فى ذكرى الثورة المضادة .. هذه هي مكتسبات “انقلاب 30 يونيو”..70 مليون مصري يعيشون تحت خط الفقر

- ‎فيتقارير

 

يزعم نظام الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي أن انقلابه على أول رئيس مدني منتخب في التاريخ المصري الشهيد محمد مرسي، أو ما يسمى بـ "ثورة 30 يونيو" نجح في تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية للمصريين، كما يزعم أنه ارتقى بحياة المواطنين وقضى على العشوائيات وحقق حياة كريمة لهم، رغم أن بيانات البنك الدولي تؤكد أن أكثر من 70 مليون مواطن يعيشون تحت خط الفقر، أي لا يستطيعون الحصول على احتياجاتهم اليومية الأساسية، بالإضافة إلى زيادة أعداد العاطلين عن العمل، بسبب وقف التعيينات منذ عام 2014 وتراجع الدخول والقدرة الشرائية للمواطنين.

نظام السيسي يتجاهل الحقائق على الأرض ويحلق في الخيال بدعم من المطبلاتية الذين يحاولون خداع المواطنين وتقديم صورة مزيفة لنظام إجرامي دموي قتل مئات الآلاف من المصريين واعتقل مئات الآلاف، ودمر البلاد وبدد الثروات وجوّع المواطنين دون شفقة أو رحمة من أجل الهيمنة على الكرسي .

المناطق الريفية

من جانبها قالت الدكتورة عالية المهدي الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة: إن "تحقيق العدالة الاقتصادية يؤدي إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، موضحة أن كل مسوح الفقر في الأسرة والدخل والاستهلاك، تشير إلى أن المناطق الريفية هي الأكثر فقرا من الأماكن الحضارية، وتوجد المحافظات الأكثر فقرا في الوجه البحري  وفي الصعيد مثل أسيوط وسوهاج وقنا".

وأوضحت د. عالية المهدي في تصريحات صحفية، أنه إذا كان الفقر منتشرا في بعض المحافظات، فهذا يعني عدم وجود عدالة في توزيع الثروة على مستوى المحافظات، حيث يوجد تركيز للثروات في بعض المحافظات، وهي غالبا المحافظات الحضارية، مثل القاهرة، والجيزة والإسكندرية، ومحافظات خط قناة السويس، وكذلك في شرم الشيخ والغردقة التي بها قدر من الثروة.

وشددت على ضرورة تركيز الاستثمارات، وتوجيهها للمحافظات الأكثر فقرا، لأنه لا يصلح استمرار تنفيذ الاستثمارات في القاهرة والجيزة، وفي المقابل يتم تجاهل المحافظات التي تتسم بفقر شديد.

وأشارت د. عالية المهدي إلى إن الفقر لا يقتصر على توزيع الثروة، لكن يمتد أيضا إلى الثروة البشرية،  بمعنى أن المحافظات الفقيرة، تعتبر طاردة للعمالة ويتركها سكانها بحثا عن أماكن أخرى يوجد بها فرص عمل، مثل محافظة سوهاج التي تعتبر محافظة طاردة للسكان، نظرا لعدم توافر فرص عمل بها، كما أن أجورها ضعيفة، وبالتالي الشباب في سن العمل يهربون من هذه المحافظات.

خريطة الاستثمار

 وأضافت، كل ذلك يعني أن خريطة الاستثمار في مصر غير متوازنة، حيث لا يوجد بالمحافظات الفقيرة مصانع أو مزارع كبيرة، ولا يوجد بها أنشطه اقتصادية من النوع الكبير، وبالتالي لا توجد عدالة في توزيع الأنشطة الاقتصادية، التي تعبر عن أصول الاقتصاد الموجودة بندرة في المحافظات الفقيرة .

وتابعت د. عالية المهدي، العدالة الاجتماعية تتحقق من خلال أن تمنح دولة العسكر للمحافظات استقلالية، وتمنحها حوافز للأنشطة التي تقام فيها،  حتى لا يصبح كل شيء مركزي يشترط ضرورة العودة لوزير التنمية المحلية بحكومة الانقلاب، ولكن يجب أن تكون للمحافظ سلطة إصدار حوافز للمشروعات، التي ستقام في المحافظة التي يرأسها، مطالبة بأن يكون هناك نوع من اللامركزية، ونوع من حرية الحركة  تمنح لهذه المحافظات، وبذلك تجتذب أنشطة اقتصادية تعمل من خلالها، وبهذه الطريقة يتم تشجيع الاستثمار في هذه المناطق.

وانتقدت توجيه حكومة الانقلاب الاستثمارات في منطقتين أو أكثر خالية من سكان في الأساس، مثل المدن الجديدة، بينما المحافظات نفسها تشكو من نقص الاستثمارات ومن نقص البنية التحتية، وهذا يؤدي إلى استمرار الخلل في توزيع المزايا، ورؤوس الأموال بين المحافظات.

وطالبت د. عالية المهدي دولة العسكر بأن تضع في أولوياتها أن تنمي المحافظات، خاصة المحافظات الأكثر فقرا من خلال وجود استثمارات ونشاط قوي وفرص عمل بها، وتحولها إلى محافظات تحافظ على سكانها، بدلا من أن تكون طاردة لهم مشددة على ضرورة تقديم حوافز للقطاع الخاص لتحفيزه للذهاب إلى هذه المناطق، ومن هذه الحوافز تقديم أرض مجانا أو توصيل المرافق، وربطها بالطرق الرئيسية في المحافظات ..        

