إعلان روسيا وقف العمل باتفاقية تصدير الحبوب مع أوكرانيا عبر البحر الأسود، كشف عن المآسي التي يعيش فيها الشعب المصري، بسبب تخبط نظام الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي وإفلاسه وفشل سياساته، ففي الوقت الذي يهدد القرار الروسي بتوقف القمح المورد إلى مصر من روسيا وأوكرانيا تراجع حجم توريدات المزارعين من القمح المحلي لحكومة الانقلاب هذا الموسم بنسبة كبيرة مقارنة بالموسم الماضي، بسبب انخفاض المساحات المزروعة بالقمح وانخفاض أسعار التوريد مقارنة بأسعار السوق .
من ناحية آخرى تواجه حكومة الانقلاب أزمة مستعصية تتعلق بتراجع الموارد الدولارية لدرجة أنها أعلنت أنها تتفاوض مع عيال زايد في الإمارات للحصول على قرض بقيمة 400 مليون دولار لاستيراد الحبوب، ما يعني أن رغيف الخبز الذي يأكله المصريون أصبح يتحكم فيه عيال زايد.
أزمة القمح مرشحة للتصاعد خلال الأيام المقبلة، وقد تتسبب في اندلاع ثورة ضد نظام الانقلاب الدموي لإسقاط عصابة العسكر وتحرير مصر من قبضة العصابة واسترداد كرامة المصريين التي ضيعها الانقلاب .
توريد القمح
كانت وزارة تموين الانقلاب قد اعترفت بانخفاض معدلات توريد القمح المحلي بصورة ملحوظة هذا الموسم، رغم الإعلان عن رفع حافز التوريد للمزارعين وصرف المستحقات المالية خلال يومين فقط، بغرض تحفيز الفلاحين على توريد المحصول.
ومع تراجع التوريد اضطر علي مصيلحي وزير تموين الانقلاب إلى إصدار قرار بغلق المواقع التخزينية للجهات المسوقة، وذلك لانخفاض الكميات الموردة من القمح المحلي.
وأرجعت مصادر انخفاض معدلات التوريد إلى انخفاض مساحات القمح المزروعة هذا الموسم والتي بلغت 3.2 مليون فدا، بينما المستهدف كان زراعة 4 مليون فدان لتقليل الفجوة بين الإنتاج المحلي والاستيراد.
في هذا السياق أعلن نظام الانقلاب أنه يجري محادثات مع عيال زايد في الإمارات للحصول على تمويل قيمته 400 مليون دولار لمساعدتها على شراء القمح، بعدما أثقل ارتفاع أسعار الحبوب كاهل ميزانية العسكر.
ونقلت وكالة بلومبرج عن وزير التموين الانقلاب علي مصيلحي قوله: إن “نظام الانقلاب سيواصل استيراد القمح الأوكراني حتى بعد انهيار الاتفاقية التي دعمتها الأمم المتحدة”.
وكشف مصيلحي أن التمويل سيأتي من صندوق أبوظبي للتنمية عبر شرائح تبلغ قيمتها 100 مليون دولار، لافتا إلى أن مصر، أحد أكبر مستوردي القمح في العالم، تخطط لمواصلة استيراد القمح الأوكراني عبر أوروبا وفق تعبيره .
ارتفاع الأسعار
حول هذه الأزمة أكد الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالنبي عبدالمطلب وكيل وزارة التجارة والصناعة الأسبق، أن توقف اتفاق الحبوب عبر البحر الأسود أدى إلى ارتفاع الأسعار العالمية للحبوب والمحاصيل الغذائية والزيوت بنسب تتراوح بين 5% إلى 10%.
وأكد عبدالمطلب في تصريحات صحفية أن ارتفاع الأسعار العالمية سوف يزيد فاتورة المدفوعات المصرية للحصول على الغذاء والقمح، مشيرا إلى أن حكومة الانقلاب تحاول حاليا الحصول على مصادر متنوعة للقمح، لكن هذا لن يمنع ارتفاع الأسعار في مصر.
