"إسرائيل تخشى من نوع جديد من الإرهاب.. الإحراق عمدًا"، هكذا تعاملت الصحف الصهيونية مع موجة الحرائق الكبيرة التي اشتعلت في عدة ارجاء بالدولة الصهيونية، وقدرت عدد الأماكن التي اندلعت فيها النيران منذ يوم الثلاثاء الماضي، بأكثر من 220؛ منها 189 حريقًا في مناطق مفتوحة.
وأجبر الحريق في حيفا، 65 ألف مستوطن صهيوني على ترك المدينة، فيما جرى إخلاء 12 حيا بعد أن وصلت النار إلى مشارفها، كما تحدثت المصادر الطبية عن إصابة ما لا يقل عن 100 شخص نتيجة استنشاق الدخان.
الحديث الصهيوني عن "تعمد" إشعال الحرائق، وتأكيد القادة الصهاينة على ذلك، أعاد للأذهان أسلحة المقاومة العبقرية المتجددة، بداية من "الحجارة" ثم "السكين"، ثم "البندقية"، فدهس المستوطنين وجنود الاحتلال بالسيارات، وقد يكون "الحرق" هو السلاح الجديد للمقاومة.
هذا السلاح ليس جديدا، وسبق أن اندلعت موجة حرائق عام 2014، قرب مناطق المستوطنين في غابة "عين كارم" التي تقع على حدود القدس قرية أبوغوش احترق 500 دونم من الغابة (الدونم مقياس عثماني يساوي 1000 متر مربع والفدان يعادل 4.2 دونم تقريبًا)، ولكن حرائق هذا العام أشد وأنكى.
دائرة الحرائق التي تتسع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تسببت في حرق آلاف الدونمات، وإخلاء عشرات آلاف الصهيونيين وإصابة نحو مائة وخمسين آخرين بحالات اختناق، وتصرخ دائرة الإطفاء الصهيوني من أنها على وشك الانهيار رغم قيام 8 دول عربية وأجنبية، إضافة للسلطة الفلسطينية، بالمشاركة في الأطفاء.
وتشارك طواقم إطفاء وطائرات تابعة لسلطات الاحتلال، والسلطة الفلسطينية، و6 دول أجنبية هي (اليونان، إيطاليا، كرواتيا، روسيا، قبرص وتركيا) في إخماد الحرائق. وقد ذكرت وسائل إعلامية عبرية، أن مصر والأردن ستنضمّان لقافلة الدول المشاركة في تقديم المساعدة لإسرائيل في عمليات إخماد الحرائق الهائلة المندلعة في الأراضي المحتلة، منذ عدة أيام.
وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي أوفر جندلمان، الجمعة، إن بنيامين نتنياهو "قبل عرض مصر والاردن للمساعدة في عمليات إطفاء الحرائق المشتعلة في إسرائيل"، وأن "مصر سترسل مروحيتين"، والأردن سيرسل سيارات إطفاء.
ووصفت صحيفة جيروزاليم بوست المساعدة المصرية والأردنية بأنها "بادرة حسنة من دول الجوار".
اتهامات للمقاومين العرب وبسبب قناعات تولّدت لدى جهازي الشرطة والمخابرات الإسرائيلية العامة "شاباك"، قالت مصادر إعلامية عبرية أنه تم فتح تحقيق في "سلسلة الحرائق المندلعة" في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ أربعة أيام، لتوقعهم أن عددا كبيرا من هذه الحرائق تمت "بفعل فاعل".
فرئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، وعددا من وزرائه، رجّحوا بأن تكون بعض الحرائق "مفتعلة ومتعمدة"، وألقى باللوم في إشعال بعض الحرائق على من قال انهم "إرهابيين"، وقال إن من يحاول أن يحرق أجزاء من إسرائيل سيعاقب على ذلك بشدة.
