في الوقت التي تحتفل فيه أجهزة السفيه السيسي، بمايسمى 30 يونيه، أو العشرية السوداء، التي حرمت مصر، من أن تكون دولة مدنية ديمقراطية، يحكمها عصابات العسكر، تصاعدت الديون الخارجية في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي وتجاوزها الـ 170 مليار دولار مقابل تراجع الواردات الدولارية، بسبب انخفاض الإنتاج والصادرات والسياحة الوافدة إلى البلاد، حذر خبراء الاقتصاد من عدم قدرة نظام الانقلاب على سداد أقساط وفوائد الديون ما يهدد بإفلاس البلاد .
وقال الخبراء: إن "نظام الانقلاب مطالب بسداد أكثر من 20 مليار دولار حتى نهاية العام 2023 ومطالب أيضا بسداد نحو 25 مليار دولار في الستة أشهر الأولى من العام 2024".
وحذروا من لجوء نظام الانقلاب إلى السحب من الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية بالبنك المركزي المصري والذي لا يتجاوز الـ 34 مليار دولار، موضحين أن معظم هذه المبالغ عبارة عن منح وقروض من دول الخليج خاصة السعودية والإمارات والكويت .
مهمة صعبة
من جانبها قالت وكالة رويترز في تقرير لها عن الأوضاع الاقتصادية في زمن الانقلاب: إن "مصر تواجه مهمة تزداد صعوبة يوما بعد يوم لجمع السيولة المطلوبة لسداد ديونها الخارجية، بعدما ارتفع الاقتراض الخارجي في الأعوام الـ8 الماضية إلى 4 أمثاله".
وحذرت الوكالة من أن شبح التخلف عن سداد الديون سوف يظل يطارد حكومة الانقلاب، التي لا تزال تعاني من شح أزمة الدولار، وتراجع حجم الصادرات، وحجز البضائع في الموانئ، وهو ما نتج عنه ارتفاع كبير في الأسعار وزيادة معاناة المواطنين.
وانتقد التقرير مزاعم السيسي بأن الديون استخدمت في تمويل بناء عاصمة جديدة وتشييد بنية تحتية وشراء أسلحة ودعم عملة، مؤكدا أن مشروعات السيسي لا تدر تدفقات إضافية من العملة الصعبة، في حين فاقم المستثمرون الأجانب المتاعب بالعزوف عن الاستثمار في مصر منذ اندلاع الحرب الأوكرانية وزيادة تكاليف الاقتراض العالمية.
وأوضح أنه في الوقت الذي تزعم فيه البيانات الرسمية ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي إلى 34.224 مليار دولار فإن إجمالي قيمة الالتزامات على مصر خلال العام المالي الحالي 2022 و 2023 يبلغ نحو 20.2 مليار دولار.
وكشف التقرير أن الدول العربية تمتلك 25.1 في المئة من الديون الخارجية لمصر، بينما يمتلك صندوق النقد الدولي نحو 15 في المئة منها، فيما ينتظر نظام الانقلاب جدول سداد مزدحما خلال الأعوام القليلة المقبلة، وبخلاف 26.4 مليار دولار ديون قصيرة الأجل يتعين سدادها خلال عامين، هناك ديون متوسطة وطويلة الأجل تجاوزت الـ 72.4 مليار دولار حتى نهاية 2025 .
وأوضح أنه بحسب جدول سداد الدين الخارجي متوسط وطويل الأجل فإنه يتعين على الانقلاب سداد 8.32 مليار دولار حتى نهاية يونيو 2023، وفي عام 2024 يجب سداد 10.9 مليار دولار خلال النصف الأول، و13.3 مليار دولار في النصف الثاني من العام.
وخلال عام 2025 يجب سداد 9.3 مليار دولار في النصف الأول و5.8 مليار دولار في النصف الثاني من العام، أما في عام 2026 فيتعين سداد 6.6 مليار دولار خلال النصف الأول من العام بخلاف 10.2 مليار دولار خلال النصف الثاني.
توصيات الصندوق
من جانبه قال الخبير الاقتصادي، عبدالنبي عبدالمطلب وكيل وزارة الاقتصاد الأسبق: إن "سياسة الاقتراض التي يتبناها نظام الانقلاب جاءت استنادا على نظرية اقتصادية خاطئة مفادها "كلما زادت قدرتك على الاقتراض ازداد جذب الاستثمار الأجنبي المباشر".
