جريمة جديدة للداخلية.. رفض أن يكون مرشدا لقسم دار السلام فقتلوه

- ‎فيتقارير

كشفت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، الاثنين 7 أغسطس 2023م، عن مقتل المواطن رامي حسين في قسم شرطة دار السلام بالقاهرة، نتيجة التعذيب.

الجريمة الوحشية كشفها محمد حسين شقيق المواطن الضحية؛ حيث نشر عدة تدوينات  على حسابه الخاص بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" مرفقة بصورة لشقيقه القتيل محمولا على نقالة، فيما يسيل الدم من رأسه حيث كتب: "قسم دار السلام قتل أخويا"، و"رامي أخويا اتقتل. قسم دار السلام قتله (…)"، و"ذنبه إيه عشان يتقتل. عشان مرديش يرشد. حسبنا الله ونعمه الوكيل".

وجاء إعلان الشبكة الحقوقية بناءً على ما رصدته من إعلان شقيقه، مؤكدة "وفاة المواطن رامي حسين داخل حجز قسم دار السلام، نتيجة التعذيب المفضي إلى الموت، بسبب رفضه العمل مرشداً للأمن". ويُعَدّ رامي حسين حالة الوفاة الأولى في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة في مصر في شهر أغسطس الجاري. ويرتفع بوفاته عدد الوفيات هذه منذ مطلع عام 2023 إلى 23 وفاة، نتيجة الإهمال الطبي، وسوء أوضاع الاحتجاز أو التعذيب.

وتأتي هذه الجريمة بعد يومين فقط من مقتل المواطن خلف عبدالرازق (أب لسبعة أطفال) ويقيم في قرية شلقام التابعة لمركز بني مزار بمحافظة المنيا في صعيد مصر، رميا بالرصاص على يد ضابط شرطة على خلفية مشادة كلامية أثناء مشاركة الضابط  في حملة تنفيذ أحكام في قضية إيصال أمانة تخص المواطن الضحية. وحسب شهود عيان فإن الضابط لم يتحمل اعتراض المواطن المسكين على الطريقة التي تتعامل بها الشرطة مع المواطنين فأخرج سلاحه الميري وأطلق الرصاص على المواطن المسكين فأرداه قتيلا في الحال وسط دهشة وغضب بين المواطنين. وأظهر مقطع فيديو متداول عبر موقع "فيسبوك" رفض الأمن تسليم جثمان الضحية إلى ذويه، وهو ما اضطر الأهالي إلى التجمهر أمام مركز شرطة بني مزار بالمنيا، والاشتباك مع قوات الشرطة، وسط صرخات أهل المتوفى.

ويتهم كثيرون زعيم الانقلاب عبدالفتاح السيسي بالتسبب في كل هذه الجرائم مذكرين بالتسريب الذي بثته شبكة رصد في 3 أكتوبر 2013م، للسيسي وسط ندوة مع عدد من الضباط حيث طمأنهم بأن الضابط الذي يطلق الرصاص أو الخرطوش أو الغاز وتسبب في قتل أي مواطن أو إصابته فإن هذا الضابط لن يقدم للمحاكمة.

وكثرت جرائم القتل على يد الضباط هذه الأيام؛ وهو أمر يدعو إلى الذهول والدهشة لأنه  أجهزة النظام وعناصره أصيبت بالسعار على المواطنين فأي مشادة كلامية لا يتورع الضابط عن إخراج سلاحه الميري وإطلاق الرصاص على المواطنين وقتلهم عمدا  مع سبق الإصرار والترصد. وهم حين يفعلون ذلك فإنهم يثقون أنهم في مأمن من أي محاكمة أو مسئولية وتحت حماية النظام نفسه.

شيء آخر يدعو للذهول، هو حالة الضباط سواء في الجيش أو الشرطة؛ إذ يفترض فيهم السلامة النفسية، لا سيما وأن مصر تمتلك خزانا بشريا هائلا  يسمح بحسن الاختيار لكن يبدو أن تفشي المحسوبية والرشاوي والتوريث تسببت في عدم اختيار أفضل الأفراد نفسياً وجسدياً وتعليمياً؛ لأنهم ببساطة ليسوا أبناء قيادات نافذة بالدولة أو رجال أعمال قادرين على دفع الرشاوي المطلوبة لاختيارهم ضباطا في الحربية أو الشرطة أو حتى السلك القضائي والدبلوماسي فهذه المناصب محجوزة حصرا على أبناء طبقة معينة وحرام كل على المصريين.

 ونظراً لقلة الأعداد في الكليات العسكرية، سواء التقليدية أو الفنية أو الطبية، فمن المفترض أن يكون الضابط في أعلى درجات اللياقة النفسية والجسدية والمهنية، وأن يكون مثالاً للشرف في أعلى درجاته، و هو ما يتوقعه المواطنون في شتى الدول، أن يكون ضباطهم هم المثل الأعلى للتكوين المهني، لكن  ما نراه ونعاينه كل يوم من جرائم  وسلوك طائش من الضباط؛ فمن الواضح أن المعيار الوحيد لاختيار الضباط هو  مدى الولاء للنظام  لولاء الشخص وولاء عائلته، ولا يؤخذ في الاعتبار مطلقا النواحي النفسية في الاختيار أو الترقي داخل المؤسسة العسكرية أو الشرطية، مما يعني وجود ضباط قابلين للانفجار النفسي أو الانهيار بسبب أي محفزات أو مؤثرات خارجية وهو عين ما جرى مع ضابط الجيش الذي دهس بسيارته أسرة جيرانه كاملة فقتل الزوجة الطبيبة الصيدلانية وأصاب زوجها وأبناءها الثلاثة؛ لمجرد أن أحد الأطفال خدش سيارة السيد الضابط!

 بناء على تلك الملاحظات، فإن ضباط الجيش والشرطة إجمالاً يتجرعون ثقافة مؤسسية تبث داخلهم شيء من التفوق "العنصري"على الأفراد المدنيين، مهما كانت مستويات الآخرين الاقتصادية أو التعليمية أو الاجتماعية، بالتالي نحن المدنيين في نظرهم إما فاسدون أو منحلون أو "خرعون" أمام آلهة الكمال الشرطية أو الحربية، والذي لا يخفى على أحد كيف تحصل أغلبهم على وظائفهم العسكرية، سواء استغلال لصلات ونفوذ عائلي أو محسوبيات وربما رشاوى.  لكل هذه الأسباب فإن مصر تحتاج إلى إعادة بناء كاملة في كافة قطاعات الدولة وتطهير كبرى المؤسسات كالجيش والشرطة والقضاء والإعلام والجهاز الإداري للدولة؛ وهذه جهد جبار ومعركة قد تستمر لسنوات وسنوات بعد التخلص من نظام الدكتاتور عبدالفتاح السيسي وحكم العسكر إلى الأبد؛ لإقامة دولة حقيقية يتمتع فيها الشعب بالسيادة والمؤسسات والأجهزة بالانضباط والإذعان المطلق للحكومة المنتخبة بإرادة  الشعب الحرة، تحت حكم الدستور والقانون المقرر من الشعب وفق أدوات الديمقراطية الحقيقية والشفافة والنزيهة.