وتوقع أن يظهر تأثير الأزمة بعد ثلاثة أشهر قادمة، حيث إن مصر لديها حاليا إنتاج محلي يكفيها نحو ستة أشهر، والإنتاج المحلي من القمح يملأ صوامع حكومة الانقلاب ويملأ صوامع الفلاحين أيضا، إضافة إلى ذلك أن محصول الذرة في طريقه إلى النضج والحصاد خلال عدة أسابيع، ولكن بالطبع رغم ذلك سترتفع الأسعار.
وأوضح عبدالمطلب أن دولة العسكر كانت تستطيع تقديم بعض المزايا العينية للمزارعين بما يمكنهم من تغطية تكاليفهم، وفي نفس الوقت عدم رفع الأسعار أو انخفاض معدلات التوريد لمحصول القمح.
وأشار إلى أن انخفاض الكميات الموردة سيؤدي إلى زيادة معدلات الاستيراد لسد الفجوة، حيث إن توريد القمح المحلي سيسد جزءا يبلغ 55 أو 60% من إجمالي الاستهلاك المحلي والباقي عن طريق الإمدادات الخارجية، محذرا من أن نقصان الكميات وارتفاع أسعار القمح قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الدقيق والخبز والحلويات والسندوتشات وغيرها من المنتجات المصنعة من القمح.
أزمة غذاء
وقال خبير الاقتصاد السياسي، علي الإدريسي: إن “من تداعيات تلك الأزمة أن تعود أزمة الغذاء للتفاقم مجددا، وأن نشهد موجة جديدة من ارتفاعات أسعار الغذاء على مستوى العالم بما يساهم في ارتفاع التضخم كذلك، لافتا إلى تضرر المصريين إذا ارتفعت أسعار المنتجات الزراعية”.
وأوضح “الإدريسي” في تصريحات صحفية أن ارتفاع معدلات التضخم وتراجع سعر صرف عملات العديد من الأسواق الناشئة خلال الأشهر الماضية ومن بينها مصر، هذا يرفع من تكلفة استيراد الحبوب بجانب ارتفاع أسعارها، مما يتسبب في التأثير على الدول المستوردة للحبوب، ومصر من أكبر الدول المستوردة للقمح على مستوى العالم.
أوكرانيا
في المقابل قال أحمد العطار رئيس الحجر الزراعي المصري: إن “انسحاب روسيا من اتفاق الحبوب قد يؤثر على كميات القمح الصادرة عن أوكرانيا، وبالتالي يؤثر ذلك على الكميات المتاحة بالأسواق العالمية، ومن ثم يتسبب هذا الأمر في ارتفاع الأسعار مجددا خاصة القمح والذرة” .
وأوضح “العطار” في تصريحات صحفية أنه منذ بداية الحرب في أوكرانيا، اعتمدت حكومة الانقلاب أكثر من 22 منشأ لدى الحجر الزراعي المصري لاستيراد القمح، حتى نتفادى التداعيات السلبية لهذه الأزمة قدر الإمكان .
ولفت إلى أن أوكرانيا من الدول البارزة في تصدير القمح والذرة، وبالتالي فالتأثير سيكون على مستوى أسعار المنتجات الزراعية، والكميات المعروضة عالميا خاصة المعروضة من أوكرانيا.
وحول موقف مصر من الأزمة، شدد “العطار” على أن هذا القرار لن يؤثر على توافر الكميات المطلوبة من القمح أو الأعلاف أو الحبوب الأخرى الواردة إلى مصر، لأن هناك مناشئ معتمدة متعددة نستطيع الاستيراد منها لحين انتهاء تلك الأزمة وعودة الأوضاع لطبيعتها .
وأضاف: استيراد شحنات القمح أو الذرة يكون عبر شركات موردة لصالح هيئة السلع التموينية أو القطاع الخاص، ويتمثل دور الحجر الزراعي في فحص الشحنات في بلد المنشأ أو بعد وصولها للموانئ المصرية .