أظهر أحدث تقرير صادر عن البنك الدولي بعنوان «أمن غذائي» بارتفاع معدلات التضخم للسلع الغذائية عالميا، لكن التقرير كشف أن مصر من بين أكثر الدول عالميا تأثرا بموجة التضخم في أسعار السلع الغذائية، مع تحقيقها معدل 37.3 % تضخم (زيادة) في أسعار السلع الغذائية خلال عام 2022، وتحقيق نسبة 16% تضخم حقيقي لأسعار الغذاء جعلها سادس أعلى دولة في العالم.
ووفق تقرير البنك الدولي سجلت أغلب دول العالم نسبة تخطت الـ 10 % تضخم في أسعار السلع الغذائية، وسجلت دول مثل زيمبابوي وفينزويلا ولبنان نسب تضخم في أسعار الغذاء قياسية بلغت 285% و158 % و143 % على التوالي، ما يجعلهم أعلى ثلاث دول، ووفق معيار معدل التضخم الاسمي للسلع الغذائية فإن مصر من بين أول 20 دول عالمية في ارتفاع أسعار السلع الغذائية.
لكن البنك الدولي أشار إلى نقطة أخرى في تقريره وهو حساب معدل التضخم الحقيقي للسلع الغذائية، بعد طرح معدلات التضخم في كل بلد- أي انخفاض القيمة الشرائية للعملة -، ووفق هذا المعيار جاءت مصر في المرتبة السادسة عالميا في ارتفاع أسعار الغذاء.
التضخم يزيد أوجاع الشعب
وكشف تقرير رسمي عن ارتفاع التضخم في مصر لأعلى مستوى له على الإطلاق، كما قفزت أسعار الغذاء خلال يونيو الماضي، فوق 64 % وسط استمرار تبعات خفض سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، وارتفاع أسعار السلع الغذائية في الأسواق العالمية.
وأظهرت بيانات البنك المركزي في وقت سابق، ارتفاع معدل التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار الغذاء والطاقة شديدة التقلب، إلى 41% على أساس سنوي في يونيو مقابل 40.3% في مايو.
وقال الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء: إن "التضخم السنوي في مصر ارتفع في يونيو إلى مستوى قياسي لم تشهده البلاد من قبل، قدره 36.8%، مدفوعا بغلاء أسعار المواد الغذائية، وكان معدل التضخم السنوي قد سجّل 14.7% في الشهر نفسه من العام الماضي".
استجمام في الساحل
ونشرت جريدة الأخبار اللبنانية تقول: إن "عبد الفتاح السيسي وحكومته يعيشون في الفترة الحالية حالة من الاسترخاء ويستجم معظمهم بالساحل الشمالي، في ظل معاناة المصريين الممتدة من ارتفاع أسعار الخدمات التي يجري تمريرها سرا كما حدث في أسعار الكهرباء".
يقول الخبير الاقتصادي ونقيب الصحفيين الأسبق ممدوح الولي، وظل حديث المسؤولين المصريين يرجعون تلك الارتفاعات السعرية للسلع إلى التضخم العالمي، وما تلاه من آثار الحرب الروسية الأوكرانية، لكنه عندما نجد معدل التضخم في روسيا بالشهر الماضي 2.5% فقط، ومعدل التضخم في أوكرانيا 12.8% بالشهر نفسه، فإن الأمر يحتاج إلى إعادة نظر.
وهو ما يكشفه مؤشر أسعار الغذاء الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة، الذي تراجع خلال الشهر الماضي بنسبة 23%، مقابل ما كان عليه في شهر مارس من العام الماضي عقب الحرب الروسية الأوكرانية، وهو ما أكده مؤشر أسعار الغذاء الصادر عن البنك الدولي الذي انخفض في الشهر الماضي بنسبة 19%، عن الذروة التي بلغها في شهر مايو/أيار من العام الماضي.
