غير مرخصة ويشرف عليها بلطجية.. مراكز علاج الإدمان سجون لتعذيب المرضى!

- ‎فيتقارير

انتشرت مراكز علاج الإدمان غير المرخصة بصورة غير مسبوقة في ظل إهمال حكومة الانقلاب وعدم اهتمامها بصحة المصريين وتقديم العلاج لهم في المستشفيات الحكومية، وهو ما يهدد بالكثير من المخاطر الصحية بين المرضى من متعاطي المخدرات المترددين على هذه المراكز باحثين عن أمل في التعافي من الإدمان، فضلا عن ارتكاب القائمين على هذه المراكز العديد من الجرائم ضد المرضى، لافتقادهم الخبرة الكافية في كيفية التعامل مع هؤلاء المرضى، بالإضافة إلى سوء المعاملة وتعرضهم لوصلات من التعذيب.

الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل تستعين بعض المراكز بأدوية يتم جلبها بطرق غير مشروعة من السوق السوداء. 

كانت إحصائية حديثة صادرة عن "صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي" كشفت عن عدد البلاغات التي تلقاها الخط الساخن بالصندوق، بشأن وجود مراكز ومصحات علاجية غير خاضعة للإشراف على مستوى الجمهورية، والتي تبيّن أنها تصل إلى 84 مركزا ومصحة مخالفة خلال العام الماضي.

وأوضحت الإحصائية، أن المراكز موزعة جعرافيا كالتالي: «15 مركزا علاجيا بمنطقة التجمع الخامس، و22 مركزا بمنطقة المقطم، و9 مراكز بمدينة السادس من أكتوبر، و20 بالجيزة، و7 مراكز علاجية بمدينة العاشر من رمضان، و4 في الإسكندرية، ومركزان في السويس، و5 في الإسماعيلية».

 

سوء معاملة

من جانبها كشفت سيدة تدعى «أم دينا» تفاصيل رحلة معاناة زوجها مع الإدمان ومحاولتها المستميتة لعلاجه، والتي امتدت لأكثر من 5 سنوات دون جدوى.

وأشارت «أم دينا» إلى كواليس رحلة علاج زوجها بعدد من مراكز علاج الإدمان غير المرخصة بمنطقة شبرامنت مركز أبو النمرس جنوب محافظة الجيزة، قائلة: "زوجي حاليا محجوز بأحد المراكز الخاصة بعلاج الإدمان بمنطقة شبرامنت، ومن الآخر كده مفيش حاجة اسمها علاج في هذه المراكز ، إحنا بقالنا أكثر من 5 سنوات نتردد على تلك المراكز، زوجي بعد ما يطلع من المركز وهو جاي في السكة يتعاطى البودرة، أنا شخصيا أذهب لهذه الأماكن علشان ارتاح منه، لأنه مسببلي مشاكل كتير" .

وقالت: "زوجي بيتهجم عليّ ويضربني عشان يأخذ فلوس يشتري بيها بودرة، كذا مرة يسرق الفلوس مني والذهب، ولما حاولت امنعه تعدى عليّ بالسنجة وكاد أن يقتلني" .

وأكدت «أم دينا» أنها حاولت التخلص من حياتها بالقفز من شرفة مسكنها، إلا أن محاولتها انتهت بالفشل والإصابة بكسور وعاهة مستديمة لتخرج من المستشفى عاجزة عن الحركة والعمل.

وحول ما يدور داخل مراكز الإدمان قالت : إن "زوجها كان يعاني من سوء المعاملة والسب بأفظع الألفاظ علاوة على حرمانه من الأكل والشرب، كان بيحيكلي أنهم بيحطوا له معلقة عسل في طبق وقطعة من الجبن ورغيفين خبز ودي وجبة اليوم كله" .

 

بير سلم

وأشارت «أم دينا» إلى أنه في حالة مخالفة أحد النزلاء للتعليمات يتعرض لأبشع أنواع العقاب والتعذيب، موضحة أن القائمين على محاضرات التأهيل النفسي هم من بعض المتعافين من الإدمان.

وكشفت أن المعاملة داخل مراكز علاج الإمان تنقسم إلى نوعين، الأول يسمى «هاي فيو» وهو مكان للنزلاء الملتزمين بالتعليمات ويكون عبارة عن غرفة بها شاشة تليفزيون وسرير، أما النوع الثاني يسمى «ديونكس» وهو عبارة عن غرفة صغيرة لا يوجد بها أي مقومات للحياة ومخصصة للعقاب، يتم حبس الشخص المتجاوز فيها ويتم التعامل معه أسوأ معاملة، ويصل الأمر أحيانا إلى «التكتيف» وتركه ساعات طويلة ويحرم من كافة وسائل الترفيه.

عن أسعار تلك المراكز، أوضحت «أم دنيا» أن سعر اليوم الواحد 125 جنيها،  وكل 10 أيام بدفع 1000 جنيه، ومفيش أي أدوية بيأخدها ومفيش أطباء بيشرفوا على المرضى، كلهم ناس ضريبة مخدرات متعافين وماسكين هذه المراكز .

وقالت: إنها "تعلم أن تلك المراكز «بير سلم» وغير قادرة على علاج زوجها، إلا أنها تقوم بحجزه ودفع الرسوم للتخلص منه وإبعاده عنها".

 

سجون

وكشف شاب يدعى «عمرو» موظف بإحدى المطابع، رحلة علاجه والتعافي من الإدمان، قائلا: "أنا الحمد لله بقالي حوالي سنة ما أخدتش حاجة، وكنت بتعالج في أحد المراكز الخاصة بعلاج الإدمان بمنطقة أبو النمرس، زميل لي الله يرحمه ويسامحه هو اللي علمني شرب المخدرات، بصيت لولادي وزوجتي أنا إزاي أعمل كده، وبفضل الله قدرت التغلب على المخدرات" .

وأضاف «عمرو»  أنه تعرض لأبشع أنواع المعاملة والتعذيب داخل المركز، متابعا: «اتمرمطت واتداس على وشي بالجزمة، وفضلت صامدا عشان أنا عاوز أخف وأبقى إنسان كويس».

وأوضح أنه كان سببا في إنقاذ حياة أحد المدمنين داخل أحد المراكز، بعدما أقدم على الانتحار صانعا لنفسه مشنقة للتخلص من سوء المعاملة التي تعرض لها.

وأشار «عمرو» إلى أن جميع المراكز الموجودة في محافظة الجيزة غير مرخصة والجهات الحكومية المسئولة تعلم ذلك جيدا، وهناك بالفعل حملات تفتيش تقوم بالمرور على هذه المراكز، ولكن يتم إبلاغهم قبل نزول الحملات، وعلى الفور يتم إخلاء الفيلات من النزلاء ونقلهم إلى أماكن أخرى حتى الانتهاء من المرور .

وقال : "حصل كذا مرة نفاجأ بالمسئولين عن المركز يطلبون منا إخلاء المكان فورا والانتقال إلى أماكن أخرى حتى انتهاء أجهزة أمن الانقلاب من المرور" .

واعتبر «عمرو» هذه المراكز بمثابة سجون، لافتا إلى مركز شهير في منطقة أبو النمرس معروف عنه ارتكاب جرائم تعذيب النزلاء، وأكد أن هذا المركز يسمى بـ "المحرقة" ومشهور جدا لقسوة المعاملة مع المرضى بداخله، واسمه الحقيقي مركز أبو زيد، وصاحبه يقيم في منطقة بولاق الدكرور .