وكشف عبدالمطلب في تصريحات صحفية أن تلك النظرية حققت نجاحا وهميا، لافتا إلى أنه بمجرد بدء الاقتراض جاءت للبلاد حوالي 30 مليار دولار من الأموال الساخنة، التي سرعان ما انسحبت من السوق المصري بعد الحرب الروسية الأوكرانية .
وحذر من أن ذلك أثر سلبا على الوضع الاقتصادي في مصر وأدى لتراكم الديون على البلاد، موضحا أنه يمكن لنظام الانقلاب الوفاء بكافة الالتزامات الخارجية، من خلال حلين لا ثالث لهما، إما من خلال إجراءات ثورية تتعلق بـالسحب من الاحتياطي النقدي للبلاد، ضاربا بتوصيات صندوق النقد الدولي عرض الحائط، ووقتها تستطيع مصر المناورة بما قيمته حوالي 10مليار دولار، يتم من خلالها دعم الجنيه بقرابة 6 مليار دولار خلال هذا العام.
وأكد عبدالمطلب أنه من خلال الستة مليارات دولار يمكن الوفاء بقيمة البضائع المحجوزة في الموانئ المصرية، ما يؤدي لانتعاش اقتصادي وإعادة الثقة في الاقتصاد المصري.
وأوضح أن الحل الثاني يتعلق بالاستجابة لمطالب صندوق النقد الدولي بتخفيض قيمة العملة المحلية، رغم خطورة ذلك في هذه المرحلة، محذرا من أن تخفيض قيمة العملة يحتاج إلى القفز على الأسعار في السوق الموازية.
وأعرب عبدالمطلب عن تخوفه من عدم قبول صندوق النقد الدولي بهذا التخفيض كبادرة على إثبات أن حكومة الانقلاب ماضية في تنفيذ تعهداتها، ومطالبته بإدراج أسهم الشركات التي تم الإعلان عنها في البورصة.
وأكد أنه سيكون لذلك مخاطر كبيرة في ظل التضخم العالمي وازدحام سوق السندات الدولارية، مشيرا إلى أنه وفق هذه الأوضاع ليس أمام نظام الانقلاب إلا السحب من الاحتياطي النقدي لتسوية المديونات المقررة خلال 2023،
القرار المصري
وتوقع عمرو صالح أستاذ الاقتصاد السياسي ومستشار البنك الدولي السابق أن يلجأ نظام الانقلاب الدموي إلى سيناريو السحب من الاحتياطي النقدي إلى أن يتمكن من الحصول على قروض جديدة وهكذا تدور البلاد في حلقة مفرغة.
وقال صالح في تصريحات صحفية: "رغم أن هذا هو الهدف الأساسي لوجود الاحتياطي النقدي لدى الدول، وأنه يمكن السحب منه عند وجود أزمات إلا أن الصورة مختلفة في مصر لأنه حتى الاحتياطي النقدي فهو عبارة عن قروض من دول أجنبية خاصة دول الخليج السعودية والإمارات وقطر والكويت".
وأشار إلى أن نظام الانقلاب سيقوم بالسحب لتمويل المدفوعات وهي ليست كبيرة، ويمكن تدارك أثار ذلك من خلال إصدار أذونات خزانة أو الحصول على قروض من صناديق الاستثمار أو بنوك التمويل الدولية سواء الأفريقية أو العربية، موضحا أن الاستدانة هي الحل الوحيد المطروح أمام نظام الانقلاب، وبالتالي تضاعف الديون الداخلية والخارجية ورهن القرار المصري في أيدي الأجانب .
5 خطوات
وطالب الخبير الاقتصادي أبوبكر الديب حكومة الانقلاب باتخاذ 5 خطوات عاجلة لسرعة سداد الدين، أهمها التوقف عن اقتراض الأموال من جديد، وجدولة وتنظيم تلك الديون، وترشيد الإنفاق، وتطوير الثقافة المالية.
وقال الديب في تصريحات صحفية: إن "مصر تحتاج لإجراءات لعلاج الأزمة منها تحديد جدول الأولويات في الاستثمارات الحكومية، وضغط الإنفاق وتنشيط السياحة والصناعة والصادرات ودعم الزراعة والتجارة وتمكين القطاع الخاص".
وشدد على ضرورة تبني حكومة الانقلاب تدابير وسياسات وإجراءات من شأنها تحقيق الانضباط المالي، والتحرك باتجاه مستويات أكثر استدامة للدين العام، وتبني استراتيجية اقتصادية متوسطة الأمد لترشيد الاستهلاك وتنمية الموارد وفتح الاستثمارات وفك كل القيود على المستثمرين.