ووزير "الأمن الداخلي" الإسرائيلي، جلعاد أردان، توعّد بملاحقة من وصفه بـ "المحرضين على الحرائق" عبر شبكات التواصل الاجتماعي، والقناة السابعة في التلفزيون العبري، قالت "إن هناك شكوكا بأن تكون خلايا فلسطينية هي من تقف وراء سلسلة الحرائق في إسرائيل".
ومفوض الشرطة الإسرائيلية، روني الشيخ، قال إن "بعض الحرائق اشعلت على خلفية قومية"، مشيرا إلى اعتقال عدد من المشتبه بضلوعهم في عملية إشعال النيران، دون ذكر المزيد من التفاصيل.
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" على موقعها الإلكتروني، أن قوات الشرطة الإسرائيلية تمكنت من اعتقال أحد المشتبه بهم في إضرام النيران بمستوطنة "بيت مائير"، وإحراق عشرة منازل على الأقل، فيما زعمت صحيفة "معاريف" العبرية، عثور الشرطة على "ولاعات" للسجائر في بعض أماكن اندلاع الحرائق داخل الأراضي المحتلة.
تحريض صهيوني علي العرب ومع استمرار الحرائق في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عدة أيام، تحاول أوساط إعلامية إسرائيلية استغلال هذا الحادث، بشكل أو بآخر، للتحريض ضد المواطنين الفلسطينيين في الداخل المحتل.
وزاد من شكوك الصهاينة أنها متعمدة وسلاح جديد للمقاومة، أن وسائل إعلام عبرية نشرت تقارير استعانت فيها بتدوينات ومنشورات لنشطاء فلسطينيين على شبكات التواصل الاجتماعي، قالت إنها "تؤكد فرحة العرب بالحرائق في إسرائيل".
وشنت بعض وسائل إعلام عبرية مقربة من الأحزاب اليمينية، حملة ضد فلسطيني الداخل عامة، وضد فلسطينيي مدينة حيفا (شمالي فلسطين المحتلة عام 48)، على وجه الخصوص؛ حيث نشرت تقارير استعانت فيها بتدوينات ومنشورات لنشطاء فلسطينيين على شبكات التواصل الاجتماعي، قالت إنها "تؤكد فرحة العرب بالحرائق في إسرائيل"، الأمر الذي اعتبرته أوساط فلسطينية بمثابة تحريض ضد الجماهير العربية في الداخل.
ونقلت القناة السابعة في التلفزيون العبري عمن وصفته بأنه خبير في شئون الشرق الأوسط، ديفيد بوكاي، قوله إنه فر برفقة عائلته من منزله في "حي الهدار" بحيفا، والذي تعرض للحريق، تاركا وراءه كل شيء.
ورد سبب ما يجري في حيفا اليوم، إلى "القبول بوجود عرب في المدينة"، منتقدا الدعوات التي كانت تدعو إلى التعايش المشترك بين العرب واليهود في المدينة، حسب مزاعمه.
وقال بوكاي "اليوم تلقينا جوابا على سؤال (ما هو هذا التعايش؟)"، متسائلا "أين هم أولئك الذين يقولون إن العرب يحبون أرض إسرائيل؟".
وطالب بوكاي بوقف ما قال إنها "حملة تحريض" يقودها -حسب زعمه- النواب العرب في البرلمان الإسرائيلي الـ"كنيست"، على خلفية قانون "منع الأذان"، كما دعا إلى حل الأحزاب العربية في الداخل.
ووصف الحاخام اليهودي الأكبر في مدينة صفد، شموئيل إلياهو، موجة الحرائق التي تجتاح الأراضي المحتلة، بـ"حالة حرب في إسرائيل يشنها إرهابيون"، حسب تعبيره.
ولكن رئيس "القائمة العربية المشتركة" النائب أيمن عودة، قال "الحرائق طالت تجمعات سكانية عربية أو اقتربت منها مثل أم الفحم، شعب وأبو سنان"، نافيا بذلك التحريضات الصهيونية على فلسطينيي الأرض المحتلة 48.
