين، بمن في ذلك القادرين الذين وجدوا أن ارتفاع أسعار الأضاحي فاق كل التوقعات، بعد أن تجاوز سعر الأضحية حاجز الـ80 ألف جنيه، وهو ما يهدد بحالة غير مسبوقة من الركود في سوق المواشي.
ارتفاع الأسعار جعل المصريين يتوقعون أن يكون عيد الأضحى بدون لحم هذا العام، وقال عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي تعليقا على ارتفاع أسعار اللحوم والمواشى: "شكلها كده أول عيد أضحى هنأكل فيه الكعك" .
يشار إلى أن مصر تشهد ارتفاعا غير مسبوق في أسعار اللحوم، بجانب استغلال التجار للأوضاع الاقتصادية المنهارة وغياب الرقابة من جانب حكومة الانقلاب لرفع الأسعار، ما أدى إلى حالة من الركود بالأسواق، بعدما تراوح سعر الكيلو من 300 إلى 400 جنيه، واللحم السوداني بالمجمعات الاستهلاكية يتراوح بين 200 و270 جنيها للكيلو.
ورغم هذا الارتفاع غير المسبوق، توقع الخبراء أن تواصل أسعار اللحوم ارتفاعها في الأسواق المحلية أكثر وأكثر مع اقتراب عيد الأضحى المعروف بأنه «عيد اللحمة».
وأكد الخبراء أن أسعار الماشية الحية ارتفعت بصورة تفوق قدرات الكثير ، حيث يتراوح سعر كيلو القائم بين 130 إلى 150 جنيها.
عيد الأضحى
من جانبه أرجع محمد وهبة، رئيس شعبة القصابيين هذا الارتفاع الرهيب في الأسعار إلى مشكلة الاستيراد، موضحا أن مصر دولة غير منتجة للحوم وتعتمد على الاستيراد، كما أن اللحوم الموجودة لا تكفي استهلاك المواطنين .
وكشف وهبة في تصريحات صحفية أن متوسط سعر كيلو اللحم حاليا يتراوح بين 300 و400 جنيه، وهو سعر مرتفع ولا يستطيع الشراء به أغلب المصريين .
وتوقع أن تشهد أسعار اللحوم ارتفاعا جديدا مع قدوم عيد الأضحى، بسبب الزيادة المعتادة في استهلاك اللحوم خلال العيد.
وأضاف وهبة قائلا: "سعر اللحمة هيزيد لكن كام دي حاجة بتاعة ربنا، يمكن ربنا يبعت لنا خير والأسعار متزيدش، لازم نتعشم في ربنا ومناخدش كل حاجة بسلبية".
هامش الربح
وقال هيثم عبدالباسط، نائب رئيس شعبة القصابين بالغرفة التجارية بالقاهرة، إن "الأسعار الحالية غير مُرضية للجزارين، مؤكدا أنها لا تتناسب مع تكلفة الإنتاج، وبالتالي ستواصل الأسعار الارتفاع ولن تتوقف".
وأكد عبدالباسط في تصريحات صحفية إلى أن هناك الكثير من محال الجزارة أغلقت أبوابها، نظرا للارتفاع الشديد في الأسعار، مؤكدا أن الجزارين يعانون بشدة، وأنهم اقترحوا أن تصدر دولة العسكر قرارا بغلق إلزامي لمدة شهرين لحين استقرار سوق اللحوم.
وأوضح أن أصحاب محال الجزارة دائما ما يكونون في مرمى الاتهامات والانتقادات، في ظل ارتفاع الأسعار بهذا الشكل، رغم أنهم ليسوا مسئولين عن هذه الارتفاعات القياسية للأسعار.
وأكد عبدالباسط أن المسؤولية تقع على عاتق مستوردي الأعلاف والأبقار الذين يبالغون في هامش الربح، بالإضافة إلى مسئولية نظام الانقلاب الذي يتخذ قرارات بتخفيض قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية، بزعم مرونة سعر الصرف والعرض والطلب .
سعر الصرف
وقال الدكتور علي إبراهيم أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة الزقازيق: إن "هناك عدة أسباب وراء ارتفاع أسعار اللحوم، أولها وأهمها ارتفاع سعر الصرف، حيث إن تراجع سعر الجنيه المصري أمام الدولار أدى إلى زيادة أسعار اللحوم داخل مصر لأن معظم مكونات الأعلاف مستوردة من الخارج".
وأوضح إبراهيم في تصريحات صحفية أن الارتفاع القياسي في أسعار مستلزمات الإنتاج من الذرة الصفراء والفول الصويا، أدى إلى ارتفاع أسعار الأعلاف من 6000 جنيه إلى 20000 جنيه أي بزيادة أكثر من 300% مع ارتفاع سعر طن الذرة من 6000 جنيه إلى 14 ألف جنيه وفول الصويا من 8000 إلى 25 ألف جنيه، مما أدى لارتفاع أسعار البيض والدواجن واللحوم وغيرها.
وأشار إلى أن الحرب في السودان أثرت على أسعار اللحوم في مصر، لأننا نعتمد على السوق السوداني كمصدر أساسي للوفاء باحتياجات السوق المصري، فالتبادل التجاري في اللحوم يمثل 60% من التبادل التجاري الكلي بين البلدين، ويمثل إجمالي حجم واردات مصر من اللحوم الحمراء ١,٤مليار دولار عام ٢٠٢٢ منها ٢٠٠ مليون دولار واردات لحوم من السودان.
وأكد إبراهيم أن حكومة الانقلاب فشلت في ضبط أسعار اللحوم، لافتا إلى أن استيراد اللحوم من البرازيل والسودان وتشاد لم يحقق الهدف المطلوب.
صغار المربين
وأوضح أن قطاع الثروة الحيوانية يواجه مشكلة تتمثل في السلالات التي يتم تربيتها وتسمينها من قبل الشريحة الأكبر من صغار المزارعين، وخروج شريحة كبيرة من صغار المربين من منظومة الإنتاج، أما كبار المربين فلديهم إمكانياتهم وآلياتهم الحديثة التي تمكنهم من الاستمرار في الإنتاج وتحقيق هوامش ربح مناسبة.
وأضاف إبراهيم أن استخدام المخلفات الزراعية في صناعة الأعلاف الحيوانية المواشي الكبيرة، والماعز والأغنام، تعد خطوة غاية في الأهمية لتخفيف الضغط عن الذرة الشامية وفول الصويا المُستخدمة بشكل رئيسي في صناعة أعلاف، موضحا أن الأعلاف التقليدية المستخدمة لتسمين الثروة الحيوانية يتم إنتاجها من الذرة الشامية وفول الصويا والنخالة وبعض الإضافات.
وطالب بضرورة الاستفادة من مخلفات التصنيع الزراعي من خلال قسم المخلفات الزراعية بمعهد بحوث الإنتاج الحيواني، فمثلا مخلفات الطماطم والفلفل والأرز والسمسم والفول السوداني تدخل كلها في صناعة الأعلاف بنسب معينة، وهناك أيضا مخلفات التمور في سيوة والوادي الجديد، ويمكن لمخلفات التمور أن تدخل في صناعة الأعلاف بدلا من الذرة الشامية، وهناك أيضا كُسْب السمسم والجاتروفا والجوجوبا والتي يمكن الاستفادة منها كبديل لفول الصويا، ويمكن خلط هذه المواد بنسبة تصل إلى 50% من الأعلاف للمواشي الكبيرة.