تدهور وانهيار غير مسبوق وصلت إليه مصر مع النظام العسكري، الذي قزّم مصر لأبعد الحدود التي يمكن أن يتخيلها عاقل.
فبعد أن انكشفت عورة السيسي وفساده وفشله في إدارة أموال المصريين، باتت كل دول العالم ترفض تمويل مشاريع السيسي وتتعنت في شروط إقراضه، بعدما وصلت تكلفة فوائد الديون وأقساطها أكثر من 98% من إجمالي الناتج المحلي، وتزايد الفجوة التمويلية والعجز المالي الكبير الذي يضع مصر على سلم الإفلاس المالي، فبات صندوق النقد الدولي أكثر تشددا في الإفراج عن شرائج القرض الذي اتفقت بشأنه مصر بـ3 مليار دولار، مشترطا تدبير مصر نحو 2 مليار دولار من بيع أصولها وتخارج شركات الجيش من الاقتصاد ، كما أن الكثير من دول الخليج التي تمول السيسي، باتت لا تثق في وعود السيسي، أو تسمح بإقراضه لتأكده من إهداره تلك الأموال في مشاريع غير ذات جدوى اقتصادية، ووصل الأمر إلى عرض دول خليجية شراء الأصول المصرية بالجنيه المصري، نظرا لتأكدها من تلاعب البنك المركزي المصري بقيمة العملة ودعمها وتقييمها بأكثر من قيمتها بنحو 38%.
ارتفاع الأسعار
وأمام تلك الحالة الكارثية، التي يفاقمها عدم قدرة السيسي على زيادة التصدير أو جذب استثمارات خارجية، باتت السلع الأساسية وفي مقدمتها القمح دون مستوى حاجات المصريين، ولا تكاد تكفي أشهر معدودة، وهو ما دفع السيسي مرغما ليتفاوض مع الإمارات على أن تشتري القمح لصالح مصر بالدين، بعدما أعلنت أنها لن تقدم قروضا جديدة للسيسي.
وقد أعلن وزير التموين بحكومة الانقلاب، علي المصيلحي، أن مصر تنوى توقيع اتفاقية تسهيل قرض متجدد بـ100 مليون دولار مع صندوق أبوظبي للتنمية لتمويل مشترياتها من الحبوب من شركة الظاهرة الإماراتية، مشيرا إلى إمكانية استخدام هذا التمويل في مشتريات أخرى، بحسب كلمته في اجتماع المنظمة الإفريقية للمترولوجيا.
وكان موقع «بلومبرج»، نقل عن وزير التموين بحكومة الانقلاب، الخميس الماضي، أن مصر تجري محادثات مع الإمارات للحصول على تمويل بقيمة 400 مليون دولار لمساعدتها في شراء القمح، مضيفا أن التمويل سيأتي من صندوق أبوظبي للتنمية عبر شرائح تبلغ قيمتها 100 مليون دولار، دون أن يحدد موعد إتمام هذا الاتفاق في حينه.
و«الظاهرة» هي شركة إماراتية مملوكة للشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في المنطقة الغربية بأبو ظبي، وهي متخصصة في زراعة وإنتاج الأعلاف وتوريدها إلى هيئة التحكم الإماراتية المسؤولة عن الأمن الغذائي للإمارات، وتستحوذ شركة الظاهرة في مصر على 116 ألف فدان موزعة بين توشكى وشرق العوينات والصالحية والنوبارية.
وواجهت الشركة، في عام 2011، دعوى قضائية من المركز المصري للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، وذلك للحصول على حكم ببطلان العقد الخاص بمساحة 100 ألف فدان تملكها الشركة في توشكى باعتباره إهدارا للمال العام وبيعا للأراضي بغير ثمنها الحقيقي، حيث بيع الفدان بمبلغ 50 جنيها، بينما بلغ متوسط سعره وقتها مبلغ 11 ألف جنيه، بحسب تقارير المركز، وأصدر مجلس الدولة وقتها فتوى ببطلان العقد، لكن لم تستكمل النيابة العامة التحقيق في القضية ليغلق الملف دون حكم.
تزايد المشكلات
وجاء اتفاق وزارة التموين مع صندوق أبوظبي للتنمية وشركة الظاهرة، بالتزامن مع مجموعة من الضغوط التي تواجهها مصر في توفير الحبوب اللازمة لها، من ارتفاع أسعار القمح عالميا بنحو 9% نتيجة لانسحاب روسيا من اتفاقية تصدير الحبوب الأوكرانية، الاثنين الماضي، فضلا عن انخفاض الكميات الموردة من القمح المحلي داخليا، ما دفع الحكومة للتعاقد لاستيراد كميات من القمح في ظل نقص حاد في السيولة الدولارية تواجه مصر حاليا، بما يؤثر على جميع الجهات بما فيها هيئة السلع التموينية.
وبلغ إجمالي الديون المصرية للجانب الروسي 320 مليون دولار منها أكثر من 167 مليون دولار على هيئة السلع التموينية، وذلك بحسب خطاب من مدير إدارة التعاون الدولي وتنمية الصادرات الروسي إلى رئيس مجلس إدارة اتحاد مصدري الحبوب بوزارة الزراعة الروسية، وتحتاج الحكومة سنويا تسعة ملايين طن من القمح لسد احتياجات منظومة الخبز المدعوم.
ووفق مراقبين فإن تصريح وزير التموين باللجوء للاقتراض من الشركة الإماراتية بـ100 مليون دولار، وصول الحالة الاقتصادية لمراحل أكثر سوءا، وأنها دليل على أن البلاد على مشارف الإفلاس.
وكتب الحقوقي بهي الدين حسن: "حتى رغيف خبز المصريين، انتقل لبورصة التسول".
أما الناشط ماجد عبيدو فقد علق قائلا: "لسه مستلفين 400 مليون دولار من الإمارات عشان القمح، مع الـ500 مليون اللي تحت، كدا طار 900 مليون دولار من 1900$ اللي باعوهم في شهور وعملوا ليهم مؤتمر عالمي، ما فيش بديل عن إصلاحات هيكلية حقيقية وليس كلام مؤتمرات".
أما "سيف" فقال: "حتى الغذاء أصبح السيسي عاجز تماما عن تدبيره، معناه إنه خرب البلد ودمر الاقتصاد، وليس له إلا حل واحد، أنتم عارفينه، بس الناس تتحرك".
وواصل مغردون السخرية من حال السيسي قائلين: "يعني هو بيصدر الغاز لإسرائيل بقرش وبعدين يشتريه بقرشين، وجبنا جون في نفسنا، والآن القمح في أرضنا وهانستلف علشان نشتريه من الإمارات، وجبنا جون تاني في نفسنا، طب عايزين نبيع أراضي الأرز للروس ونرجع نشتريه ونبقى هاتريك".
وهكذا تواجه مصر مخاطر الافلاس بصورة غير مسبوقة، بتقزم دور الدولة التي باتت أقرب لمتسول من الإمارات وقطر والسعودية.