العدالة الاجتماعية

 وأكدت ضرورة أن تعمل دولة العسكر على تحقيق العدالة الاجتماعية بالمحافظات المحرومة، لافتة إلى أن حياة كريمة تأثيرها محدود في بعض القرى فقط، لكن العدالة الاجتماعية تعتمد على تطوير المحافظات  الطاردة للسكان، من خلال الاستغلال الأمثل للثروات الموجودة داخل كل محافظة، موضحة أن هناك أنواع كثيرة من الأنشطة الاقتصادية، من الممكن أن تتم في كل محافظة من المحافظات بحسب المزايا الطبيعية الموجودة فيها.

وقالت د. عالية المهدي: إن "العدالة الاجتماعية أوسع وأشمل من توزيع ثروات الكبار على الفقراء، موضحة أن مفهومها يتضمن أن المواطن يتطور وهذا يخلق عدالة اجتماعية مستدامة، تتحقق عندما يتعلم الشاب جيدا وتتاح أمامه الفرص، من خلال توفير أنشطه اقتصادية في المحافظة التي يقيم فيها، حتى يستطيع إقامة مشروعه الخاص به، وبذلك يصبح جو العمل محفزا، ويتطور المواطن، ويصبح قادرا على تطوير نفسه في ظل مناخ مشجع على العمل".

وأوضحت أنه من خلال العدالة الاجتماعية المستدامة، يحدث انعكاس إيجابي يوفر فرص عمل كريمة، يتبعه احتمالات نمو وتطوير في المستقبل، مع توفير استقرار للمواطن في محل إقامته، بدلا من الهجرة من محافظة لأخرى بحثا عن الرزق .

العنصر البشري

وقال الخبير الاقتصادي الدكتور محمد شادي: إن "المقصود بالعدالة الاجتماعية أن السكان يحصلون على نصيب عادل من الدخل، سواء بناء على المجهود الذي يبذلونه في عملية الإنتاج، وكذلك بناء على أن لا تزيد الفوارق الاجتماعية بدرجة متفاوتة بين الطبقات بشكل كبير" .

وحمل شادي في تصريحات صحفية دولة العسكر مسئولية رفع مستوى  الطبقات الاجتماعية الأدنى، من خلال أن تقدم لها الخدمات بشكل أفضل، مع إعادة توزيع الثروة من دخول الأغنياء على الفقراء،  بحيث تجعل نصيب الفقراء من الدخول أكبر.

وطالب دولة العسكر بأن تقدم نظاما صحيا وتعليما أفضل، وتوفير خدمات الإسكان وأن تستهدف كل فئة بأنواع معينة من التدخلات بهدف تحسين أوضاعها ليكون مستواها أفضل.

وكشف شادي أن أكبر ثروة موجودة على وجه الأرض، هي العنصر البشري، حيث إن موارد أي دولة أو أصولها المختلفة لم تكن لها أي قيمة دون عقل بشري يفكر ويدبر ويقرر وينفذ، ولكن يرتبط التوازن والعدالة الاجتماعية على المستوى المحلي ارتباطا كليا بالرضاء المالي والمادي.

وشدد على ضرورة ربط مبادرة حياة كريمة، وتطعيمها بإستراتيجية اقتصادية تعتمد على العقليات الاقتصادية الشابة في أنحاء الجمهورية والتي لم يتم اكتشافها حتى الآن، نظرا لعدم توافر القدرات المالية أو الاجتماعية التي تمكنها من توصيل أفكارها.

وأوضح شادي، أن تطوير دخول الأفراد ليس فقط من خلال الأعمال الريادية، وعمل مشروعات صغيرة أو متوسطة وتوفير تمويل بأشكال مختلفة، وإنما من خلال تلقي الأفكار العلمية المدروسة  مشددا على ضرورة استقطاب العقول الذكية، التي تدرس وتفكر وهذه القوة البشرية الذكية، تحتاج اكتشافها وتوفير الإمكانيات الأساسية لتجاربها العلمية والمهنية والإيمان بها.

 

توطين الصناعة

 

وطالب الخبير الاقتصادي الدكتور فرج عبدالله، بضرورة توطين الصناعة مع توفير مراكز التأهيل الاجتماعي، والاكتشاف المبكر للإعاقة، وتوفير منظومة واحدة للخدمات الحكومية، ورصف الطرق، وتوفير سكن كريم، مع تنفيذ ومعالجة محطات الصرف الصحي ووحدات البيوجاز ودمج معايير الاستدامة البيئية.

وقال عبدالله في تصريحات صحفية: إن "مبادرةحياة كريمة، التي أطلقها الانقلاب تركز على الشو الإعلامي ولا تقدم تنمية حقيقية للقرى ولا تستهدف  تحقيق العدالة الاجتماعية".

وشدد على ضرورة العمل على تحقيق العدالة الاجتماعية التي نادى بها المصريون في يناير 2011 وإقرار إجراءات الحماية الاجتماعية لتوفير مظلة آمنة للفئات الأكثر احتياجا  والقضاء على الفقر ومراعاة توصيل المرافق للقرى والنجوع والكفور، والقضاء على الجوع بدعم الغذاء وتوفير المنافذ التموينية، وزيادة الإنتاجية الزراعية، مع الاهتمام بمنظومة الصحة، بتطوير المستشفيات والوحدات الصحية، ومراكز طب الأسرة وسيارات الإسعاف، وبذل جهود ضبط النمو السكاني والمنظومة المتكاملة لجمع المخلفات، وكذلك تقديم الخدمات الشبابية والرياضية وتوفير قوافل طبية، وتحقيق التعليم الجيد، وتعزيز مشاركة المرأة في سوق العمل، وتوفير المياه النظيفة والنظافة الصحية، وتوصيل الغاز الطبيعي للمنازل وتوفير مصدرين للتغذية الكهربائية لكل قرية، وكذلك توفير العمل اللائق ونمو الاقتصاد بتوفير فرص عمل لأهالي القرى والعمل بالمشروعات.