هبوط عالمي وارتفاع محلي
ويضيف: يزداد التناقض بين أرقام المؤشرات الفرعية لأسعار أنواع الغذاء، التابعة لمنظمة الأغذية والزراعة ما بين قمة ذروتها في العام الماضي والشهر الماضي ، وما بين معدلات التضخم لتلك المجموعات السلعية نفسها في مصر، حيث تراجع مؤشر أسعار زيوت الطعام العالمي بنسبة 54% بينما زاد في مصر بنسبة 31%، وبينما انخفض مؤشر أسعار الحبوب العالمي بنسبة 27% نجد مؤشر الحبوب في مصر يرتفع بنسبة 59%.
زيادات فجة
ويكمل الولي، وإذا كان مؤشر أسعار منتجات الألبان العالمي قد تراجع بنسبة 22% نجده في مصر قد زاد بنسبة 67%، وبينما انخفض مؤشر أسعار اللحوم العالمي بنسبة 6% نجده قد زاد في مصر بنسبة 92%، وكان المؤشر الوحيد الذي حدث به اتساق في الاتجاه بين العالم ومصر هو مؤشر أسعار السكر، الذي زاد عالميا بنسبة 25% بينما بلغت نسبة زيادته في مصر 35.5%، رغم تصريح وزير التموين المصري قبل بضعة أشهر بأن نسبة الاكتفاء الذاتي من السكر بلغت 91% وفي طريقها للزيادة عن ذلك.
ويتابع، وعندما يقول البعض: إن "الركود ببعض تلك البلدان هو السبب، في انخفاض بمعدلات التضخم بها نتيجة ضعف الطلب على السلع والخدمات، فإن الأولى بمصر أن تكون هي المستفيدة من ذلك في ظل الانكماش المستمر بها، بشكل متواصل طوال الاثنين والثلاثين شهرا الماضية وحتى الشهر الماضي".
وذلك حسب مؤشر مديري المشتريات بالقطاع الخاص غير النفطي، وهو المؤشر نفسه الذي يشير إلى عدم وجود انكماش بالكثير من الدول الموردة لمصر بالشهر الماضي، ومنها، الصين وروسيا والسعودية والهند وتركيا والإمارات وإسرائيل.
جريمة السيسي
بدوره، ذكرموقع "ميدل إيست آي" أن سلطات الانقلاب رفعت أسعار السلع الأساسية الموزعة من خلال البطاقات التموينية التي يستخدمها أكثر من نصف السكان .
وأضاف الموقع أن الزيادات تشمل زيادة زجاجة الزيت النباتي إلى 30 جنيها من 25 جنيها، في حين سترتفع أكياس السكر والأرز التي يبلغ وزنها كيلوغراما واحدا إلى 12.60 جنيها من 10.50 جنيهات.
وأوضح التقرير أن عدد سكان مصر يبلغ أقل بقليل من 110 ملايين نسمة ويستفيد أكثر من 60 مليون شخص من البطاقة التموينية التي تحصل عليها كل أسرة، لكل أسرة لديها بطاقة تموينية، هناك 50 جنيها شهريا للفرد لشراء حوالي 32 نوعا من السلع بأسعار مدعومة، والتي تشمل المعكرونة والدقيق والفول المدمس، وفقا لما ذكرته رويترز.
علي المصيلحي وزير تموين الانقلاب قال: إن "ارتفاع أسعار السلع المدعومة الموزعة من خلال البطاقات التموينية يجبرنا الآن على مراجعة الأسعار، وإلا فلن تتمكن الحكومة من تمويل أو توفير هذه السلع، وإن عملية المراجعة ستبدأ في الأيام المقبلة".
وبحسب مصيلحي، بسبب ارتفاع التضخم ونقص الدولار، تعمدت حكومة السيسي خفض إمدادات بعض المواد المستوردة من الخارج، مثل القمح والزيوت النباتية.
وأضاف مصيلحي أن الحكومة تدرس اعتماد العملات المحلية بين مصر والدول الأخرى التي تتاجر معها، على الرغم من أنه لم يتم تحديد أي شيء بعد، إلا أن هناك مفاوضات جارية مع روسيا والصين والهند ، حسبما ذكرت بلومبرج.
وفي الشهر الماضي، أراد صندوق النقد الدولي أن يرى حكومة السيسي تسرع الإصلاحات قبل أن تجري أول مراجعة لبرنامج إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار يهدف إلى دعم اقتصاد الدولة الواقعة في شمال إفريقيا.