واعتبر أن الاتهام الفوري للفلسطينيين بالمسئولية عن الحرائق التي نشبت في 220 موقعا داخل أراضي الـ48، "يذكر باللاسامية في أوروبا؛ حيث كانوا يتهمون اليهود بحرق الأحراش وتسميم الآبار"، حسب تقديره.
الحركة الإسلامية تأوي اليهود ورغم التحريض الصهيوني، استضافت عائلات عربية من فلسطينيي الأرض المحتلة عام 1948 عائلات يهودية في منازلهم، كما أعلنت الحركة الإسلامية في كفر قاسم (الجناح الجنوبي المنقسم عن الجناح الشمالي لحركة الشيخ السجين رائد صلاح) عن غرفة طوارئ لتنظيم وتنسيق الجهد الإنساني والإغاثي لاستقبال "العائلات" في بيوتهم أو في مراكز إيواء كالمساجد والقاعات والمؤسسات المحلية.
ولم تحدد الحركة المقصود بكلمة "العائلات"، وهل المقصود الفلسطينية أم اليهودية، علما أن المتضررين هم العائلات اليهودية، وتحدثت الحركة عن التواصل مع العائلات التي تحتاج إلى المساعدة في المأوى والإغاثة الأولية.
ولكن منصور عباس، نائب رئيس الحركة الإسلامية في إسرائيل (الجناح الجنوبي)، قال لوكالة الأناضول، إن "عشرات الإخوة من أهلنا (العرب) أبدوا استعدادهم لتقديم المساعدات وإيواء العائلات المتضررة العربية واليهودية دون تفرقة دينية أو قومية في بيوتهم".
والحركة الإسلامية (الجناح الجنوبي) ممثلة في الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي، خلافًا للحركة الإسلامية (الجناح الشمالي) برئاسة الشيخ رائد صلاح، التي ترفض التمثيل في الكنيست الصهيوني.
وأبدت عشرات العائلات العربية استعدادها لتقديم المساعدة والإيواء لليهود والعرب المتضررين من الحرائق المندلعة منذ 4 أيام وسط وشمالي البلاد.
ويقدر مكتب الإحصاء الإسرائيلي، عدد المواطنين العرب في إسرائيل، بأكثر من مليون و400 ألف نسمة، يشكلون نحو 20% من عدد سكان الاحتلال الإسرائيلي البالغ 8 ملايين ونصف محتل صهيوني.
إسرائيل تحترق لمنعها الأذان وأطلق مصريون وعرب هتشاج (#إسرائيل_بتولع)، و(#إسرائيل_تحترق) على مواقع التواصل الاجتماعي، تعبيرا عن فرحتهم بحرائق اندلعت، منذ الثلاثاء الماضي، في أنحاء مختلفة بالدولة الصهيونية، معتبرين أن ما حدث "عقاب من الله بسبب منع تل أبيب رفع الأذان في المساجد عبر مكبرات الصوت".
وأعرب العديد من التعليقات عن الفرحة واعتبار ما جرى غضبا إلهيا، مستشهدين بآية قرآنية تنص على عن حرمانية منع مساجد الله، فيما انتقد عرب آخرون هذه الرؤية، معتبرين أن المقاومة هي السلاح الذي يتم به حرق العدو وإجلاؤه.
وبعد تصدر هاشتاغ #إسرائيل_تحترق موقع تويتر في عدة دول عربية، ردت حسابات رسمية إسرائيلية على تويتر على ما سموه "الشماتة" فيما وقع في إسرائيل.. واستشهد حساب "إسرائيل بالعربية"، الرسمي، بآية من القران الكريم، من سورة الحجرات.
ورد المتحدث الرسمي بالجيش الإسرائيلي إفيخاي إدرعي، الذي دائمًا ما يشتبك في معارك كلامية مع متابعيه العرب، وكتب على حسابه الرسمي بتويتر تغريدة قال فيها إن "الحرائق تصيب الإنسان دون النظر لدينه أو عرقه".