كما حدث مع الأرز والقمح والذرة والفول.. عشوائية الإدارة تدفع البصل لأزمة غير مسبوقة

- ‎فيتقارير

تتواصل أزمات المصريين الطاحنة التي تؤثر على غذائهم واستقرارهم المعيشي، وبعد ارتفاع أسعار الأرز والبنجر والفول والذرة، جاء الدور على البصل الذي يعد من أسس المطبح المصري، ويعتمد عليه كل الشعب المصري في طعامه.

ووسط توقعات بارتفاع أسعار البصل خلال الموسم المقبل، تأثرا بالزيادة الحالية في أسعار التقاوي التي سجلت 200 ألف جنيه للطن، مقابل 50 ألف جنيه العام الماضي، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار أنواع الشتلات التي تُزرع في فواصل العروات، من 10 آلاف جنيه العام الماضي إلى 33 ألف جنيه حاليا.

ويبدأ موسم البصل سنويا في أغسطس بزراعة التقاوي التي تنتج شتلات يستخدمها المزارعون، بدءا من نوفمبر وديسمبر، على أن يبدأ حصاد المحصول في أبريل أو مايو التالي.

 

التقاوي نار

وجاء إثر عزوف المزارعين وأصحاب محطات إنتاج الشتلات عن الزراعة، بعد الخسائر التي تكبدوها الموسم الماضي نتيجة انخفاض أسعار بيع البصل، تأثرا بزيادة المساحات المنزرعة، في ظل غياب أي خطط حكومية أو بيانات استرشادية للمزارعين والمصدرين حول حجم الاحتياج المحلي أو العالمي.

كان نقيب الفلاحين، حسين أبو صدام، قد توقع، في فبراير الماضي، تقلص المساحة المزروعة بمحصول البصل هذا العام مقارنة بالموسم السابق، مشيرا إلى تكرار أزمات البصل، وغيره من المحاصيل، بشكل دوري نظرا لغياب دور وزارة الزراعة في تنظيم العملية الزراعية، فيه سنة التصدير يزيد، وسعر البصل يرتفع في السوق المحلي، السنة اللي بعدها المزارعين كلهم يزرعوه، والسوق يغرق، وبالتالي السعر يقل، السنة اللي بعدها ما حدش يزرع بصل خالص والسعر يعلو، وهكذا»، حسبما قال لـ«مدى مصر».

ووفق أحد المراقبين الزراعيين، فإن الخسائر كانت من نصيب المزارعين فقط، الذين اضطر بعضهم للتضحية بمحصول البصل وحرثه في اﻷرض بدلا من حصاده بعدما وصل سعر الكيلو إلى 50 قرشا، ما يتجاوز سعر عمالة الحصاد، موضحا أن التجار والمصدرين اشتروا البصل بتراب الفلوس من المزارعين، وخزّنوه وصدّروه وكسبوا فيه والمُزارع هو اللي خسر، علشان كده قرر ما يزرعش السنة دي.

بالتزامن مع انخفاض أسعاره الموسم الماضي، توسعت مصر في تصدير البصل، والبصل المجفف، منذ مطلع العام الجاري، لترتفع صادراته في الشهور الخمسة الأولى من العام بنسبة 128% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفقا لبيانات رسمية من وزارة الزراعة.

وأدت زيادة معدلات التصدير لزيادة  أسعار البصل محليا، ليصل إلى 20 جنيها للكيلو حاليا، مقابل 2.25 جنيها في نفس الوقت من العام الماضي.

وتتزايد المحاوف من أن يؤدي استمرار التصدير بالمعدل نفسه إلى ارتفاع أسعار البصل ليتجاوز 30 جنيها خلال الشهور المقبلة، خاصة مع زيادة الطلب بشكل قياسي على المحصول المصري في الأسواق التصديرية، مثل هولندا وإسبانيا وسلوفينيا ورومانيا، وحتى باكستان والهند اللتين كانتا منافس أساسي لمصر في تصدير البصل، حتى بدأتا في استيراد البصل المصري بعد تلف جزء كبير من محصول البصل لديهما بسبب السيول.

وزاد من الإقبال على البصل المصري مع تضرر الأراضي الزراعية في أوكرانيا، أحد منتجي البصل الأساسيين في أوروبا، بعد الغزو الروسي، فيما تضرر المحصول الروسي بفعل موجات الصقيع.

كما أن التوقعات تُشير إلى انخفاض كبير في المعروض والمخزون من البصل، رغم انتهاء موسم الإنتاج قبل أقل من شهرين فقط، متخوفا من اضطرار الحكومة لاحقا إلى استيراد البصل لسد الاحتياج المحلي، في ظل أزمة شُح العملة الصعبة.

كما تشير التقديرات لاحتمالية اللجوء لحظر تصدير البصل في المستقبل القريب، وهي الخطوة التي ستؤثر سلبا على العاملين في التصدير، وعلى تدفق العملة الصعبة.

وتؤكد أزمة تقلبات أسعار البصل حجم العشوائية التي تتمتع بها إدارة السيسي، وتهدد الأمن الغذائي وحياة المصريين.

فبدلا من تحقيق الاستقرار والاكتفاء الذاتي من السلع الأساسية، يعبث السيسي بقراراته وسياساته، وفق أهواء وأمزجة ومصالح  المقربين منه ورجال أعماله وشركات العسكر، التي باتت تحتكر كل شيء، وهو ما ينعكس سلبا على حياة المصريين.